يبدو أن الكثير من الشعراء والشاعرات في العالم العربي باتت تستهويهم كتابة الرواية أكثر من الشعر، أو الشعر لم يعد يلبي ذائقتهم الأدبية، وبعضهم اعتبر أنه لم يعد لديه ما يقوله في الشعر فتوقف عن كتاباته ليبدأ كتابة الرواية. نذكر في  هذا المجال الشاعر عباس بيضون الذي أصدر أخيراً أربع روايات عن دار {الساقي}، والشاعر عبده وازن الذي راح يميل إلى كتابة السيرة الذاتية، خصوصاً في كتابه {غرفة أبي}، والشاعر أنطوان الدويهي الذي أصدر قبل أيام روايته الأولى بعنوان {حامل الوردة الأرجوانية}، وها هي الشاعرة عائشة البصري تصدر روايتها الأولى {ليالي الحرير} بعد ست مجموعات شعرية صادرة بين المغرب وسورية وبيروت، وحقيبتين فنيتين، بالإضافة إلى عشر مختارات مترجمة إلى لغات أجنبية من بينها: الإسبانية والفرنسية والتركية والإيطالية والألمانية صدرت للشاعرة في بلدان مختلفة: فرنسا، إسبانيا، إيطاليا، تركيا، الشيلي، كوستاريكا...

Ad

الرواية تصفية حساب لامرأة مع أصدقاء أَلِدّاء: الرجل، المرض، الحياة، الموت... حيث تتسامى حالات صراع الأنثى وآلامها إلى مستويات عالية من التأمل الوجودي والقلق الروحي العميق والمضيء. استناداً إلى ثقافة روائية شديدة الرهافة أفصحت عنها حداثة السرد، وغرائبيته، ومكره اللذيذ.

تتداخل في هذا المحكي كثير من الأزمنة والأمكنة، والأحداث، يَلْحم تباعدَها، واختلافَ أشكالها وألوانها وعطورها، حلمٌ لا ينتهي... حلم، أحلام، ترفو جسدَ الساردة وسردها بخيوط من وهم اسمه الحياة.

الرواية مركبة ومبنية على عنصرين مهمين عنصر الحاضر الذي يعيد المريضة أو الساردة إلى كل ما يحيط بها. وعنصر الكابوس أو الحلم الذي تنشأ فيه أجزاء مهمة من الرواية. وهي طريقة سمحت باللعب أدبياً بين حاضر تصعب السيطرة عليه وحلم يسمح للساردة بأن تستعيد حياة لم تكن سهلة. بالإضافة إلى عنصر الغيبوبة، البرزخ الذي يربط بين عالم الموتى وعالم الأحياء. حيث تتنقل الساردة بينهما بسلاسة بحثاً عن أجوبة لم تجدها في الحياة فسعت إليها في الموت. فالشخصيات كلها ميتة بما فيها الساردة التي لا تعي موتها بل حتى الروائية التي من المفروض أن تكون عالمة بكل شيء في هذا الفضاء الروائي ليس لديها اليقين بموت أو حياة الساردة.

شخصيات الرواية ملتبسة، تتقاطع حيواتها في كثير من الأحيان، بما فيها الشخصيات التي آلت تقديم نفسها من خلال إنطاق الهوامش، تقاطع يخضع للصدف وعشوائية الأقدار أكثر مما يخضع لمنطقية الأحداث.

رواية «ليالي الحرير» ذهاب في أمور بعيدة حتى الموت بحثاً عن أجوبة لأسئلة الحياة. وقد حظيت باهتمام الكتاب، نقرأ في الغلاف الأخير كلمة تقديمية للناشر وشهادات لكل من الروائي الجزائري واسيني الأعرج والروائي المصري ابراهيم عبد المجيد والشاعر المغربي نجيب خداري.