تسدل الدائرة الإدارية في المحكمة الكلية اليوم الستار على حكمها في ثلاث قضايا تطالب بوقف انتخابات مجلس الامة المحددة في 27 الجاري، لثلاثة أسباب مختلفة الأول لأن الحكومة التي أصدرت مرسوم الدعوة شاركت بها وزيرة الشؤون ذكرى الرشيدي المحللة من مجلس ديسمبر 2012 الذي قضت المحكمة الدستورية في 16 يونيو الماضي ببطلانه وبطلان من تم الاعلان عن فوزهم ومن بينهم الوزيرة ذكرى الرشيدي، والثاني لتقدم رافع الدعوى د. جاسم العنزي بطلب تفسير للمحكمة الدستورية ومحدد لنظره جلسة الثامن من سبتمبر المقبل بشأن آلية تنفيذ حكم المحكمة الدستورية والثالثة لعدم ضم منطقة النهضة ضمن جدول المناطق المرفق بالمادة الاولى من قانون الدوائر الانتخابية.

Ad

ورغم ما تواجهه تلك الدعاوى من دفوع قانونية أثارتها إدارة الفتوى والتشريع أهمها الحكم بعدم اختصاص القضاء ولائيا بنظر هذا النوع من الدعاوي إلا أن للقضاء الاداري وبحسب أحكام المحكمة الدستورية وتحديدا الأحكام الصادرة في 20 يونيو 2012 و16 يونيو الماضي، التي تؤكد على اختصاص القضاء بالرقابة على الاجراءات الإدارية التي تصدرها السلطة التنفيذية طالما كانت مرتبطة بالعملية الانتخابية.

ثلاثة سيناريوهات

وللدعاوى القضائية المرفوعة بوقف الانتخابات ثلاثة سيناريوهات للتعامل معها من قبل المحكمة الإدارية وفق كل قضية على حدة، ففي الدعوى الأولى المرفوعة من المحامي عادل عبدالهادي بوقف الانتخابات بعد الحكم ببطلان مرسوم الدعوة للانتخابات استنادا إلى أن الحكومة التي أصدرته هي حكومة اشتركت بأعمالها وزيرة صدر حكم ببطلان عضويتها إلى أن تنتهي الإدارية بالحكم بعدم الاختصاص ولائيا لكون انها أعمال تتعلق في ما بين السلطتين وأن القضاء لا يختص بالرقابة عليها ومن ثم تقضي المحكمة بعدم اختصاصها، بينما الإحتمال الثاني هو رفض الدعوى استنادا إلى سلامة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وأن العبرة بسلامة الحكومة هو بأداء أعضائها لليمين أمام الأمير وهو ما قامت به وزيرة الشؤون ذكرى الرشيدي بعد أن زالت عنها صفة العضوية عن مجلس الأمة منذ تعيينها عضوة في الحكومة، بينما الإحتمال الأخير وهو ضعيف أن تقضي المحكمة الإدارية بإلغاء مرسوم الدعوة وتوقف الانتخابات مستجيبة لطلبات المدعي بوقف الانتخابات استنادا إلى أن الأعمال التي صدرت من الحكومة اشتركت بها وزيرة صدر حكم ببطلان عضويتها وأن تعيينها بالحكومة كان بسبب عضويتها في المجلس المبطل، وانه كان يتعين على الحكومة وبعد صدور حكم المحكمة الدستورية أن تقرر استقالتها ومن ثم تتشكل مجددا حتى تتجنب بطلان أعمالها.

طلب التفسير

بينما الدعوى القضائية الثانية والمقامة من د. جاسم العنزي والتي يستند فيها إلى سببين الأول هو لتقديمه طلب تفسير أمام المحكمة الدستورية ومحدد لنظره جلسة 18 سبتمبر المقبل لبيان آليات تنفيذ حكم المحكمة الدستورية الصادر في 16 يونيو الماضي بشأن الدعوة للانتخابات البرلمانية بعد أن قررت المحكمة الدستورية ببطلان مجلس ديسمبر 2012 مع مراعاة الفقرة الثانية من المادة 107 من الدستور، وأن الإجراءات التي قامت بها الحكومة بالدعوة للانتخابات دون إصدار مرسوم لحل مجلس ديسمبر 2012 المبطل مخالفة للحكم الصادر، كما يستند العنزي في دعواه إلى النقص العددي للقضاة بالاشراف على العملية الانتخابية وأن العدد المتواجد منهم بشهر يوليو والبالغ أكثر من 300 قاض ومستشار لا يكفي للإشراف على العملية الانتخابية التي استوجب القانون أن يشرف عليها القضاة وأعضاء النيابة العامة.

والاحتمالات التي تواجه هذه الدعوى هي إحتمالان الاول ان رافع الدعوى وهو د. جاسم العنزي ليس له صفة في تقديم طلب التفسير إستنادا إلى أنه ليس من بين المحكوم عليه في الطعن رقم 15 الذي قضت المحكمة الدستورية في 16 من يونيو الماضي ببطلان العملية الانتخابية وان لأطراف هذا الحكم وحدهم التقدم بطلب التفسير كما أن القضاة المكلفين بالاشراف على العملية الانتخابية كاف وأن عددا منهم قد قطع إجازته للاشراف والمشاركة بالانتخابات، بينما الاحتمال الثاني وهو ليس ببعيد أن تستجيب المحكمة لطلبات العنزي وتوقف العملية الانتخابية بعدما تقبل صفته لكونه أحد الطاعنين بالانتخابات وأن المحكمة الدستورية قد أحالت في الحكم الصادر في طعنه على الحكم الصادر رقم 15 لسنة 2012 ببطلان الانتخابات عندما حكمت بانتهاء الخصومة في الطعن المقام منه.

