عرف الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز بالتوجه الاشتراكي خلال فترة حكمه لبلاده التي استمرت 14 عاما. وانتهج سياسات اقتصادية لدعم الفقراء وتأميم العديد من مرافق الدولة، كما عرف بانتقاده الحاد لدعاة العولمة الاقتصادية وللسياسة الاقتصادية الأميركية التي كان يعتبرها قائمة على استنزاف خيرات الدول الأخرى.
من جهة أخرى، اعتبر مناوئون لتشافيز أن فترة حكمه كانت وبالا على اقتصاد البلاد، وحدت من قدراتها التنموية وخاصة في قطاع النفط الذي شهد تراجعا حادا في ظل انتهاج سياسات التأميم.وشهدت فنزويلا أزمة اقتصادية خانقة في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي. وأدت سياسة التقشف التي تبنتها الدولة في فبراير 1989 إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بشكل حاد، وإلى خروج مظاهرات في العاصمة كاراكاس، وامتناع عدد كبير من الناخبين من المشاركة في الانتخابات المحلية حينها.محاولة انقلابوفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها فنزويلا قام تشافيز بمحاولة انقلاب سنة 1992 ضد الرئيس الفنزويلي حينها كارلوس أندريس بيريز، الذي كان يقود البلد بسياسة اقتصادية ليبرالية، قسمته إلى أغنياء رأسماليين وفقراء مدقعين.وسجن تشافيز مدة عامين إثر المحاولة الفاشلة، وبعد إطلاق سراحه سنة 1994 أسس حركة الجمهورية الخامسة -ذات التوجه اليساري- معتبرا أنها متحدثة باسم فقراء فنزويلا، ووعدهم بمحاربة الفقر والأمراض والأمية، وبتوزيع عادل للثروات، فتم انتخابه رئيسا للبلاد عام 1998 بعد فوزه بـ 56 في المئة من الأصوات، ورفع خلال حملته الرئاسية شعار "عدو الأغنياء بطل الفقراء".وخلال سنوات حكمه عمل تشافيز على تأميم قطاع النفط في البلاد، والذي يشكل نحو 90 في المئة من إيرادات الميزانية العامة للدولة.كما فرض سيطرة الحكومة على المطارات والموانئ الكبرى في البلاد، وذكر حينها أن الحكومة تهدف إلى تأمين إدارة مركزية للموانئ الجوية والبحرية.وقام تشافيز كذلك بتأميم العديد من القطاعات الاقتصادية الهامة الأخرى، فأمم -على مدى السنوات الأخيرة- قطاعات الاسمنت والاتصالات.تراجع إنتاج النفطمن جهة أخرى، يرى المعارضون لسياسة تشافيز أن البلاد -الغنية بالنفط والعضو في منظمة أوبك- هوت صادراتها خلال حكمه من ثلاثة ملايين برميل يوميا في عام 2000 إلى 1.7 مليون برميل يوميا عام 2011.وعزي تراجع صادارات النفط الفنزويلية إلى سياسة التأميم التي اتبعتها الحكومة، إذ منعت الشركات الأجنبية من الاستثمار في قطاع النفط، مما حرمه من الاستفادة من استغلال التكنولوجيا في تطوير إنتاج الآبار القائمة، أو تأهيل الجديد من الآبار للإنتاج.كما فشلت كراكاس -التي ركزت إنفاق مداخيلها على تمويل البرامج الاجتماعية- في استثمار جزء من وارداتها لتطوير قطاع النفط وقطاعات صناعية أخرى.ويأتي ذلك رغم أن فنزويلا تملك -وفق بعض التقديرات- ثاني أكبر احتياطي للنفط بالعالم، وتعد رابع أكبر منتج له عالميا.ويرى المناوئون لسياسات تشافيز أن فنزويلا -في أحسن الأحوال- ستحتاج سنوات حتى تتمكن من العودة إلى مستوى إنتاجها السابق للنفط عام 2000 إذا ما تخلت عن سياسة التأميم بعد وفاة تشافيز، وفتحت المجال للاستثمارات الأجنبة وبخاصة لشركات النفط العالمية العملاقة ذات الخبرات الكبيرة.وفاة تشافيز ترفع أسعار النفط العالميةارتفعت أسعار النفط العالمية في التعاملات الآسيوية بعد إعلان وفاة الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز.وعزا مراقبون هذا الارتفاع إلى حالة عدم اليقين لدى المستثمرين بشأن الاتجاه الذي ستسلكه أسعار النفط بتأثير المستقبل السياسي لفنزويلا، أحد أكبر منتجي النفط في العالم.وقد ارتفع سعر العقود الآجلة للخام الأميركي الخفيف تسليم الشهر المقبل ليتجاوز 91 دولارا للبرميل، بينما اقترب سعر عقود نفط برنت الآجلة من مستوى 112 دولارا للبرميل.وعلى المستوى المحلي الفنزويلي استبعدت شركة النفط الوطنية الفنزويلية (بي دي في إس آي) أن تؤدي وفاة تشافيز إلى اضطراب وضع النفط في البلاد، مؤكدة أن العمل يسير كالمعتاد في القطاع بالبلاد، وليس من المتوقع حدوث أي توقف في أي أنشطة نفطية، مضيفة أن كل منشآتها تعمل بشكل طبيعي، وأن إمدادات الوقود المحلية لا يمكن أن تتأثر.وبعد وفاة تشافيز، قال وزير الطاقة الفنزويلي رفائيل راميريز إن قطاع النفط في البلاد سيستمر وفق السياسة التي رسمها تشافيز، وإن العاملين في القطاع سيظلون أوفياء لذكراه.وتجدر الإشارة إلى أن فنزويلا، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، تعد من البلدان المؤثرة على ساحة الطاقة العالمية، فهي تحوز احتياطات نفطية مؤكدة تبلغ 297 مليار برميل، واحتياطات غاز مؤكدة بنحو 5.5 تريليونات متر مكعب، وتنتج نحو 2.8 مليون برميل يوميا، تصدر منه نحو 1.8 مليون برميل يوميا، ويبلغ الاستهلاك المحلي للنفط نحو 742 ألفا.
اقتصاد
تشافيز... سياسات اشتراكية مع الفقراء وضد العولمة
07-03-2013