• البرازيل دولة من حافة الإفلاس إلى سابع أكبر اقتصاد بالعالم... خطط فريدة في الإدارة
• حكومتنا تفتقد القدرة على اتخاذ قرارات مهمة والإصلاح ليس أولويةخلال 10 سنوات تحولت البرازيل من دولة على حافة الإفلاس يرفض صندوق النقد منحها تسهيلات إلى سابع أكبر اقتصاد في العالم، لتقدم أحد أروع نماذج الإدارة العامة تجاه حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في بلد تفشى فيه الفقر والبطالة والجريمة.أعلنت البرازيل قبل أيام عزمها إلغاء ديون مستحقة على 12 دولة إفريقية بقيمة تصل نحو 900 مليون دولار، في إطار خطة لزيادة التمويلات المخصصة للقارة السوداء.البرازيل هذه الدولة، التي كانت قبل 10 سنوات فقط نموذجاً للفقر والجوع والبطالة، مما ادى الى انتشار الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات حتى لامست الإفلاس لعدم قدرتها على سداد دين خارجي كبير، باتت اليوم تصنف كسابع اكبر اقتصاد في العالم في منافسة شديدة مع اقتصادات عريقة كبريطانيا وفرنسا، بعد ان قدمت نموذجا للعالم في كيفية اعادة الاستغلال الأمثل للموارد الزراعية والمائية والنفط والمعادن المتنوعة، فضلاً عن السكانية التي تناهز 200 مليون نسمة.استطاعت البرازيل خلال فترة وجيزة ان تغير اقتصادها بعد ان نجحت في تغيير انماط الادارة لديها فكان لشخصية الرئيس السابق لولا دا سيلفا اثر كبير في التحول الاقتصادي الكبير الذي نقلها من دولة على حافة الافلاس الى دولة تعمل على اسقاط الديون عن دول اخرى فقيرة، حيث بلغ إجمالي ناتج البرازيل المحلي 2.45 تريليون دولار عام 2012، مما جعلها سابع أكبر اقتصاد في العالم في حين يتوقع ان يصل ناتجها المحلي عام 2017 الى 3.3 تريليونات دولار حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، في حين ان النمو المتوقع لاقتصاد البرازيل هذا العام يصل إلى 3.5%.مكاشفةكان برنامج دا سيلفا الاقتصادي قائما على المكاشفة والشفافية في طرح مشاكل الواقع ومخاوف المستقبل فشرع في تنفيذ برنامج تقشف في النفقات وفقا لخطة صندوق النقد الدولي بهدف سد عجز الموازنة ولم يتراجع رغم ضغط الطبقات الفقيرة عليه وهي الداعمة له في الانتخابات فاستمر في برنامجه، مما ادى الى خفض عجز الموازنة وارتفاع التصنيف الائتماني للبلاد وعادت الثقة للاقتصاد البرازيلي، وتلقت البرازيل نحو 200 مليار دولار استثمارات اجنبية مباشرة من 2004 حتى 2011، ودخلها ما يقرب من مليوني اجنبي للإقامة والعمل في 2011، وعاد نحو 1.8 مليون مهاجر برازيلي من الخارج، وبعد أن كان صندوق النقد يرفض إقراضها قبل نحو 10 سنوات بات اليوم مديناً للبرازيل بـ14 مليار دولار.بالطبع صاحَب هذا التقشف ثم توفير مناخ الاستثمارات فتح لمجال تطوير المشروعات الزراعية والصناعية والسياحية الصغيرة والمتوسطة، مما حل جانباً مهماً من مشكلات البطالة التي كانت تهدد امن البرازيل الاقتصادي والاجتماعي قبل سنوات قليلة.قد يتساءل البعض ما علاقتنا نحن في الكويت بالبرازيل واقتصادها ونموذج نجاحها؟الاجابة عن هذا السؤال تبرز من خلال النقاط التالية:- البرازيل قدمت من خلال لولا دا سيلفا نموذجا لكيفية التصرف مع الواقع الاقتصادي بكل شفافية واتخذت الاجراءات التي تقيها من الاستمرار في الوضع القائم وهذا بحد ذاته ما نفتقده بالكويت من جهة التحذيرات التي يطلقها العديد من المؤسسات المالية والاستشارية الدولية عن مخاطر الاستمرار في الانفاق كما هو بالوضع الحالي دون قدرة الحكومة على تغيير اي آلية تتعلق بتحديد سقف للإنفاق او تنمية الايرادات غير النفطية.