منطقة النهضة

اما الدعوى الإدارية الثالثة فهي المقامة من المحامي مبارك الحربي والتي يطالب فيها بإلغاء القرار الاداري السلبي بالامتناع عن ضم منطقة النهضة ضمن جدول المناطق الوارد بالمادة الأولى من قانون الدوائر الانتخابية ومثل هذه الدعوى التي تصدت لها المحكمة الدستورية في دعويين إنتهت فيهما إلى رفض الدعوى الدستورية المقامة بشأن عدم ضم منطقة النهضة في الطعن المقام من أحد المرشحين بعدم الدستورية في عام 2008 وقضت برفضه استنادا إلى أن هذا الامر لا يمثل أية مخالفة وهي مسألة تنظيمية للمشرع، كما قررت المحكمة في الطعن بعدم الدستورية على قانون الدوائر الانتخابية بأن المادة الأولى وان كانت لا تضم عددا من المناطق ومن بينها منطقة النهضة وجابر الأحمد إلا أنها لا تحمل أي مخالفات دستورية وأنها مسألة تنظيمية على المشرع أن يعالجها، وهذان الحكمان يقطعان بعدم وجود مخالفة دستورية لقانون الدوائر الانتخابية من عدم ضمه لعدد من المناطق إلا أن عدم وجود مخالفة دستورية لا يعني عدم وجوب التزام على الحكومة بعدم ضم المنطقة ضمن المناطق الواردة بقانون الدوائر، وهو ما سيجعل المحكمة الإدارية في حكمها أن تقرر بين أمرين، الاول أن تحكم المحكمة برفض الدعوى لأنها لا تنطوي على قرار إداري سلبي كان يجب على السلطة التنفيدية إصداره، وإنما على عدم وجود تشريع ينظم وجود هذه المنطقة لان الاداة التشريعية لضم هذه المنطقة هي القانون وليس القرار المراد استصداره من السلطة التنفيذية، بينما الاحتمال الثاني وهو ضعيف أن تقضي المحكمة بصفة مستعجلة بوقف الانتخابات لحرمان قاطني المنطقة ومن بينهم رافع الدعوى من الانتخاب في دائرته الانتخابية خاصة إذا أثبت أن لا موطن انتخابيا آخر له.

وبعد الاشارة إلى احتمالات كل دعوى قضائية والأسباب التي تقوم عليها، تجب الاشارة إلى الآثار التي قد تقع  في ما لو قررت المحكمة الإدارية اليوم وقف العملية الإنتخابية على النحو التالي:

اولا: إذا ما صدرت أحكام من المحكمة الإدارية بالشق المستعجل بوقف الانتخابات دون الفصل بالشق الموضوعي فذلك يعني أن للحكومة أن تقوم باستشكال الحكم المستعجل والطعن على الشق المستعجل أمام محكمة الاستئناف والأخيرة تقوم بالتصدي له إما بتأييده وإما بإلغائه.

محكمة الاستئناف

ثانيا: إذا ما استشكلت الحكومة على حكم وقف الانتخابات بالشق المستعجل فإن ذلك يعني وقف أثره واللجوء إلى محكمة الاستئناف فإن انتهت الأخيرة إلى تأييده بوقف الانتخابات فذلك يعني أن لا انتخابات ستجرى في 27 الجاري وسوف تتأجل لموعد آخر، بينما إذا جاءت محكمة الاستئناف وألغت حكم اول درجة فإن ذلك يعني إستمرار عملية الانتخابات التي ستجرى في 27 الجاري.

ثالثا: إذا لم تستأنف الحكومة حكم وقف الانتخابات أو أن محكمة الاستئناف أيدت حكم محكمة اول درجة بوقف الانتخابات فذلك يعني عدم وجود انتخابات في 27 الجاري وكذلك عودة مجلس 2009 المنحل للانعقاد مرة أخرى بقوة القانون لفوات مدة الـ60 يوما من صدور حكم المحكمة الدستورية أو من نشره في الجريدة الرسمية وتتم الدعوة للانعقاد لمجلس 2009 المنحل من قبل رئيسه استنادا للفقرة الثالثة من المادة 107 من الدستور.

رابعا: يكمل مجلس 2009 عمله إلى أن يصدر مرسوم أميري بالحل لأي سبب كان وفق ما تقرره المادة 107 من الدستور بفقرتها الاولى فتتم الدعوة للانتخاب مجددا وتحسب مدة الـ60 يوما الجديدة من تاريخ نشر مرسوم الحل.

ويبقى أن كل تلك الآثار الأربعة فرضيات قد تتحقق في ما لو قررت المحكمة الإدارية اليوم وقف الانتخابات، لكنها بالتأكيد لن تتحقق لو قضت المحكمة الإدارية بالحكم بعدم اختصاصها بنظرها أو الحكم برفضها.