المجاملات... دبلوماسية أم نفاق اجتماعي؟

نشر في 07-05-2013 | 00:01
آخر تحديث 07-05-2013 | 00:01
No Image Caption
بعدما أضحت المجاملات وسيلة سياسية لتحقيق مكاسب في مجالات الحياة كافة، هل باتت لغتها ديبلوماسية مطلوبة في حياتنا اليومية أم نفاقاً اجتماعياً وعادة سيئة يجب التخلص منها؟ {الجريدة} رصدت آراء مختلفة واستوضحت خبراء في سياق التحقيق التالي.
يرى محمد إبراهيم (30 عاماً، موظف) أن المجاملة امتدت من محيط الصداقة إلى مجال العمل، خصوصاً إذا كانت لرب العمل، لضمان الارتقاء في المناصب، ويقول: {لغة المجاملة مطلوبة في معاملتنا اليومية، فلا بد من التودد للمحيطين بنا لنكون محبوبين والتواصل مع الجميع}.

بدورها تنتقد نورا سليمان (45 عاماً، ربة منزل) لجوء الأشخاص إلى المجاملة، كونها أسلوباً رخيصاً لتحقيق أهداف شخصية، من دون مراعاة للمبادئ، فهؤلاء يعتمدون أي وسيلة لتحقيق مصلحتهم، وهذا أسلوب قبيح، برأيها، لكنه للأسف، يجدي معهم ويوصلهم  إلى غاياتهم، فيما لم يعد الصدق مجدياً في زمننا.

أما أماني محمد (19 عاماً، طالبة) فتشير إلى أن {النفاق} للوصول إلى هدف ما مشروع ولا يستدعي نعته بهذا الوصف، {بل هو ديبلوماسية في التعامل وجزء من تعاملاتنا اليومية. لا يمكن الاستغناء عن المجاملة، قد يكون لها وجه حسن ومطلوب، كأن أجامل شخصاً  بمدحه وإبراز صفاته الحسنة، لكسب وده}.

رأي علم النفس

تؤكد الدكتورة هالة رمضان، أستاذة علم النفس في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن المجاملة سلوك إيجابي لتوطيد العلاقات، لكن اعتماد النفاق لتحقيق مصلحة ما، يُعدّ مرضاً يقضي على المبادئ الراسخة، فيستخدم الشخص المنافق أساليب ملتوية للحصول على منافع مادية أو معنوية ويعتاد الكذب.

تضيف: {ثمة أشخاص يصابون بـ{العمى الاجتماعي} فلا يميزون بين الصدق والكذب، ما يفقدهم،  بمرور الوقت، الثقة بمَنْ حولهم}.

توضح أن النفاق مرفوض بأشكاله كافة، لأن المرء يظهر عكس ما يبطن، ويتلوّن بألف وجه وألف شخصية، حسب كل موقف يتعرّض له، فتتوه شخصيته الحقيقية وسط الزيف والخداع.

وتلفت إلى أن النفاق الاجتماعي مرض نفسي، يجعل الشخص  قادراً على التلون ليصل إلى غايته وتحقيق القبول الاجتماعي في محيطه، مقابل التفريط بمبادئه وأخلاقه، وبالتالي يعيش في صراع بين حقيقته وما يُظهره للمحيطين به.

تشير إلى أن المنافق  يفقد القدرة على إنجاز أي هدف حقيقي نظراً إلى ضعف عزيمته، لذا يسلب نجاحات الآخرين وينسبها إلى نفسه للتقرب من رفاقه أو زملاء عمله أو رئيسه، كونه لا ينطق بالحقيقة غالباً، وسرعان ما ينقلب على الشخص الذي يجامله، حين تقع مشكلة بينهما.

بدورها تصف الدكتورة عزة كريم (أستاذة علم الاجتماع) النفاق الاجتماعي بأنه {لغة العصر}، ووسيلة لتحقيق مصالح شخصية مهما كان الثمن، وتفرّق بين النفاق والمجاملة، {ثمة هدف وراء النفاق دائماً فيما المجاملة معاملة لزيادة المودة والألفة بين الأشخاص، من دون السعي إلى تحقيق منفعة}.

 تضيف أن النفاق آفة اجتماعية تترك آثاراً تدمر المجتمع وتفتك بقيمه ومبادئه، {أصبح كل شيء في الحياة نفاقاً، سواء في العمل أو العلاقات الاجتماعية وبات الناس يحكمون على المظهر ويتجاهلون الجوهر، والكذب سمة سائدة في التعاملات المختلفة، عملا بمبدأ الغاية تُبرر الوسيلة}.

تلاحظ كريم أن ثمة انفلاتاً أخلاقياً يظهر في سلوكيات الناس اليومية التي تهيمن عليها لغة التضليل والأكاذيب، فيما اختفت روح الجماعة وحب الخير للغير، {الجميع يبحث عن مصلحته الخاصة، وعن المال والمنصب والشهرة، بغض النظر عن العلاقات الإنسانية، حتى لو كلفه ذلك بيع ضميره أو مبادئه}.

تأسف لأن الصدق أصبح عملة نادرة، ولا يُعامل الصادق جيداً بل يعتبره المحيطون به غريب الأطوار، كونه يتعامل بأسلوب يختلف عما هو سائد في مجتمعه.

الحل الوحيد، برأيها، استعادة الروح الإيجابية في المجتمع، وهذه مهمة منوطة بالمؤسسات التعليمية والتربوية التي من واجبها ترسيخ مبادئ الصدق والشفافية بين النشء، حتى يشبّوا عليها ولا يقعوا في شراك النفاق.

back to top