أزمة الشهادات المضروبة تعود مجدداً في ظل نفس ردود الفعل من قبل المسؤولين في وزارة التعليم العالي لمتابعة هذا الملف بالتحقيق واتخاذ ما يلزم لوضع الأمور في نصابها الصحيح.

Ad

والتلاعب في الشهادات الدراسية وتزويرها أو الادعاء بالحصول عليها قد يكون تصرفاً فردياً لمن يفتقر إلى أي أخلاقيات مهنية أو علمية، أو مجازفة بغية الحصول على امتيازات إما مالية أو وظيفية، يدرك صاحبها أنه سوف يدفع الثمن في حال كشف أمره، فخلال السنة الماضية تم عزل وزير إيراني من قبل البرلمان، وتم إقصاء وزير ألماني من الحكومة بسبب تزويرهما لشهادة دكتوراه غير مستحقة!

ولكن الوضع في الكويت مختلف تماماً، حيث إن التلاعب في الشهادات الدراسية وخاصة في التخصصات العلمية الدقيقة مثل الهندسة والطب وطب الأسنان والصيدلة وغيرها، يأتي على نطاق واسع جداً وبشكل منظم، وعلى مدار سنوات من ضعف الرقابة الحكومية، بل إن التهم في تسهيل الحصول على هذه الشهادات لم يسلم منها مسؤولون في الدولة!

فعندما تصل حالات الشهادات المضروبة أو المشبوهة إلى أرقام فلكية تتجاوز عشرات الآلاف وفي تخصصات تحظى بمزايا وظيفية وكوادر مالية، والأخطر من ذلك قد تكون بمنزلة قنوات للعبور إلى مواقع قيادية في البلد تمسك بفرص اتخاذ القرار، فالأمر يستحق دق صافرة إنذار لترجمة مستوى المآسي التي تعانيها الدولة.

والمصيبة لا تقف عند هذا الحد، ولكن في أن هذه الجريمة المنظمة كانت تتم في وضح النهار وأمام مرأى ومسمع من كبار المسؤولين لما يزيد على العشر سنوات، ففي عام 2003 حذّرت شخصياً وفي العديد من المناسبات من وجود مخطط للشهادات المزورة، وبعدها بخمس سنوات سلمت تقريراً مفصلاً إلى سمو رئيس مجلس الوزراء حول هذا الملف، وبيّنت لسموه أنها جريمة بحق الكويت قد لا تظهر نتائجها إلا بعد سنوات، ولكن دونما أي ردود فعل مسؤولة، بل إن أي تصعيد سياسي حول هذا الملف كان يواجه باتهامات زائفة بأنها استقصاد شخصي لوزراء التربية المتعاقبين!

واستمرت فضيحة الشهادات المزورة حتى مجلس 2009، حيث تصدّت لها الوزيرة الجريئة د. موضي الحمود وتحملت مع معاونيها في الوزارة حتى خوض مضمار القضاء للدفاع عن البلد من مدعي العلم، فاستحقت دعم اللجنة التعليمية البرلمانية في مجلس الأمة بل كسبت احترام المؤسسات الأكاديمية والشعب الكويتي، وعندها توقفت هذه المهزلة، ولكن ما يثار اليوم هو تبعات ونتائج من فلت بجلده!

وهذه موقعة جديدة قد تكون أكثر ضراوة وبحاجة إلى جرأة كبيرة من الأخ الفاضل وزير التربية وأركان وزارته في التعليم العالي، وإلى استنفار الحكومة برمتها لتقديم الدعم اللازم له في كشف بقايا هذا المخطط وإرجاع الأمور إلى وضعها الطبيعي، ونتمنى وندعو للسيد الوزير للنصر والغلبة في هذه المعركة الوطنية ولضرب الشهادات المضروبة!