تعكف الجهات المعنية، كما تدعي، على دراسة حلول للمشكة الاسكانية لم ينجح منها حل واحد، حتى اضحت الطلبات السكنية المتراكمة تصل الى نحو 105 آلاف طلب، مع معدل زيادة سنوية يتراوح بين 8 و10 آلاف طلب.

Ad

وتصرح هذه الجهات بين فترة وأخرى بأنها جادة في حل المشكلة الاسكانية، تارة بتوزيع القسائم السكنية على "مستحقيها"! واخرى بإنشاء التجمعات او المدن الاسكانية، وثالثة بزيادة قرض الاسكان من 70 الف دينار الى 100 الف دينار.

ويشتد التركيز على توجه الجهات المعنية "ذاتها"، لحل المشكلة في فصلين، فصل الانتخابات التشريعية في عملية لدغدغة مشاعر الناخبين، من قبل المرشحين، وفصل آخر في التغييرات الوزارية لدغدغة مشاعر النواب المنتخبين، وفي الفصلين فإن حق المواطن، الناخب وغير الناخب، ضائع في عمليات دغدغة لا يجني من ورائها سوى المزيد من المعاناة في البحث عن سكن.

بالمقابل فإن المواطن اثناء فترة انتظاره التي قد تطول كثيرا، لدوره في الحصول على سكن او على قسيمة سكنية، يحبذ ان يستأجر بيتا (شقة سكنية، او دور في برج سكني... او... او... الخ) وبهذا هو لا يمانع في ان يحصل على ملاذ آمن له ولاسرته مهما كان هذا الملاذ، شرط ان يكون ملائما للجوانب الصحية والاجتماعية لهذا المواطن المتزوج او ذاك.

وبناء على هذا فإن المواطن في ما لو عرض عليه أن يأخذ قروضه الإسكانية لمرة واحدة في حياته، دون اي دعم لمواد البناء او غيرها، فقط الـ70 الفا او 100 الف دينار كويتي، على ان يقوم بتوثيق شرائه شقة سكنية في برج سكني، لن يمانع، وهي فكرة قابلة للتنفيذ فورا، وعلى هذا الاساس فإن هذا يشكل حلا فوريا للمشكلة الاسكانية خلال عام واحد بل خلال شهر واحد دون ان تخسر الدولة تلك المليارات لانشاء التجمعات السكنية، وسيبقى لديها كل نصيبها من الارض التي تملكها والبالغ نسبتها 95 في المئة تقريبا من ارض الكويت.

الامر الآخر فإن الدولة تعطي المواطن المتزوج المستأجر بدل ايجار تبلغ قيمته نحو 150 دينارا شهريا، اي ان هناك مبالغ بالمليارات تنفق سنويا على القروض الاسكانية (التسليف) وبدلات الايجار، فضلا عن الدعم المقدم على المواد الانشائية التي يحتاجها الموطن لإنشاء بيته بعد حصوله على قرض الاسكان.

وهنا، نحتاج الى وقفة مع بعض اصحاب الشأن والمتابعين للشأن العقاري والخبراء فيه، لقراءة انعكاسات هذه الفكرة على المواطن الكويتي الذي هو اساس الوطن، والذي مصلحته تأتي مغلبة على جميع المصالح الشخصية الضيقة، لان مصلحة الوطن هي الاساس والمواطن هو الجزء الاساسي في هذه المصلحة.

 عوائد القرض

جزم رئيس مجلس ادارة شركة سدير للتجارة العامة والمقاولات طارق بدر المطوع ان الدولة تستطيع حل المشكلة الاسكانية برمتها في ما لو كانت جادة بذلك.

واكد المطوع ان مشكلة المرور التي سموها مزمنة عندما فكرت الجهات الرسمية بحلها وعبر رأي جاد لوكيل وزارة الداخلية عبد الفتاح العلي رأينا كيف تم تنظيف شوارع  الكويت من كل السيارات البالية، ورأينا كيف تمت عمليات مكافحة مشكلات الازدحام المروري، وكيف تمت عملية ازالة المخالفات المرورية في معظم مناطق الكويت.

