كباقي عباد الله في هذا الوطن، لم أجد في حكومة الشيخ جابر المبارك الأخيرة ما يجعلني أبكي حسرة على إعفاء أي من أعضائها في التشكيلة الوزارية الجديدة، فهي لا تختلف عن سابقاتها في سلحفائية الإنجاز وغياب المبادرة والخوف من المواجهة، لذلك لم يشعر أي مواطن بأي تغيير طرأ بين حكومة الشيخ جابر المبارك وحكومات الشيخ ناصر المحمد، مع إدراك الجميع رغبته الصادقة في إحداث التغيير، لكن للأسف، لم يحدث شيء من هذا، والتراجع لا يزال مستمراً!

Ad

وبالرغم من وجود بعض الوزراء المجتهدين فإن ضعف أداء أغلبية زملائهم قد طغى على الأداء العام وجعله ضعيفاً وخالياً من أي إبداع، الأمر الذي جعل كثيراً من النواب الجدد يطالبون الشيخ جابر المبارك بتغيير "جذري وشامل" لحكومته عبر الإتيان بوجوه جديدة من الشباب المتخصصين "التكنوقراط" الذين لديهم الطموح والقدرة على الإنجاز!

وعبر عدد منهم عن "نواياهم الطيبة" بالمطالبة بأن تتناسب التشكيلة الوزارية الجديدة مع "مخرجات الانتخابات"، يعني وزراء شباب وتكنوقراط "برضو" بس من جماعتهم التي حازت عدداً لا بأس به من المقاعد البرلمانية، لذلك، يجب أن يكون لهم النصيب الأكبر في عملية المحاصصة القادمة، وإلا "أبشر بالمساءلة" يا شيخ منذ الآن!

وقد أبدع الإخوة النواب في مطالباتهم بعدم عودة الوزراء أيما إبداع، فمن وزير الصحة إلى وزير الداخلية إلى وزيرة الشؤون إلى وزيرة التخطيط و"أنت رايح" حتى لم يبق أحد غير مطالب برحيله، والحمد لله أن لم يطالب أحد برحيل الرئيس!

وسط هذه الهوجة يأتي النائب كامل العوضي ليقول كلاماً منطقياً: "عودة الحكومة السابقة أو أغلبية وزرائها أمر طبيعي لأن من أبطل قضائياً هو المجلس وليس الحكومة، لذلك يجوز لرئيسها العودة بنفس الوزراء أو تغيير بعضهم" و"ليس هناك داع لتغيير وزاري كامل لأنه لم يكن هناك كتاب لعدم التعاون كان سبباً في حل المجلس السابق، بل إن المحكمة الدستورية هي التي أبطلته، ويبقى تقدير الأمر لرئيس الحكومة في اختيار وزرائه"!

حسناً، لقد قلت في بداية المقال إنني غير راض عن أداء الحكومة، وأعلم أن عدداً من الوزراء رحيله مستحق، لكن التشكيل الوزاري بحسب الدستور موكل لرئيس الوزراء وحده بموافقة تصديق سمو الأمير عليه، فليس لي كمواطن الحق في وضع هذا الوزير أو إعفائه، وكل ما لدي هو انتخاب نواب يقومون بمراقبة أداء الوزراء وطرح الثقة بهم في حال حصلوا على الأصوات اللازمة؛ لذلك قلت إن مهمتهم هي مراقبة أدائهم لا القيام بطرح هذا الاسم أو ذاك، أو التهديد بالمساءلة في حال تم تعيين من لا يرغبون به، فهذه ليست من اختصاصهم، وحده رئيس الوزراء هو الذي يحدد فريق عمله، وهو المسؤول الأول تبعاً لذلك عن فشلهم، فهو من اختارهم، وهو من عينهم كوزراء، يعني... المفروض أن يكون كذلك! على أي حال، فالأسماء والشهادات لا تهم كثيراً، وحكاية التكنوقراط فشلت من قبل في عدد من النماذج الوزارية السابقة، والتخصص ليس ضرورة للنجاح في إدارة الوزارة، المهم هو قوة الشخصية والرغبة في النجاح والشجاعة في المواجهة والقدرة على تحمل المسؤولية، ولا يهم بعد ذلك إن كان وزيرنا يحمل هذه الصفات طفلاً في العاشرة أم عجوزاً في التسعين، بروفيسوراً في الجامعة أم شهادته أولى ابتدائي!

الأمر متروك لرئيس الوزراء وضميره في اختيار الأفضل والأكفأ بعيداً عن المجاملات والضغوط التي يمارسها النواب أو غيرهم من المتنفذين، وكما يقول أحد الأصدقاء المتفائلين دائما: "يجيب الله خير"!