أوباما يواجه اختباراً صعباً لاختيار خليفة برنانكي
إذا رغب أوباما في تعيين رئيس للاحتياطي الفدرالي همه الآن التضخم، فسيكون بذلك اختار شخصاً يسيء فهم الاقتصاد. كان على الرئيس أن يقول: «أنا أبحث عن شخص يفهم أن لدى مجلس الاحتياطي الفدرالي تفويضاً ثنائياً، وأنه لا يوجد الآن تعارض بين تشجيع النمو الاقتصادي ووضع التضخم تحت السيطرة».
سيكون اختيار الرئيس الجديد لمجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي من أهم القرارات التي تؤخذ في السياسة الاقتصادية في أي مكان في العالم في هذه السنة. وما يثير القلق هو سماع الرئيس باراك أوباما وهو يقدم وصفاً لوظيفة يتبين منه أن المهام ستكون فاترة ومحدودة وعفى عليها الزمن. قال الرئيس أثناء مقابلة أجرتها معه صحيفة "نيويورك تايمز" مؤخراً، إنه يريد رئيساً لمجلس الاحتياطي الفدرالي لا يقدم خدمات بالقول فقط بخصوص التفويض الثنائي بزيادة الوظائف واستقرار الأسعار. ثم قام الرئيس بعد ذلك بنفسه، بتقديم خدمات بالأقوال وليس بالأفعال في مسائل تتعلق بالتضخم والفقاعات والدولار القوي.
بطالة عالية وقال الرئيس: "هذا وقت مازالت فيه البطالة عالية جداً وينتظر أن تبقى كذلك في المدى الطويل، وما زال الطلب ضعيفاً على الكثير الصناعات، وأنا أريد رئيساً لمجلس الاحتياطي الفدرالي يستطيع أن يرجع خطوة للخلف، وأن ينظر بموضوعية ويقول دعونا نتأكد من أننا ننمي الاقتصاد، ولكن علينا كذلك أن نفتح عيوننا على التضخم، وإذا ازدادت سخونة التضخم وبدأت الأسواق بالحركة القوية، فعلينا أن نتأكد من أننا لا نصنع فقاعات جديدة". هذه طريقة معقولة من أوباما في وصف الشخص الذي يختاره لرئاسة الاحتياطي الفدرالي. النمو والدولار أشياء جيدة، أما التضخم والفقاعات فأمور كريهة. على من يتقلد المنصب الجديد، سواء كان لورانس سومرز أو جانيت ييلين أو أي اختيار ثالث غير متوقع، أن يكون شبيها بالقاتل المتعطش للدماء الذي يحمل فأساً عندما تحين ساعة التعامل مع التضخم. إذا كان الغرض من كلمات أوباما هو بناء مصداقية لها مقدماً، فإن ملاحظاته في هذه الحالة مفيدة. لكن من حيث كونه توصيفاً لعمل رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، في وقت بلغت فيه نسبة البطالة 7.6 في المئة، فإنه ضعيف. بداية، لا يوجد تضخم جدير بأن نتحدث عنه في هذه اللحظة. المقياس المفضل لدى "الاحتياطي الفدرالي" هو أن معدل البطالة أعلى بنسبة 1 في المئة عما كان عليه في العام الماضي. وكذلك لن توجد احتمالات بحدوث تضخم في وقت يوجد فيه 12 مليونا خارج العمل، يعملون على دفع الأجور نحو الأسفل. تفويض ثنائي إذا رغب أوباما في تعيين رئيس للاحتياطي الفدرالي همه الآن التضخم، فسيكون بذلك اختار شخصاً يسيء فهم الاقتصاد. كان على الرئيس أن يقول: "أنا أبحث عن شخص يفهم أن لدى مجلس الاحتياطي الفدرالي تفويضاً ثنائياً، وأنه لا يوجد الآن تعارض بين تشجيع النمو الاقتصادي ووضع التضخم تحت السيطرة". هذا ليس كل شيء. يفكر مجلس الاحتياطي الفدرالي بأن على التضخم أن يرتفع قليلاً فوق الهدف لفترة معينة لكي يساعد في الإسراع في خفض البطالة. وهم يقولون هذا باللغة الباطنية (أو حسب لغة البنك) التي يستخدمها رئيس الاحتياطي الفدرالي، بالتعهد باتباع "منهج متوازن" بخصوص ارتفاع معدل الفائدة في المستقبل. على "الاحتياطي الفدرالي" أن يتصرف بهذه الطريقة لكي يحافظ على التوافق بين وجهي التفويض (الثنائي) – لكن مخاوف الرئيس حول التضخم ستلغي ذلك. وسيكون أيضاً من الصعب استغلال المزيد من البصيرة النقدية