يشدّد د.محمد خطاب (طبيب نفسي) على أن ليس كل اضطراب نفسي مرضًا، «يعوق المرض النفسي الشخص عن التواصل الإيجابي مع أسرته ومجتمعه، ويعتبر الاكتئاب أحد الأمراض الشائعة، ويختلف علاجه حسب طبيعة الحالة ودرجة الاستجابة للعلاج».

Ad

 يربط خطاب الاكتئاب بذكريات سيئة في الطفولة وإهمال علاجها ويقدم حلولا لمقاومة  هذا المرض قد يراها بعض الآباء ثانوية،  من بينها: إفساح في المجال أمام الطفل لاتخاذ قراراته بنفسه كاختيار ملابسه وألعابه وكيفيّة ترتيب  غرفته، مع توضيح له بأن خياراته قد تنتج عنها عواقب، مؤكدًا  أن هذه التجارب ستجعله أقل عرضة للإصابة بأمراض نفسية.

يشير خطاب إلى أن أخطر أنواع الاكتئاب عندما يرفض المريض العلاج أو استشارة الطبيب، فتستمر طريقته السلبية في الحياة، وتسيطر عليه أفكار سوداوية، قد تصل إلى الرغبة في الانتحار، وفي تلك الحالة يصبح خطرًا على نفسه والمحيطين به.

يحذر خطاب من تأثير الاكتئاب على وظائف الجسم، فكلما زادت حدته تغير معدل ضربات القلب، وارتبكت الوظائف الفسيولوجية، وظهرت أعراض أخرى مثل: ضعف الإرادة، عدم الثقة بالنفس، عدم القدرة على اتخاذ قرارات صائبة، ميل إلى الانطواء والعزلة.

معاناة داخلية

يعزو الخبير النفسي سامر ريان الاكتئاب إلى معاناة داخلية تختلف أسبابها من شخص إلى آخر، وتؤثر فيها مشكلات في محيط الأسرة أو المجتمع، يقول: «يعاني أكثر من 70% من المترددين على العيادات أمراضًا نفسية، بعضها يزول بالعلاج النفسي، هنا تكمن أهمية تكامل العلاج بين التخصصات الطبية».

يضيف: «يبدأ علاج الاكتئاب بمعرفة أسبابه، رغبة المريض بالشفاء، اتباع خطوات وقائية مثل: تنظيم الوقت، إشباع الهوايات، ممارسة الرياضة والمشي، الثقة بالنفس، محاولة الاسترخاء، تجنب الضغوط العصبية، توافر الدعم الاجتماعي له، سواء في دائرة الأسرة أو الأصدقاء، مساعدته على التخلص من التوتر النفسي، إتاحة المجال أمام التعبير عن معاناته الداخلية».

ويؤكد ريان أن نسبة التخلص من الاكتئاب تتراوح من 80% إلى 90%، ويُشفى المرضى الذين يواظبون على العلاج في غالبيتهم، ويشير إلى أن ثمة علاجات حديثة أثبتت فعاليتها في القضاء على هذا المرض، مثل العلاج السلوكي، الاستماع إلى الموسيقى، توفير مساحة أمام المريض للتعبير الفني عن ذاته سواء بالرسم أو كتابة القصص والشعر، تنمية ملكاته الخاصة في أنشطة اجتماعية سواء في المدرسة أو العمل أو المؤسسات الاجتماعية...

قرارات صائبة

ينبه د.عطية عتاقي (استشاري الأعصاب والطب النفسي) إلى أن الاكتئاب في مرحلة الطفولة والمراهقة يتطلّب عناية من الأسرة والمجتمع على حد سواء، يقول: «المريض في هاتين المرحلتين لا يستطيع التعبير عن معاناته  بوضوح، فتزداد حدة اكتئابه في حال تجاهله الآخرون ويتضاعف عناده وسلوكه السلبي. ليس المراهق مجرد طفل يمر بفترة عناد ومقاومة، بل إنسان يشعر ويهتم بأمور قد لا تخطر ببال الوالدين».

يشدد عتاقي على أهمية  تربية الطفل منذ عامه الأول عبر توثيق صلته الوجدانية بوالديه، تعزيز ثقته بذاته واتزانه النفسي والعصبي، تشجيعه على اتخاذ قرارات صائبة، حمايته من الانحرافات السلوكية، تأمين اجتيازه الآمن لمرحلة الطفولة..

يضيف عتاقي أن السلوك السلبي الذي يصدر عن المراهق مثل الكذب أو التقصير في التحصيل الدراسي، أو ميله إلى الانطواء  والنفور من المنزل... كلها أمور  تحدث بعد مشادات كلامية بينه وبين الأهل، إنما يمكن السيطرة  على هذه السلوكيات في وقت مبكر بالحوار والإنصات إلى المراهق ومساعدته على استعادة الاتزان النفسي والعصبي والإصغاء إلى وجهات نظره.  

يشير عتاقي إلى أن الطفل أو المراهق قد يشتكي من أن والديه لا يثقان بقدرته على القيام ببعض الأمور ويبالغان بمراقبته، لكن سرعان ما يتبدّد الاكتئاب والقلق لدى شعوره بأمان داخلي وإدراكه أن من مسؤولية الأهل متابعة أمور أبنائهم التربوية، وأن دورهم الأساسي حمايتهم من الأمراض العصبية والنفسية.

نصائح مهمة

 يقدم  الخبراء النفسيون نصائح  للآباء لوقاية أبنائهم من الاكتئاب:

- تحفيز الأبناء على الثقة بالنفس والتعبير عن أفكارهم من دون خوف من العقاب.

- الاهتمام بتنمية مواهبهم الخاصة كالرسم والكتابة وممارسة أنشطة رياضية.

- التشخيص المبكر لحالة الاكتئاب لتجنب المضاعفات.

- التخلص من الشعور بالحرج من استشارة طبيب نفسي والالتزام بالخطوات العلاجية للوصول إلى النقاهة والشفاء.

-  وعي تربوي بطبيعة المراحل الدقيقة في عمر الأبناء، لا سيما المراهقة، وتجنب الشجار والخلافات الزوجية أمامهم.

- عدم الشعور بالقلق الزائد على الابن المكتئب ومساعدته على التخلص من الأفكار السلبية.