أجمع المحاضرون في الندوة الحوارية التي نظمها مركز الدراسات الأوروبية - الخليجية في كلية العلوم الاجتماعية تحت عنوان "حرية التعبير وقضايا الأمن الوطني في عصر المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي" أمس، أن دور وسائل التواصل الاجتماعي فعال ومؤثر، وأن عدد مستخدمي هذه الوسائل في تزايد مستمر، والحكومات أصبحت تنزعج من انتشارها بين الأفراد لصعوبة الرقابة عليها.

Ad

فمن جانبه، قال رئيس مجلس الأمة علي الراشد إن قضية الحريات مثلت الشغل الشاغل للأجداد والآباء والمؤسسين، إذ وضعوا أغلب الحقوق في دستور 62، حيث تضمنت المادة 7 منه العدل والحرية والمساواة التي اعتبرت من دعامات المجتمع، في حين نصت المادة 30 على أن الحرية الشخصية مكفولة، وتناولت المادة 35 حرية الاعتقاد وحرية ممارسة الشعائر الدينية، بينما تناولت المادة 36 حرية الرأي والبحث العلمي.

 وأضاف الراشد أن الدستور (62) تضمن حريات اخرى عديدة كحرية الصحافة والمراسلات والاتصالات وغيرها الكثير، وأغلب هذه الحريات استمدت من وثيقة حقوق الانسان الصادرة من الامم المتحدة، غير ان جميع هذه الحريات غير مطلقة، ويحكمها القانون كما هو الحال في الدول المتقدمة والعريقة في الديمقراطية.

وذكر أن "حرية التعبير تعتبر من أهم الحريات المكفولة للإنسان يعبر من خلالها عن مطالبه، وهي حق يستخدم دائما لتطور الشعوب وللتحول الديمقراطي لدى الشعوب حديثة العهد بالعمل الديمقراطي، فكلما ارتفع مستوى التعبير المسؤول لدى الشعوب دل ذلك على ارتفاع مستوى الحرية والديمقراطية في المجتمع".

ومن جهته، قال السفير البريطاني فرانك بيكر: "إن وسائل التواصل الاجتماعي اصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ولاستعمالها يجب ان يتحلى الفرد بحرية التعبير ليعبر عن آرائه وأفكاره"، مشيرا إلى أن "حرية التعبير حق اساسي، ومن الجانب الحسن لاستعمال هذه الوسائل هو استعمالها في بث الجرائم التي ترتكب في سورية للعالم على سبيل المثال".

وأكد عميد كلية العلوم الاجتماعية د. عبدالرضا اسيري أن الندوة تأتي استمرارا واستكمالا لمسيرة الكلية العلمية في عقد المؤتمرات والندوات، وتعزيز دورها الحيوي الذي تضطلع به في خدمة الجامعة والمجتمع، وكذلك سعيها الى تحقيق نقلة نوعية في مسيرة إنجازاتها لتواصل رسالتها الطموحة في التنمية المجتمعية بالبلاد.

وعقب الندوة الحوارية الرئيسية التي شارك فيها رئيس مجلس الأمة علي الراشد والسفير البريطاني في دولة الكويت، شارك في الجلسة الثانية كل من أستاذ العلوم الاجتماعية د. محمد الرميحي، ورئيس تحرير جريدة القبس وليد النصف، وأستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي.

وأوضح أستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت د. محمد الرميحي ان "هناك مقاربة شديدة بين (تويتر) والتوتر، فـ(تويتر) أصبح يصيبنا بالتوتر الدائم نظرا للانشغال به"، مؤكدا ضرورة البحث عن القيم العميقة للمجتمع الكويتي واحيائها، ومنها احترام الرأي والرأي الآخر، مشيرا الى ارتباط الناس في الآونة الاخيرة بوسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها الفيس بوك وتويتر.

من جهته، ذكر رئيس تحرير جريدة القبس وليد النصف أن دور وسائل التواصل الاجتماعي خلال ثورات الربيع العربي في العامين الماضيين مؤثر وفعال، مشيرا إلى أن عدد مستخدمي وسائل التواصل في تزايد مستمر، حيث وصل عدد الحسابات الى 6 مليارات حساب في تلك الوسائل.

وأضاف النصف أن بعض الحكومات اصبحت تنزعج من انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بين الافراد، متسائلا: كيف يمكن للحكومات مراقبة هذا الكم الهائل من تلك الوسائل لاسيما أن عملية المراقبة معقدة، والرقابة في عالم الصحافة تعتبر العدو اللدود للصحافيين؟ لافتا إلى أن "زمن الرقابة ولى وراح بدون رجعة، ولكن في المقابل يجب ان يكون هناك احترام، وقانون يطبق على الجميع"، مشددا على ضرورة احترام القوانين والدساتير.

وبدوره، شدد استاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي على أهمية حرية التعبير، التي جعلتها الدساتير من الحريات المعلنة، موضحا انها من أوائل الحريات التي كفلها الجيل الاول، حيث ظهرت في اعلانات الحقوق، مؤكدا أهمية حرية التعبير عن الرأي لتسيير الجماعة ايضا، "وبدونها سنواجه مشكلة حقيقية".

 وأضاف الفيلي أن "الحرية عندما تكون منظمة تكون قابلة للتقييد، ولكن التقييد بطبيعته من الممكن ان يتضمن منعا مؤقتا وجزئيا، اما المنع الدائم والكلي فليس تنظيما.

ولفت إلى أن "وجود تلك الحرية في الدستور وجعلها تنظيما للمشرع العادي لا يطلق يد المشرع في التنظيم كيفما يشاء، موضحا أن المحكمة الدستورية في حكمها المهم رقم 1 لعام 2005 الذي صدر 2006 ركزت على العلاقة بين حرية التعبير والنظام الديمقراطي، وقد فرضت وسائل الاتصال الحديثة تحديات عدة أمامنا، فطبيعة تلك الوسائل على سبيل المثال جعلت الفعل الجرمي لا يقع بأقليم الدولة، فمصدر التغريدة يكون من خارج اقليمها، كما اصدر المشرع في 2001 قانون اساءة استخدام الهاتف، واستخدم ذلك في تجريم محمد الجويهل نتيجة تغريداته".

وفيما يخص "سجن المغردين"، ذكر الفيلي أن التشريع الذي يقرر عقوبة السجن للمغرد يأتي بناء على ممارسة سلوك المغرد في التعبير الذي يحض على الكراهية، سواء كان على اساس ديني أو الدعوة إلى الحرب، وهذا يعتبر من الانواع المجرمة التي ذكرت في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وأما في مسلك القضاء فيتم ذلك في إطار ثقافة مجتمعية، فالقاضي يطبق العقوبة من خلال المعطيات التي تكون أمامه.