- عام 2003 يعني الكثير لكل من البرازيل والكويت على حد سواء، فهو العام الذي بدأت فيه البرازيل خطة الاصلاح الاقتصادي وهو نفس العام الذي اطلقت فيه الكويت مشروعها للتحول الى مركز تجاري ومالي... ولنا ان نتخيل مدى النجاح هناك ومدى الفشل هنا!- البرازيل والكويت تسيران في اتجاه معاكس، فالأولى خرجت من التعثر الى الفائض والثانية تتراجع من الفوائض الى التعثر، بينما تعتبر اوجه الاصلاح الاقتصادي شبه متقاربة من حيث وجوب ترشيد الانفاق وإعادة الثقة بالشباب من خلال طرح وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة.تراجع المؤشراتلم تستطع الادارة الحكومية في الكويت خلال الفترة التي تحدثت فيها عن التحول الى مركز تجاري ومالي او الفترة التي قدمت فيها خطة التنمية ان تقدم نموذج نجاح واحداً في اي قطاع، بل ان المطلع على البيانات الاقتصادية الخاصة بالاقتصاد الكويتي سيلمس بوضوح تراجع العديد من المؤشرات كتراجع ترتيب الكويت عالميا في مؤشر التنافسية العالمي لعام 2012، الذي يعبر عن وجهات نظر رجال الأعمال في مقومات الاستثمار في الدول، من الترتيب الـ34 إلى الـ37، كما تراجع ترتيبها عربياً من الخامس إلى السادس، بينما حلت دول الخليج كلها في مراتب أفضل من ترتيب الكويت التي تذيّلت القائمة الخليجية.كذلك تتذيل الكويت القائمة الخليجية في مؤشر بيئة اداء الأعمال لتوقعات عام 2013، بعد ان تراجعت من الترتيب الـ77 الى الـ82 عالميا، حيث لم تسجل اي خطوة اصلاح اقتصادي تنعكس ايجابا على بيئة اداء الاعمال في الكويت.وأيضاً جاءت الكويت في الترتيب الـ61 عالميا (العام الماضي 59) في مؤشر رأس المال البشري المختص بقياس مستوى التعليم وارتباطه بسوق العمل، رغم انها من اكثر الدول في العالم التي تنفق على التعليم مقارنة بالناتج المحلي.كما حلت الكويت في الترتيب الـ62 على مستوى التجارة وانفتاح الأسواق (العام الماضي 60) وفي الترتيب الـ70 على مستوى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (العام الماضي 68).وحسب تقرير صادر من مؤسسة التمويل الدولية، فإن الكويت استقطبت خلال السنوات العشر الماضية استثمارات أجنبية بلغت حوالي ملياري دولار من أصل 300 مليار دولار استقطبتها دول مجلس التعاون الخليجي، في حين نجحت السعودية في استقطاب رؤوس اموال اجنبية بقيمة 154 ملياراً، والإمارات 75 ملياراً، وقطر 31 ملياراً، والبحرين 20 ملياراً، وعمان 18 ملياراً.لم تحقق البرازيل معجزة يستحيل تكرارها رغم صعوبة العمل والإنجاز، غير أنها وضعت القواعد الأساسية للإدارة السليمة وطبقت الخطط الاقتصادية لديها وفق النموذج الاداري السليم، ونحن في الكويت لا تنقصنا الخطط ولا الدراسات الاقتصادية التي تجعلنا نحقق ما نريد، الا ان ما يعوقنا بكل وضوح هو النموذج الاداري الفاشل الذي يدعم الولاء لا الكفاءة ويعتمد الحسابات السياسية على حساب البيانات الفنية، وهذا كله من علامات سوء الادارة المانعة للانجاز.
اقتصاد
تقرير اقتصادي: علة اقتصاد الكويت في أسلوب الإدارة... لنستنسخ التجربة البرازيلية
06-06-2013