واضاف: ان المشكلة الاسكانية اقل شأنا من المشكلات التي كانت تعاني منها الكويت والتي تتمثل بمخالفات المرور والازدحامات والحوادث المأساوية ومع هذا قامت وزارة الداخلية عندما فكرت بجدية، بحلها او في اقل تقدير بالمضي على طريق حلها بشكل جذري.

وأردف فكرة ارض وقرض فكرة مهزوزة ولا تسمن ولا تغني من جوع، وهي تزيد اعباء وليس عبئا واحدا على كاهل الخزينة العامة، علما ان الدولة بكل اجهزتها قادرة على حل المشكلة والغاء فكرة ارض وقرض، والغاء جملة الافكار التي يخرج علينا بها بين الحين والآخر مسؤولون هنا وهناك من حيث انشاء التجمعات والمدن التي اثبتت فشلها في حل المشكلة الاسكانية، مما زاد من حجم الطلبات الاسكانية تراكما حتى اضحت اليوم 105 آلاف طلب بمعدل ازدياد سنوي يصل الى 10 آلاف طلب.

وتساءل المطوع بالقول: "إن الدولة هي التي حولت المواطن الى استهلاكي غير منتج فكيف تنتقد من جعلته بيدها يتحول الى فرد استهلاكي عاجز عن الانتاج؟!".

وافاد المطوع بأن "الدولة منذ يولد المواطن الكويتي تقدم له الهبات والمعونات والمساعدات والدعم بانواعه كافة، واذا عمل تقدم له الطعام والشراب حتى اضحى لا يهتم بحجم الانتاج لان الدولة تقدم له كل ما يحتاجه بدون مقابل تجنيه هي منه".

وقال: "ان الكويت دولة تحتاج الى من يعمل لا من يتمنى، والى انسان ينتج فيأكل مما ينتج ،لا ان يستهلك من خيرات البلد دون ان يقدم لها ادنى انواع المقابل".

من جهة ثانية، شدد المطوع على ان افكار وتصريحات المدن والتجمعات الاسكانية ما هي الا صفقات انتخابية منقوصة، بين الناخب والنائب، ودائما الضحية الناخب.

وبين ان المواطن رضي لنفسه ان يسكن في شقة طيلة فترة انتظاره لطلبه الاسكاني الذي قد يطول ويطول كثيرا، فما المانع ان تكون الشقة التي استأجرها هذا المواطن ملكا له، بحيث تقوم الحكومة بإعطائه القرض الاسكاني البالغة قيمته 100 الف دينار ليتملك شقة سكنية في برج سكني.

واضاف ان ثمن الشقة السكنية مهما بلغت مساحتها لن تتجاوز قيمتها الـ 60 او 70 الف دينار، وبهذا يكون فائض ما بقي من مبلغ مع المواطن لتأثيث البيت او الاستفادة منه في تصريف امور حياته الاخرى.

وقياسا على هذا الرأي في ما لو طبقت هذه الفكرة، تكون الحكومة الكويتية قد استغنت عن افكار يتطلع لها البعض حول ايجاد حلول للمشكلات الاسكانية مرة في انشاء مدن اسكانية ومرة في انشاء تجمعات سكنية واخرى في توزيع قسائم صناعية، ثم يبدأ عداد السحب من الخزينة العامة من قروض تسليف الى دعم مواد انشائية بالعد وكل هذا دون ادنى مقابل.

واكد المطوع ان هناك جملة من الفوائد بل العوائد على الخزينة العامة تحققها الدولة من عمليات منح القرض السكني لكل مستحق له واولها: ان مبلغ الـ150 دينارا يلغى فورا، ثم تلغى كل الطلبات التي ضاقت بها ارفف المؤسسة العامة للرعاية السكنية والمتزايدة بشكل مرعب سنويا، ثم الفائدة الثالثة توفر على الخزينة اموالا بالمليارات ترصد سنويا لانشاء المدن الاسكانية، ثم الفائدة الرابعة التي تتمثل في الغاء كل انواع الدعم على المواد الانشائية، ثم الامر المهم الغاء الصفقات الانتخابية بين المرشحين والناخبين حتى يبقى البرنامج الانتخابي خاليا من المصالح الشخصية وتحويل المصلحة الاولى هي مصلحة الكويت والمواطن.

