أسعار العقارات السكنية الأميركية تصعد بسرعة قياسية
يتعين على المستثمر أن يدرك أن السوق يظل مثقلاً، وأن حبس الرهن في العديد من الولايات يظل معطلاً نتيجة إجراءات قضائية، وأن لدى البنوك الآلاف من المنازل ستجد طريقها إلى قنوات البيع.
مع الدعم الراسخ من جانب مجلس الاحتياط الفدرالي يستمر سوق الإسكان في اظهار مؤشرات على تحسن جوهري ملموس. وقد أظهرت معلومات نشرت في الأسبوع الماضي ارتفاع مؤشري اس أند بي وكيس شيلر بأسرع وتيرة منذ صيف سنة 2006، وذلك في يناير الماضي.وبينما تظل الأسعار عند ما يقارب الـ 30 في المئة أقل من معدلات ما قبل فقاعة المنازل فإن المؤشرات واستمرار الاتجاه الايجابي في مبيعات المنازل يشيران الى مزيد من التحسن في المستقبل، كما أن فريق الأبحاث الاقتصادي لدى باركلي يقدر تحقيق أسعار المنازل لزيادة قدرها ما بين 6 و7 في المئة هذه السنة. ولكن يتعين على المستثمر أن يدرك أن السوق يظل مثقلاً وان حبس الرهن في العديد من الولايات يظل معطلاً نتيجة اجراءات قضائية، وأن لدى البنوك الآلاف من المنازل سوف تجد طريقها الى قنوات البيع.وقد أظهرت بيانات مؤشر كيس– شيلر في يناير الماضي ارتفاع مركب المدن الـ10 بنسبة بلغت 7.3 في المئة عن معدلات الـ 12 شهراً الماضية، بينما ارتفع مؤشر الـ 20 مدينة 8.1 في المئة، وهي أسرع مستويات له منذ ما قبل انهيار أسعار المساكن. وعلى أساس سنوي أعلنت كل المدن أرباحاً في شهر يناير، في حين أظهرت 19 من الـ 20 مدينة تسارعاً مع تباطؤ في ديترويت التي حققت على الرغم من ذلك زيادة ثنائية الرقم.وقد غلب التفاؤل على رئيس المؤشر ديفيد بليتزر الذي أبرز في تعليقاته عودة الاتجاه عن مساره في نيويورك (بعد عامين من أداء سنوي سلبي) كما أشار الى بوادر قوة في الجنوب الغربي (فينكس و لاس فيغاس)، حيث كانتا مع سان فرنسيسكو الأشد أداء (كما كانت أيضاً الأكثر تأثراً بأزمة المنازل).وتعززت معلومات كيس– شيلر من خلال أرقام شهر فبراير الجديدة عن مبيعات البيوت والتي تشير الى اتجاه تصاعدي، وفيما هبطت تلك الأرقام بنسبة 4.6 في المئة لتصل الى 411000 ارتفعت مبيعات البيوت بنسبة 13.1 في المئة خلال الفترة من ديسمبر الى يناير، ما دفع محلل باركلي الى عدم توقع حدوث هبوط. وكان جيم بيرد من بلانت موران متفائلاً أيضاً، وقد لاحظ ان "الظروف تظل مؤاتية في سوق السكن مع ارتفاع الأسعار واستمرار حجم المبيعات في اتجاه تصاعدي، على الرغم من نتائج الشهر الماضي". ويضيف بيرد قائلاً "إن أمام السوق فترة طويلة قبل أن ينطبق ذلك على نطاق وطني غير أن عملية التعافي والعودة الى سوق سكن طبيعي تجري بشكل جيد بكل تأكيد".التعافي ظاهرة ايجابية من المؤكد أن التعافي السكني شيء ايجابي بالنسبة الى الأوضاع الاقتصادية، حيث كان أحد الجوانب الرئيسية الناقصة في التعافي الفاتر الذي كان مجلس الاحتياط الفدرالي تنشيطه خلال السنوات الخمس الماضية. وفي حقيقة الأمر فإن المجلس أمضى تلك السنين في شراء أسهم مدعومة برهونات عقارية في محاولة لإخراج أصول سامة من السوق وخفض معدلات الرهن العقاري.