سادت أمس حالة من الهدوء الحذر في مدينة بعلبك، وسط إقفال تام للمحال التجارية والسوق باستثناء الأفران، في حين لم يُسجّل سقوط أي قذيفة أو رصاص، بعد الاشتباكات العنيفة التي هزت سوق المدينة بين «حزب الله» وآل شيّاح أمس الأول، وأدّت إلى مقتل اثنين من عناصر الحزب وثلاثة آخرين. وانتشر الجيش اللبناني أمس في معظم أرجاء بعلبك بعد تسليم الحزب للنقاط الأمنية والحواجز التابعة له.

Ad

وأكد رئيس الحكومة المكلّف تمام سلام أمام وفود زارته من مختلف المناطق اللبنانية وشخصيات سياسية واجتماعية أمس أن «الحادثة الدموية التي أصابت مدينة بعلبك في مقتل أربعة مواطنين أبرزت المخاطر الجدية والعميقة التي تهدد المناطق اللبنانية بسبب الشحن والخطاب الطائفي والمذهبي والفئوي وبسبب انتشار السلاح غير الشرعي واعتماده وسيلة هيمنة قرار لفئة ما على أخرى»، مشدداً على أن «معالجة هذا الأمر يكون بتكريس هيبة الدولة من خلال اجهزتها الامنية وحدها، ومن خلال شبكة الأمان السياسي التي يجب ان تنشط في اتجاه رفع الغطاء عن كل مخل ومتماد في ممارسة العنف ووضع حد للفلتان الأمني».

وقال: «إنني أتوجّه الى إخواننا اللبنانيين الأصيلين من ابناء بعلبك الأبية لعدم الانجرار وراء الساعين الى زرع بذور الفتنة في وسطهم. وأتوجه الى كل اهالي الضحايا الابرياء في الوطن وخارجه بأصدق التعازي، سائلا الباري عزّ وجلّ ان يحمي لبنان واللبنانيين».

 

شربل 

 

وأوضح وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال مروان شربل أمس أن «اللواء السادس تسلّم كل حواجز حزب الله الذي انسحب منها، لا سيما من الحواجز التي يقيمها عند مداخل المدينة الخارجية».

وأعاد شربل أسباب الحوادث الأمنية المتنقلة الى «الخلافات السياسية القائمة»، لافتا الى أن «حادث بعلبك فردي تطور الى اطلاق نار بدون خلفيات طائفية أو مذهبية»، مشيراً إلى أن «الجيش تدخّل بقوة وحزم وأطلق النار على كل المخلين بالأمن نظرا لخصوصية المدينة، مؤكدا «وأد الفتنة في مكانها».

 

«حزب الله»

 

في المقابل، اعتبر عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» (حزب الله) النائب حسن فضل الله أمس أن «الدولة هي المرجعية الأمنية على امتداد مساحة البلاد»، داعياً الدولة إلى «بسط أمنها وقانونها في كل المناطق»، ومضيفاً: «عندما كانت هذه الدولة تعجز وتواجه تحديات أمنية، كنا نحاول أن نملأ الفراغ قدر المستطاع، ولكن الأمن في البلد لا يمكن ان يستتب إلا من خلال مؤسسات الدولة». كما طالب فضل الله الدولة بأن «تقوم بإجراءاتها الأمنية كما في الضاحية، وفي كل المناطق اللبنانية، حيث يوجد تهديد للأمن». مؤكدا «أننا مع بسط سلطة الدولة على كل أراضيها وكل المناطق».

 

«الجماعة الإسلامية» 

 

أما «الجماعة الإسلامية» التي تردد أن اعضاء من آل الشياح الذين اشتبكوا مع «حزب الله» ينتمون اليها، فقد اشارت في بيان أمس إلى أن الأحداث هي نتيجة «انتشار السلاح غير الشرعي، وانتهاج سياسة الأمن الذاتي، التي كادت تشعل فتنة كبيرة بين ابناء المدينة كان يمكن أن تمتد إلى ربوع الوطن لولا جهود الخيّرين».

وأكدت الجماعة أن «سياسة الأمن الذاتي فشلت في توفير الأمن لأصحابها، بل جرّت عليهم مزيداً من العزلة وتوتر العلاقة مع شركائهم في الوطن»، وطالبت «الدولة اللبنانية بأجهزتها الأمنية والقضائية بوضع حد لفوضى السلاح وإزالة حواجز الأمن الذاتي من بعلبك، ووقف كل الممارسات الحزبية الميليشياوية التي يقوم بها المستقوون بالسلاح بحق المواطنين».  

 

غرق السفينة

 

في موازاة ذلك، لا تزال الكارثة الإنسانية التي أدت إلى غرق عبارة متجهة من أندونيسيا إلى أستراليا تتفاعل. وأكد وزير الداخلية أمس أن «القضاء أوقف شخصا من شمال لبنان للتحقيق معه بقضية غرق العبارة الأندونيسية»، كاشفا أن «المعلومات الأولية تشير إلى أن هناك شبكات من اللبنانيين والأجانب متورطة بالقضية».

وقال: «هناك في أندونيسيا شبكة فيها لبنانيون وفي استراليا شبكة أخرى فيها لبنانيون»، مشيرا إلى أن «اللبنانيين الثلاثة في اندونيسيا واستراليا ولبنان تربطهم روابط عائلية وليست المرة الأولى التي ينقلون فيها لبنانيين بهجرة غير شرعية»، مؤكدا أن «القضاء بات يعرف أسماءهم وهناك أشخاص منهم موجودون خارج لبنان».

 

سليمان

 

في سياق منفصل، صدر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أمس بيانا جاء فيه أنه «تمّ تأجيل زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان المقررة الثلاثاء المقبل للمملكة العربية السعودية إلى موعد لاحق يعلن في حينه». ولم  تتضح أسباب هذا التأجيل، وإذا كان له علاقة باشتباكات بعلبك أم بأسباب سياسية.