واضاف: ان من بين تلك الفوائد ايضا، ان يتحول المواطن الى منتج ولا يبقى استهلاكيا لا نفع منه ولا مقابل لما يقدم له.

على صعيد ذي صلة أكد المطوع ان تطبيق القوانين هو ابرز سمة يجب ان تتسم بها المرحلة الحالية والمقبلة لكويت المستقبل، مشيرا الى ان القوانين الكويتية جيدة جدا ولو يعمل بها حسب اصولها لما رأينا جملة المشكلات التي تظهر في هذا الجانب او ذاك.

 النظرة الجادة

 قال مدير عام شركة اوتاد العقارية محمد حمود الهاجري ان الحكومة تستطيع حل المشكلة الاسكانية حين تتوفر لديها النظرة الجادة نحو هذه المشكلة.

وبين الهاجري ان المواطن الكويتي الذي يرضى ان يسكن كمستأجر لهذه الشقة السكنية في هذا البرج السكني، يرضى بأن تكون هذه الشقة التي يسكنها ملكا له.

واضاف ان على الدولة ان تعطي المواطن الكويتي المستحق للسكن القرض الاسكاني كي يقوم بشراء الشقة السكنية دون ان تفرض عليه مساحة الشقة، ويعتبر القرض آخر قرض له بخصوص السكن وعليه ان يؤمن شقته مع تأمين الاوراق الثبوتية في امتلاكه الشقة في هذا البرج السكني او ذاك.

وقال: "رغم ان تجربة الصوابر اثبتت فشلها الا ان المغريات الحكومية في ما لو وجدت ستكون بمثابة مشجع للمواطنين على تغيير نمط حياتهم تحت ظرف تأمين البيت والسكن للعائلة في هذا البرج السكني او ذاك".

وقال ان الحكومة طرحت فكرة السكن بالمناطق البعيدة للمواطن، غير ان ما ينقص تلك الفكرة ايجاد مغريات للمواطن كي يتقدم هو شخصيا بطلب السكن فيها، وهذا ما لم تتضمنه الفكرة ألبتة.

مساحة الشقة

ولفت الهاجري الى ان على الحكومة الا تفرض على المواطن حين تعطيه القرض الاسكاني والبالغ قيمته 100 الف دينار كويتي مساحة الشقة التي يجب عليه ان يثبتها في محاضر ملكيته لها، وكل ما عليه هو تقديم هذا القرض مع الغاء كل انواع الدعم المقدم على المواد الانشائية وكذلك الغاء بدل السكن المقدم للمواطن والمقدرة قيمته بنحو 150 دينارا شهريا.

غير ان الهاجري لفت الى ان هناك مشكلة ستظهر بعد ان تم السماح للمواطن بالتملك في الابراج السكنية، وهي عدم وجود نص تشريعي كامل التفاصيل للابراج السكنية التي سيتملك فيها المواطن، من حيث الالتزام بالمصاريف المشتركة واعمال الصيانة وهذا المشكلة امر يبقى هيناً امام كبر المشكلات الاخرى والتي يأتي في مقدمتها تأمين السكن (شقة او غيرها) للمواطن المحتاج لها.

واكد ان هناك امرا آخر يجب ان تأخذه الحكومة عند البدء بالاخذ بهذه الفكرة، يرجع الى اعطاء تصاميم معينة تناسب احجام العائلات الكويتية على اختلاف تعدادها، للابراج والشركات المنفذة او المالكة لها.

وبهذا، وحسب قول الهاجري، تكون الدولة قد جعلت الشقق متنوعة الاشكال وترضي جميع الحاجات للمواطن المستحق للسكن.

