استطلاعات الرئيس الغانم!

نشر في 23-08-2013
آخر تحديث 23-08-2013 | 00:01
 د. حسن عبدالله جوهر مبادرة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم في رصد توجهات الرأي العام واهتمامات الشعب الكويتي خطوة مهمة وجريئة، وقد تحقق في حال نجاحها نقلة جديدة في العمل السياسي.

واستطلاعات الرأي العام في الكثير من دول العالم المتحضرة تجسد نبض الشارع المحلي وتوجهاته، وتستهدي القيادة السياسية بنتائجها في إدارة شؤون الدولة لأنها مصدر الدعم الرئيسي لبقاء الحكومة أو متخذ القرار في منصبه عبر صناديق الاقتراع التي يتحكم في مخرجاتها النهائية.

كما أن احترام آراء الناس وترجمة طموحاتهم يمثل أعلى درجات الشفافية والمصداقية في علاقة السلطة السياسية مع الشعب بأطيافه ومستوياته المختلفة، في تطبيق حقيقي لمعاني الديمقراطية والإرادة الشعبية.

ولما كانت مبادرة الرئيس الغانم بهذه الدرجة من الأهمية، كنت أتمنى منه وكذلك الأمانة العامة لمجلس الأمة بقيادة الأخ الفاضل علام الكندري الذي يتمتع بخبرة عريقة واجتهاد واضح في العمل الإداري والميداني عدم الاستعجال في عمل مثل هذا الاستطلاع إلى حين وضع أسس علمية لهذا الجهد، وما قد يفرزه هذا المشروع من خارطة طريق تعتبر في غاية الأهمية، خصوصاً أننا أمام مفترق طرق يتطلب الجرأة في الطرح وتسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية.

وإذا كان المطلوب من مشروع الاستطلاع هو الوقوف على ما يتمناه الشعب الكويتي وأولوياته، فهذا بالتأكيد لا يحتاج إلى أي عناء، ونقولها للأخ الرئيس من الآن إنها لا تتجاوز هموم التوظيف والإسكان والتعليم والصحة والإحساس بالغبن من عدم تطبيق مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص، وقد سبق أن أنجزت الأمانة العامة بعض الاستطلاعات من هذا القبيل أثناء الحملات الانتخابية.

فالمشكلة لا تكمن في رصد الأولويات لدى الشعب الكويتي، ولكن في طرق التصدي لها والتفاصيل الكامنة في حل هذه المشاكل، فقضية القروض مثلاً كانت إحدى أهم الأولويات عند معظم الناس وقد تقدمت الحكومة ثم المجلس المبطل السابق بقانونين لحل هذه المشكلة لكنهما كانا في غاية السوء.

فما نحتاجه هو فهم فلسفة الناس، وكيف يرون أن حياتهم اليومية ومستقبل أبنائهم على محك التعاطي المخلص عند أصحاب القرار خصوصاً في الجانب التشريعي.

وما نتمناه أيضاً أن ترصد مثل هذه الاستطلاعات الميدانية أصابع الاتهام من الشعب الكويتي تجاه أسباب تدني كل مؤشرات التنمية والإنجاز في بلده والمسؤولين عن هذه الجريمة المنظمة.

ولعل من أهم ما ينبغي معرفته حالياً عند الناس هو خارطة المستقبل السياسي، ومنها وضعية الدوائر الانتخابية ومفاهيم الحكومة الشعبية وطريقة محاسبتها ومراقبة نواب الأمة التي باتت تشكل الهاجس الأكبر لدى الجميع، وشهد البلد وكل الكويتيين بسببها دوامة مزعجة ومخيفة على مر السنوات الماضية.

ويبقى أن نذكر ببعض المتطلبات العلمية الواجب رعايتها في هذه الاستطلاعات في ظل غياب المؤسسات المتخصصة، خصوصاً ما يتعلق بطريقة اختيار العينة الممثلة للمجتمع وطريقة إعداد الأسئلة والإجابات عنها ومدى موضوعيتها وغير ذلك من المعايير النمطية ذات القيمة العلمية والاعتبارية.

وهذه الملاحظات ليست من باب إحباط هذا المشروع إطلاقاً، ولكنها نصيحة صادقة حتى يكون قفزة رائدة ومستحقة ونابعة من الوجدان الشعبي وبرعاية مسؤولة من صاحب القرار.

back to top