تتزاحم الأحداث والرؤى والصور مع خبر صادم كرحيل الصديق الحبيب سليمان صالح الفهد، فهو التاريخ بذاته وقامته الفارهة وإطلالته المريحة الذكية بكل ما تعنيه من خير ومحبة وود للبشر.

Ad

أبو نواف، كما اعتدنا أن نناديه، أحد أهم شيوخ الكتابة كويتياً وعربياً وإنسانياً، له امتداد وحضور وانتشار من المشرق إلى المغرب، يحمل فكره ورؤيته الحانية والثاقبة إلى كل مكان، عاصر وزامل كثيرين من أصحاب الرأي والفكر، وأحبهم وأحبوه، وهو أهل للمحبة المطلقة، بدون شروط.

تزاملنا سوياً في محطات عدة، أغلبها كان في المحيط الإعلامي والفكري، وكان دائماً نهراً دافئاً ناقداً ساخراً، حتى من نفسه. ولربما كانت المحطة الأكثر قرباً وملامسة للبعد الإنساني، عملنا المشترك سوياً في قضية الأسرى والمفقودين والبحث عنهم، سواء خلال الجمعية الكويتية للدفاع عن ضحايا الحرب أو رابطة أهالي الأسرى والمفقودين، فقد كان أبو نواف من الصامدين أيام الغزو، وأصدر نشرته السرية ضد الغزاة، وكان من القلائل الذين وثقوا رؤيتهم للغزو بكتابين، وكان أن فقد ابنه نواف أسيراً ومفقوداً، رحمه الله.

قبل شهرين تقريباً جاءني اتصال من الصديق حمزة عليان يبلغني ببدء مشروع كتابة السيرة الذاتية لسليمان الفهد، حيث سيتم نشرها على حلقات في جريدة القبس، وبحكم قربي من أبي نواف طلب مني المساهمة الكتابية في المشروع، ولم يطل الوقت حتى اتصل أبو نواف بي للتأكيد على عدم التأخر، وكان أن أطلقت عليه اسم المشروع السليماني، وأعطاني بعضاً من لمحاته الساخرة مذكراً إياي بصديقنا العتيد شوقي حجاب، وتواعدنا على لقاء قريب في مصر، فكان أمر الله أن ينسحب أبو نواف بهدوء دون ضجة، ودون "سوالفه" المعتادة.

رحل شيخ الكتّاب عنا، ولكنه كعادته يظل في القلب والخاطر محفوراً، تاركاً وراءه إنتاجاً أدبياً مهماً، ومحبة لا حدود لها. ليرحمك الله أخاً وصديقاً وحبيباً، وليلهم زوجتك وأبناءك وأهلك ومحبيك، وأنا منهم، الصبر والسلوان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.