وأكد الهاجري ان هذه الخطوة تعتبر مقدمة للحل الجذري للمشكلة الاسكانية في الكويت، ومقدمة لتغيير ثقافة السكن لدى المواطن الكويتي.

 قسط لا بدل ايجار

وقال الفرج ان تحويل مبلغ الـ 150 دينارا الذي تقدمه الدولة للمواطن كبدل ايجار، تستطيع تحويله الى قسط لشقته السكنية التي يستأجرها فتكون بعد فترة ملكا له.

واوضح ان المواطن الذي رضي ان يستأجر في شقة سكنية سيقبل ان تحول هذه الشقة من ملك لغيره الى ملك له بقسط شهري لا يدفعه هو بل تدفعه الدولة والمتمثل بمبلغ الـ 150 دينارا.

ولفت الى ان  الجهات المعنية لديها الكثير من الحلول للمشكلة الاسكانية، فمنها مثلا قيامها باعطاء المواطن صاحب الطلب الاسكاني للقرض السكني البالغة قيمته 100 الف دينار، وعلى المواطن ان يقوم بشراء شقة سكنية وتقديم الثبوتيات بتملكه الشقة دون ان تفرض الحكومة عليه مساحة سكنه.

وقال ان على المواطن الكويتي ايضا ان  يغير من ثقافته ونظرته تجاه سكنه، فهو يبقى بلا سكن مملوك من قبله عقودا من السنين بينما يرضى بشقة يستأجرها، وذلك ايثارا منه للانتظار للوصول الى سكن كبير له مواصفات لا تملكها الشقق في الابراج السكنية.

وقال الفرج ان العائلات الكويتية لديها ثقافة عدم السكنى في الشقق السكنية، بينما هي في ذات الوقت تستأجر لأبنائها حديثي الزواج.

وتساءل الفرج: "لماذا لا تعتبر الدولة الـ 150 دينارا للمواطن الكويتي المستأجر كقسط شهري لبيت يمتلكه بعد حين وليس ايجارا شهريا؟.

ويرى الفرج ان المسؤولية في حل المشكلة الاسكانية تقع على عاتق الطرفين الدولة اولاً ثم المواطن.

وبين ان هذا مرده الى ان على الدولة توفير الاغراءات في الاماكن البعيدة التي تقترحها كسكن للمواطن، او توفير الاغراءات في الابراج السكنية، ثم بعد ذلك تمنح القرض الاسكاني ليشتري المواطن شقته بمساحة تغطي حاجته لها.

تشجيع القطاع الخاص

قال مستشار الشركة العربية العقارية حيدر جمعة: "ان مثل هذه الخطوة في تحويل القسط الذي تدفعه الحكومة للمواطن الذي لا يملك سكنا والبالغ 150 دينارا شهريا هي خطوة تشجع القطاع الخاص على المزيد من النشاط والبذل والعطاء، ولكن مثل خطوة السماح بزيادة نسبة البناء في المناطق السكنية هي بالضرورة زيادة في الضغط على البنية التحتية والخدمات التي تم انشاؤها لتحمل كثافة سكانية معينة.

وبين جمعة ان مثل هذا الخطوة لن تحقق النتائج المرجوة من حل المشكلة الاسكانية بل هي تخلف مشكلات سوف تعكف الدولة من جديد على حلها وخصوصا مشكلات الضغط على الخدمات من الكهرباء والماء ومواقف السيارات التي تم اقامة تلك المناطق السكنية لتحمل كثافة معينة اضيفت اليها كثافة فوق الطاقة المحددة لها.

وقال جمعة: "نعود من جديد الى القول ان اكبر عائق تعاني منه الكويت عند التفكير بالمشكلة الاسكانية هو مشكلة شح الاراضي، اي ان مشوار الحل يبدأ بالافراج عن الاراضي".

واردف جمعة بالقول: "ان المشكلة يجب ان تنطلق الدولة لحلها من فكرة طرح اراض امام القطاع الخاص وعند توفيرها الاراضي فإن بقية الحلول سوف تتداعى خلفها  ولكن ستبقى الخطوة الاولى في توفير الارض وليس في أي أمر آخر".