وقد جعل هذا – على سبيل المثال – تجارة آر ام بي اس في سنة 2012 الخطوة الاستثمارية الأفضل، كما أثبت ذلك عالم صناديق التحوط مع تقديم صناديق رهن عقاري مثل باين ريفر لستيف كرهن لعوائد تقارب الـ 40 في المئة. وقد انتعشت شركات بناء المنازل في أسواق الأسهم مع ارتفاع اي تي اف 39 في المئة خلال الشهور الـ 12 الماضية. وارتفعت أسماء فردية مثل لينار وتول براذرز ما بين 40 و60 في المئة خلال تلك الفترة، بينما حققت كي بي هوم عوائد بأكثر من 120 في المئة.من المؤكد أن سوق السكن على طريق تصاعدي، غير أنه لم يصل بعد الى بر الأمان. وقد أصدرت شركة المعلومات العقارية كور لوجيك أحدث أرقامها التخزينية أخيراً وأشارت فيها الى وجود 2.2 مليون من الممتلكات السكنية في صورة حبس رهن وعقارات مملوكة لهيئات رهن عقاري، ولكنها ليست مدرجة في الوقت الراهن. وقد انخفض الرقم بنسبة 18 في المئة خلال شهر يناير عما كان عليه قبل سنة خلت، وبنسبة 28 في المئة عن أرقام الذروة في سنة 2010، ولكن لاتزال قيمته النقدية في حدود 350 مليار دولار.وفي الوقت ذاته، لايزال الهلع يتملك البنوك الكبرى نتيجة ما ارتكبته من أخطاء إبان الأزمة المالية. وقد توصلت بنوك مثل بنك اوف أميركا و ويلز فارغو وجي بي مورغان تشيس وسيتي غروب والي فايننشال الى تسوية بقيمة 19 مليار دولار مع وزارة العدل في 49 ولاية، منذ ما يقارب السنة غير أن ألي فايننشال فقط التزم بتعهداته والتزاماته. ولاتزال البنوك قابعة على ممتلكاتها التي هي في حاجة الى الفراغ منها وقد أضافت الى تخفيف التزاماتها ازاء الرهن العقاري المرتبط بالتسوية.ويرى البعض أن الحالة الراهنة لسوق السكن اصطناعية، وأنها سوف تتوصل الى تصحيح في نهاية المطاف. ويعتقد بيتر شيف من يورو باسيفيك كابيتال أن انهيار السكن مطروح لأن مجلس الاحتياط الفدرالي سيضطر في نهاية المطاف الى الخروج من موقفه التوافقي. وقد أبلغ شيف مجلة فوربس "نحن نبني بيوتاً أكثر مما نستطيع تحمله، وأن مجلس الاحتياط سوف يحطم السوق من خلال تشديد سياسته".غير أن لدى بيرد من بلانت موران وجهة نظر مختلفة، وهو ينسب التحسن الى تأثير الثروة والذي اتبعه برنانكه بصورة نشيطة. وأوضح بيرد انه "على الرغم من كون السوق السكني يمثل أقل من 3 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في الوقت الراهن لايزال التحسن في الاسكان يعتبر مؤشراً رئيسياً متقدماً في ما يتعلق بتأثير الثروة، وسلامة القطاع الاستهلاكي والتأثير المتموج في صناعة البناء وقطاع التجزئة".وخلص بيرد الى استنتاج مفاده انه في الأجل القريب ستكون قدرة القطاع الاستهلاكي على البقاء مرناً في طرق الإنفاق جوهرية ازاء دعم النمو في ضوء زيادة الضرائب وارتفاع أسعار المحروقات والنمو المتواضع في الأجور. وفي ضوء الصورة المختلطة للمعلومات الاقتصادية يسهل فهم الحالة التي تتحدث عن "نصف الكأس الملآن" و "نصف الكأس الفارغ" بين الجمهور. ويبدو أن الوضع يشير الى توسع متواضع متواصل.عودة الإسكان اشارة مرحب بها، وهي تعكس أيضاً محاولات برنانكه لإطلاق الاقتصاد من خلال التيسير النقدي والكمي. وفيما يمثل مخزون الظل وخط أنابيب حبس الرهن المسدود تحديات فإن الاقتصاد اذا تحسن الى النقطة التي يبدأ فيها سوق العمل بالتعافي الجاد فسيكون في الإمكان التغلب على تلك العقبات في الأجل المتوسط، وعلى الرغم من ذلك تلوح في الأفق أخطار ارتفاع معدلات الفائدة.* (مجلة فوربس)