نستودعك الله يا حمص... ولا لتصفية «الإخوان»

نشر في 07-07-2013
آخر تحديث 07-07-2013 | 00:01
 عبدالمحسن جمعة أكتب المقالة، ومدينة حمص يكاد يكرر فيها سيناريو مدينة القصير، وربما تكون المجزرة تقع أحداثها للمدنيين الحمصيين، ومقالتي هذه ماثلةُ للطبع، بينما العرب يعدون بيانات الشجب ويتوسلون مجلس الأمن الدولي الذي نعلم جميعاً أنه لن يفعل شيئاً، ولكنها أحد مراسم الفلكلور العربي عند ضياع حقوقهم بأن يرفعوا أكلشيه "نناشد مجلس الأمن الدولي..."، وفي هذا الحدث المأساوي للعرب، ودماء النساء والأطفال تسيل في سورية، فإن الأعزاء الأفاضل في دول مجلس التعاون الخليجي يكلفون مملكة البحرين وضع آلية لملاحقة مصالح حزب الله في دولهم! وكأنهم لا يعلمون أن مصادر تمويل حزب الله هي مصادر لبنان الرسمي كله من الميناء إلى المطار إلى مصانع "...." في الضاحية الجنوبية إلخ...، ولذلك فإن وقف حزب الله عن أفعاله لابد أن يمر عبر الدولة اللبنانية ذاتها، المحصنة دولياًَ لغرض ووظيفةٍ ما.

ولهذا فإن السوريين سيموتون وهم يقاومون ويقاتلون دون عون، وخطوط أوباما الحمراء ستصير خضراء لو استخدمت كل المحرمات في سورية، لأنه، كما يعلم أي موظف صغير في أي وزارة خارجية خليجية أو طالب علوم سياسية في السنة الأولى في أي جامعة أو مطلع واعٍ أن خطة الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وروسيا ومن خلفهم إسرائيل هي أن يستمر القتال في سورية حتى تتجزأ إلى ثلاث دويلات؛ "سٌنة، علويين، أكراد"، ولهذا لبنان يُدعم أميركياً وأوروبياً ليظل متماسكاً حتى يكون أحد مصادر القتال ودعم العلويين حتى ينشئوا دولتهم التي ستنهي نهائياً ما يسمى بالمقاومة والمطالبة بالجولان لأن الدويلات المتناحرة التي ستنشأ لن تكون في وارد مواجهة تل أبيب، ولذلك تداعى الأميركان والأوروبيون لدعم الجيش اللبناني في أحداث صيدا رغم أنهم يعلمون تماماً أن مقاتلي ميليشيات حزب الله كانوا يقاتلون إلى جانب الجيش اللبناني في "عبرا" فكيف تدعم واشنطن جيشاً وتقدم له عتاداً ويقاتل معه مقاتلون من منظمة تصنفها هي بأنها إرهابية؟!

لاشك أن وراء قبول أميركا والأوروبيين بذلك خطة وهدفاً وليس عبثاً، وحديث الأميركيين والأوروبيين عن تسليح المعارضة أو الثورة السورية كلام في الهواء لن ينفذ إلا بقدر ضيق جداً ليدافعوا فقط عن حدود الدولة السُنية التي يريدونها، بينما سيسمح لحزب الله من حدود لبنان مع نظام الأسد برسم حدود الدولة العلوية من القصير إلى تلكلخ عبوراً بحمص وحتى الساحل، وإذا حاول سنة لبنان تعطيل حزب الله عن مهمته أو عبور الحدود اللبنانية إلى سورية فإن الجيش اللبناني سيتولى مهمته بقمع سنة لبنان وإسكاتهم، ولذلك وبسبب التفاصيل المملة والطويلة للمخطط وتخاذل العرب أقول لمدينة الصحابي الجليل والقائد الكبير خالد بن الوليد: "نستودعك الله يا حمص".

***

توقعت في مقالتي السابقة سيناريو أحداث يوم 30 يونيو في مصر، وتدخل الجيش المصري وسعيه لصياغة دستور جديد للبلاد بخلاف دستور الإخوان المسلمين غير المتوازن والضعيف، رغم أني ضد إلغاء نتائج الصناديق الانتخابية عبر الشارع والبيانات العسكرية، ولكن ما يقلقني أكثر في أحداث مصر هو السعي لإلغاء حركة الإخوان المسلمين في مصر عبر الملاحقات وسيل توجيه قضايا جنائية لهم، وهو خطأ كبير سيكون له آثار سلبية على مصر، والمطلوب ترشيد منهجهم وخطابهم ليتحولوا من حركة أصولية تستخدم الدين في السياسة إلى تجمع محافظ ضمن دولة تحكم بدستور علماني يمنع قيام الأحزاب على أسس دينية أو مذهبية أو مناطقية أو عرقية، وهو الحل الأمثل للدول العربية الذي لا مناص لها عنه مهما طالت عذاباتهم وتجاربهم المريرة والمكلفة.

back to top