ما قام به زميلنا العزيز محمد الوشيحي في برنامجه توك شوك الأسبوع الماضي هو عين الصواب، وما كنا نطالب به دوماً، وهو ألا يقوم أحد بتوزيع الاتهامات على الآخرين دون دليل أو برهان، فالزميل العزيز تكلم عن الفساد الحاصل في مؤسسة الموانئ بالتفصيل، وذكر صاحب الصفقة المليونية بالاسم متحدياً إياه بأن يذهب ليشتكي عليه، وعلى أصحاب القناة لأن لديه كافة المستندات التي تدينه، ومستعد أن يذهب معه إلى أقصى مدى!

Ad

وقد قلت في مقال سابق إنني مللت سماع الحديث المتكرر من قبل بعض وجوه المعارضة عن الفساد والفاسدين دون أن يتجرأ أحد منهم على ذكر اسم أحد هؤلاء الفاسدين، لسبب بسيط هو أنه لا يملك دليلا على ما يقول، وغير متأكد من صحة ادعاءاته، ولو كان كذلك لسعى إلى تقديم بلاغ للنيابة أو على الأقل نشر ما لديه من وثائق ومستندات على وسائل التواصل الاجتماعي ليعرف الناس صدق كلامه، وأن ما لديه أكبر من مجرد سوء الظن الذي يحمله على تصديق أي كلمة تقال من هنا وهناك على خصومه السياسيين، والذين يتهمهم بالفساد والاستيلاء على المال العام بإشارة رمزية لا ترقى إلى القدرة على ذكر أسمائهم خوفا من طائلة القانون!   

لكن الوشيحي كان واضحاً هذه المرة وذكر تفاصيل الصفقة ومنها أنها كبدت المال العام 85 مليون دينار، وهو مبلغ كبير كما ترون يستحق من نواب مجلس الأمة الحالي تشكيل لجنة للتحقيق في الأمر من أجل كشف كافة الأطراف التي ساهمت في "هبش" هذه الملايين كحرصهم هذه الأيام على كشف من تسبب بخسارة "الداو"، فالمال العام يبقى مالاً عاماً، وليس معنى أن يكشف طرف من المعارضة عن قضية فيها فساد أن "يطنشوها" ويتجاهلوها كأن لم تكن!

وكما فعل الوشيحي فعل الزميل سامي النصف رئيس مجلس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية حين رد على النائب الذي كان يتباكى– على غير عادته- على المال العام قبل أيام ليكشف لنا النصف سبب تباكيه، فالنائب المحترم الذي تجاهل المادة 121 من الدستور التي تحظر على نائب مجلس الأمة التعامل مع الدولة بالبيع والاستئجار، كان يتباكى في الواقع على ضياع مناقصة استئجار الطائرات من بين يديه، والتي كانت ستكلف الدولة 300 مليون دينار إضافية تدخل في جيبه... باردة مبردة! وبعد أن صارت فضيحته بجلاجل، راح يبرر بطريقة ساذجة أن ما قام به عمل وطني أراد به الحفاظ على المال العام، وأن "الكويتية" هي من قامت بالتجاوزات وكبدت المال العام تكاليف زائدة، كلام النائب المحترم لم يقنع أحدا، وأصبح مثار تندر وسخرية الجميع في "تويتر"، ولو "تلثم" وصمت لكان خيراً له!

على أي حال، الرجل نسي الموضوع برمته، وهو مشغول الآن بإعداد مشروع قانون يحدد من خلاله المقاسات الصحيحة "لشورتات السباحة" حفاظاً على العادات والتقاليد ومراعاة للذوق العام!

المهم أن الوشيحي والنصف قدما لنا أسلوباً صحيحاً في التعامل مع قضايا الفساد، الأول هو ألا تتحدث عن الآخرين وتدينهم ما لم تملك دليلاً يثبت صحة اتهاماتك، والثاني أن ترد بكل قوة على أي تهديد وابتزاز لنائب أو متنفذ وتكشف تجاوزاته، الأمر بالطبع يتطلب  نظافة يد المسؤول وذمته، وهو ما توافر في الأخ سامي النصف، لذلك تحدث بقوة ورد بثقة، الدور الباقي على المسؤولين الصامتين -وما أكثرهم- عسى أن يكون سبب صمتهم خيراً!