فجر يوم جديد: أبطال من ورق!
سمعنا بحادثة القبض على الممثل الشاب محمد رمضان والتحفظ عليه داخل الحجز الانفرادي في قسم شرطة المرج برفقة اثنين من مساعديه قبل الإفراج عنهم بكفالة، وذلك بعد ضبطهم داخل سيارة الممثل وبحيازته فرد خرطوش وطلقات للعيار نفسه وطبنجة صوت وعدد من الطلقات عيار 9 ملم وصاعق كهربائي. تفجر هذه الحادثة أسئلة كثيرة حول الأسباب التي تؤدي إلى إهمال حفنة من الممثلين في الحفاظ على صورتهم أمام الرأي العام بوصفهم {شخصيات عامة} ينبغي أن تنأى بأنفسها عن مواضع الشبهات، الأمر الذي يدفع البعض أحياناً إلى الشعور أن بينهم من يتعمد الترويج لنفسه عبر أشكال من {البروباغندا} الرخيصة التي لا تليق، وتسيء غالباً، لصورة الفنان!أمر طبيعي وتصرف إنساني نبيل أن يهرع الفنان الكبير حسن حسني والمنتج كريم السبكي إلى زيارة رمضان، والسؤال عنه أثناء تواجده في قسم شرطة المرج، لكن لا ينبغي على الممثل الشاب أن يزهو ويطير فرحاً بقيام أعداد من {المسجلين خطر} بالتجمع أمام القسم بحجة التضامن معه، وهم يهتفون: {متخافش يا موته... إحنا معاك يا موته... إحنا وراك يا موته}، كما استفسروا عن إمكان التصوير معه، وانصرفوا بعد قرابة الساعة. فالأخ {عبده موته} يتصور أن ما جرى دليل على شعبيته، وأنه تحول {بين فيلم وضحاه} إلى نجم محبوب تخرج التظاهرات لمؤازرته وتهتف باسمه، غير مُدرك أنه، بقناعته تلك، على حافة النهاية، وأنه يصعد إلى الهاوية؛ فلا معنى، مُطلقاً في أن تتجمع حفنة من {المسجلين خطر} للمطالبة بالإفراج عنه، إلا إذا كانوا ينظرون إليه بوصفه {القائد} و}الزعيم} و}القدوة} و}المُلهم}، بينما الحقيقة أنه سبب في إفراز نتاج فني فاسد ونموذج اجتماعي خطر سيدفع المجتمع ثمنه غالياً في النهاية!
لم يرق لي أيضاً تدخل بعض الفنانين، وقيام أسماء أخرى بالتوسط لدى الأجهزة الأمنية للإفراج عن الممثل الشاب من قسم شرطة المرج، ما اضطر ضباط القسم إلى تلقينهم درساً في احترام القانون الذي ينبغي أن يُطبق على الجميع من دون تمييز؛ فالأمر المؤكد أن {عبده موته} استمرأ البلطجة التي قدمها في فيلم {الألماني} و{عبده موته}، لدرجة أنه يتأبط {الطبنجة} التي ظهر بها في فيلم {عبده موته}، ويشعر أنها تزيده ثقة في نفسه، وكان عليه أن يدفع الثمن من دون أن ينصب نفسه بطلاً قومياً أو يروج بين جمهوره بأنه ضحية تعنت من ضابط شرطة تملكته الغيرة من نجوميته! هنا تستعيد الذاكرة وقائع مماثلة لممثلين فات عليهم تقدير الموقف بالشكل الصحيح، ووضعوا أنفسهم في مواطن الشبهات؛ مثلما فعل الفنان الكوميدي سعيد صالح عندما تم ضبطه عام 1991، وهو يتعاطى المخدرات، وبدلاً من الاعتراف بخطئه في حق نفسه وجمهوره، بادر بالقول إن القبض عليه جاء نكاية فيه وانتقاماً منه لإصراره على الخروج عن النص في مسرحياته، ومناهضته للنظام السياسي في تلك الفترة!حاتم ذو الفقار ممثل مصري راهن عدد من المنتجين على أنه سيكون {الحصان الأسود} في السينما المصرية، وعقب تخرجه في المعهد العالي للسينما في القاهرة اختير لأداء عدد من البطولات، التي تخصص من خلالها في أدوار الشر، لكن أسهمه بدأت في التراجع عقب إدمانه {الهيروين} واقـتياده إلى السجن بعد القبض عليه بتهمة التعاطي والاتجار في المخدرات، وكغيره من المتورطين والمجرمين في حق أنفسهم، زعم أنه راح ضحية نوع من أنواع {تصفية الحسابات}!وقائع وحالات كثيرة لنجوم ومشاهير من الفنانين تم القبض عليهم، أو الزج بأسمائهم في قضايا أساءت لصورتهم كثيراً، فيما خيل للبعض منهم أنها أسهمت في توسيع رقعة جماهيريتهم، وزادت نسبة شعبيتهم، وربما جعلت منهم أبطالاً في الشارع العربي بينما الحقيقة التي تعاموا عنها عن عمد أنهم تحولوا إلى {أبطال من ورق}، بعدما اختفت أخبارهم ونشاطاتهم من الصفحات الفنية لتحتل صفحات الحوادث والجرائم، وليتهم اكتفوا بالإساءة إلى أنفسهم، وإنما تركوا جرحاً غائراً في جبين فنانين شرفاء آمنوا بأن للفن رسالة سامية وأن مهمته الارتقاء بالقيم والوجدان والأخلاق، وأن عليهم استثمار مواقعهم وشهرتهم في تنوير المجتمع، ووجدوا أنفسهم عُرضة للإساءة والتشويه والاضطهاد أحياناً بسبب جرائم وفضائح ارتكبتها حفنة من المتاجرين والمدعين، ممن انحرفوا برسالة الفن وابتذلوها، وكانت النتيجة أن تحول الفن على أيديهم إلى فن يدغدغ الحواس ويثير الشهوات ويُخاطب الغرائز ويُرسي النماذج السيئة؛ سواء كانت في صورة «عبده موته» أو «الألماني»... ومن على شاكلتهما!