يعمق الابتعاد اللافت للجمهور عن حضور جلسات مجلس الأمة حالة العزلة التي يشعر بها النواب، ويضيف وقوداً إضافياً إلى نار الخوف بأن حل مجلسهم قادم.

Ad

مر نحو خمسة أشهر على تشكيل المجلس الحالي الذي انتخب وفق نظام الصوت الواحد، ومازالت مشاعر الخوف والقلق والشعور بالعزلة تلقي بظلالها على أجواء المجلس.

وفي كل يوم يمر تزيد فيه مخاوف النواب من احتمالات اقتراب موعد حل البرلمان، في ظل تنامي قناعات الناس والنواب أنفسهم بأن حل المجلس واقع لا محالة وأن مسألة تنفيذه مجرد وقت.

رغم أن المجلس الحالي لم يترك شيئا إلا وفعله؛ استجوابات، لجان تحقيق، جلسات خاصة، زيادات مالية، فتح ملفات شعبية، إلا انه لا يبدو انه تمكن من كسب ثقة الناس أو إقناعهم بأنه يمثل إرادتهم الشعبية.

نار الخوف

ويعمق الابتعاد اللافت للجمهور عن حضور جلسات المجلس حالة العزلة التي يشعر بها النواب، ويضيف وقودا إضافيا إلى نار الخوف بأن حل مجلسهم قادم.  

ويشكل غياب الناس عن حضور الجلسات حدثا استثنائيا في ظل تنامي الوعي السياسي واهتمام المواطنين ومتابعتهم الحثيثة لقضايا البرلمان.

وربما هذه المرة الاولى التي يتجاهل الناس فيها بشكل شبه تام أخبار البرلمان ولا يتعاطون مع قراراته وأحداثه بالشكل الذي يحصل مع المجالس السابقة.

وبمقارنة الحضور الجماهيري بين المجلس المبطل (2012) والمجلس المنحل (2009) مع المجلس الحالي فإن عدد الحاضرين خلال الجلسات الـ23 التي عقدها المجلس لا يكاد يذكر نهائيا.

مقاطعة المجلس

ويبدو أن مقاطعة المجلس الذي انتخب في ظل مقاطعة سياسية وشعبية واسعة من قوى وتيارات سياسية وكتل برلمانية، احتجاجا على تغيير النظام الانتخابي، مازالت مستمرة.

واتبع المجلس وسائل عدة لاستقطاب الجماهير وحضور جلساته الا انه فشل في كل المحالات التي قام بها، في انعكاس لعزلته وعدم تفاعل الناس معه.

فلا الاستجوابات التي قدمها النواب دفعت الناس الى حضور المجلس، ولا عقد الجلسات الخاصة او طرح القضايا الشعبية ساهمت في استقطاب الجمهور، ولا حتى المشادات الكلامية وأجواء الشد والشحن بين النواب أنفسهم او مع أعضاء الحكومة مثلت عامل جذب لمشاهدة ما يحصل في المجلس من مقاعد الجمهور.

بل حتى قضية إسقاط قروض المواطنين التي طالما مثلت احدى أهم القضايا استقطابا للجماهير سواء المؤيدة منها لإسقاط القروض أو الرافضة لها لم تجد أي اهتمام ومتابعة من المواطنين.

مفاجأة التأجيل

وشكل غياب الجمهور عن جلسة مناقشة استجواب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية مصطفى الشمالي المقدم من النائب نواف الفزيع حول قضية القروض مفاجأة تضاف إلى مفاجأة قرار تأجيل الاستجواب نفسه إلى دور الانعقاد المقبل.

ورغم أن المجلس تعامل مع هذا الاستجواب على أساس أن حشدا من المواطنين سيحضر إلى الجلسة، فتم توزيع حرس المجلس بشكل لافت أمام المقاعد المخصصة للجمهور، كما اتخذت إجراءات مشددة لضبط النظام داخل القاعة.

غير أن المفاجأة كانت غياب الناس عن الحضور وتجاهلهم الجلسة وعدم تفاعلهم معها لقناعات ربما بأن الاستجواب سيؤجل وان المجلس لا يملك القدرة على اتخاذ قرار حل قضية القروض دون مباركة حكومية.

تجاهل الناس جلسة استجواب القروض حالة تكررت في كل الجلسات النيابية رغم اختلاف جدول الأعمال بين الجلسات إلا أن الغياب الجماهيري عنها كان واحدا.

وسائل مبتكرة

التركيز على جلسة استجواب القروض ليس لأنها تناقش قضية شغلت المجالس البرلمانية المختلفة وشكلت محطات صدام بين الحكومة والمجلس، بل لأنها اتبعت وسائل مبتكرة في دعوة الجمهور إلى حضور الجلسة تمثلت في إعلانات مدفوعة الأجر في الصحف وفيديوهات قصيرة انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.

نواب مجلس الامة الحالي مستمرون في عقد جلساتهم النيابية، والجماهير مستمرة أيضا، كما هو واضح، في عدم حضورها، والجميع ينتظر تاريخ 16 يونيو المقبل الموعد الذي حددته المحكمة الدستورية للنظر في الطعون المقدمة ضد المجلس، فهل يبطل أعمال المجلس وتجرى انتخابات جديدة، قد تعيد الجمهور إلى قاعة عبدالله السالم، أم يتحصن المجلس الحالي ويستمر عزوف المواطنين عن حضور الجلسات؟