رجع جحا إلى البيت في أحد الأيام قادماً من السوق وبيده كيسٌ مليءٌ باللحم، ففوجئت زوجته التي اعتادت على عودة زوجها من السوق خالي الوفاض، وعند الغداء، جلس جحا يترقب الوليمة الشهية بفارغ الصبر، وبعد طول انتظار، سأل الزوجة عن اللحم، وصُدم عندما أشارت إلى قطتهم الهزيلة الجالسة في زاوية المنزل، وأخبرته بأن الهرة أكلت كل اللحم! وسرعان ما كشف كذب زوجته التي حمّلت القطة المسكينة مسؤولية فعلتها، وتساءل "إذا كانت هذه هي القطة، فأين اللحم؟! وإن كان هذا هو اللحم، فأين هي القطة؟!".
سواء اختلفنا مع بعض تفاصيل الوثيقة التي رفعها مؤخراً المؤتمر الوطني للشباب إلى سمو الأمير، أو إذا اعتبر بعض المراقبين أن الأولويات التي تبناها المؤتمر تعتبر من المسلمات، وأنها عبارة عن إعادة تدوير لمطالبات قديمة-جديدة لا تتناسب مع الوقت والجهد والمال الذي تم بذله، ولا ترقى إلى مستوى الطموح، يبقى المؤتمر بحد ذاته مجهودا طيبا وخطوة في الاتجاه الصحيح.فالأولويات العشر التي طرحتها الوثيقة والتي اشتملت على الإسكان والصحة والتنمية البشرية والإصلاح الإداري والقانوني والقضاء والإصلاح الرياضي وتنمية المشاريع الصغيرة وإصلاح التعليم والثقافة والفنون والآداب ورعاية المبدعين والبيئة، كلها تشكل هاجساً حقيقياً لمعظم إن لم يكن كل الكويتيين.نعم، لقد استمع الشعب قبل ثلاث سنوات تقريبا إلى ما أُطلق عليه حينها "الخطة الإنمائية" وسال لعابه عندما طرقت مسامعه كلمات رنانة مثل "مركز مالي وتجاري، وتذليل العقبات، والقضاء على الفساد والبيروقراطية"، كما استمع الشعب نفسه بإنصات إلى حكاية "مدينة الحرير" إلا أنها كانت أشبه بحكايات جدتي قبل النوم، فأخذ يحلم بالحرير وأفاق على نفس الوسادة البالية التي ما زال يلتحف بها منذ عقود!نعم، لقد رأى الشعب إياه بعينيه التي سيأكلها الدود "كيس اللحم" عندما تم إقرار ٣٠ مليار دينار لخطة التنمية، إلا أنه فوجئ، كما فوجئ جحا بالقطة الهزيلة التي أكلت اللحم وتركته يتحسر وهو يمسك بالعظم!نعم أيها السادة، إن الكويت تسمع وستظل تسمع، كما أنها كانت تسمع منذ الولادة، ولكن للأسف الشديد "عمك أصمخ"!خربشة:انتبهوا يا سادة، فليس المقصود من مفردة "الحوار" ابن الجمل!!
مقالات
الكويت تسمع... ولكن «عمّك أصمخ»!
26-03-2013