العظيمة التي رأيناها في السنوات الأخيرة، أي ربما يكون من الضروري حدوث قدر قليل من التضخم في المستقبل للتعويض عن فقدانه الآن. هناك معيار أفضل لذلك، يمكن أن يقول: "إذا وجد تعارض بين وجهي التفويض، فأنا أريد أحدهم لكي يهتم على الأقل وبقدر الإمكان بالبطالة العالية والتضخم العالي في الوقت نفسه". تجنب الفقاعات يعتبر عدم الاستقرار المالي وتجنب الوقوع في الفقاعات من الأمور المناسبة المسببة لقلق رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وتعتبر فوضى أسعار الأصول واحدة من المخاطر الناتجة عن معدلات الفائدة المنخفضة، وربما يكون من واجبات من يخلف بن برنانكي توجيه خراطيم المياه إلى الأسواق، كما فعل مجلس الاحتياطي الفيدرالي وحقق نتائج ممتازة في حزيران (يونيو). ولكن أوباما يتحدث كثيراً عن الأسواق ولا يتحدث ما يكفي عن البنوك. تستطيع البنوك مع الائتمان تحويل الحماس في الأسواق إلى أزمة مالية، ولذا أصبح الجزء الأهم من عمل الرئيس المقبل للاحتياطي الفيدرالي هو تنظيمهما بالحيوية التي تتطلبها قوانين دود-فرانك الجديدة. كان الرئيس يعني في حديثه أن هناك تناقضاً بين النمو والاستقرار المالي، ولكن، وكما نبه برنانكي في أوائل هذه السنة فإن أكبر المخاطر المالية هي أن يكون الاقتصاد ضعيفاً. مرة أخرى، يمكن صياغة هذه المعايير على النحو التالي: ''أريد مرشحاً لشغل المنصب يكون قادراً على ضمان استقرار النظام المالي، من خلال الأنظمة المشددة على للبنوك أو أي مؤسسة تحاول التصرف مثل بنك''. وهناك وصف آخر لم يذكره أوباما، يقال إنه يعتبره مهماً، وهو: على الرئيس الجديد لمجلس الاحتياطي الفدرالي أن يكون مديراً جيداً في الأزمات. إذا كان على الاقتصاد أن يعاني من صدمة أخرى الآن، في هذه الأوقات التي بلغت فيها معدلات الفائدة صفراً وعمليات شراء الأصول تعمل بكامل طاقتها، فإن فعلينا أن نتوقع أن هذه الأمور ستتفوق على براعة رئيس الاحتياطي الجديد. على الرئيس أن يبحث عن الجلد والابتكار عند اختياره للمنصب. حشد اللجنة هناك أمور أخرى ينبغي أن يهتم بها رئيس مجلس الاحتياطي. القدرة على حشد اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة وأن يقود موظفي البنك (وهما مهمتان مختلفتان تماماً)، وتوصيل العبارات البالغة التجريد في سياسة البنك إلى جمهور لا يثق به، وأداء الرقصة التقديرية التي تبقي البنك مخلوقاً للكونجرس، لكنه مستقل عنه في الوقت نفسه. خلال السنتين السابقتين أحضر محافظون جدد ثورة في السياسة النقدية في ثلاثة بنوك مركزية كبيرة. ماريو دراجي جعل البنك المركزي الأوروبي يفعل "ما يلزم" للمحافظة على اليورو. ويستخدم مارك كارني الإرشاد حول السياسة النقدية المستقبلية في بنك إنجلترا. وحول هاروهيكو كورودا بنك اليابان من جهاز خجول إلى أشجع بنك من حيث الأداء بين البنوك جميعاً. الآن لدى أوباما الفرصة لتشكيل مجلس الاحتياطي الفدرالي لسنوات عديدة. لكن المثال الذي وضعه ينفي ذاته بصورة غريبة. فهو يصف مسؤولاً في البنك المركزي من النوع العادي الذي كان سائداً قبل 10 سنوات. في ييلين وسومرز لدى الرئيس اثنين من المرشحين الممتازين. وكلاهما حقق علامات طبية في المعايير المذكورة هنا. لكن ينبغي أن يلاحظ أوباما أنه بمجرد اتخاذ قراره، سيكون رئيس البنك عاملاً حراً تكون وظيفته أهم للاقتصاد من وظيفة أوباما. ينبغي أن يستند في اختياره على حاجات أميركا الاقتصادية، وما يريد من البنك أن يفعله للتعامل مع هذه الحاجات، وليس مجرد مبادئ عفا عليها الزمن في مواجهة التضخم.