أفلام الأجزاء المتعدّدة... نقص أفكار أم استثمار نجاح؟ أحدثها «الجزيرة 2»
أثار إعلان صانعي فيلم {الجزيرة} إعدادهم جزءاً ثانياً منه الحديث حول الأفلام التي قدمت في أكثر من جزء على شاشة السينما المصرية، من بينها: {بخيت وعديلة} (ثلاثة أجزاء) لعادل إمام وشيرين، {عمر وسلمى} (ثلاثة أجزاء) كتابة تامر حسني وبطولته.
إلى أي مدى يمكن أن تنجح الأجزاء المتعددة لفيلم واحد؟ ما عوامل نجاحها؟ هل تسيء إلى الفيلم إذا كانت ضعيفة أو قد تضر بالفكرة الأصلية له؟ متى يفكّر الصانعون في تقديم جزء جديد من الفيلم؟ هل هو استثمار لنجاح الأجزاء الأولى؟في تصريح لـ {الجريدة} يؤكد محمد حسن رمزي، منتج فيلم {الجزيرة}، أن الجزء الثاني في مرحلة الكتابة، ويهتم القيمون عليه بتجهيز الأدوات كافة، وتحديد مواقع التصوير ليكونوا مستعدين لبدء التصوير بمجرد انتهاء الكتابة وهدوء الأوضاع في الشارع المصري، كون المشاهد ستؤخذ في الصعيد ومناطق أخرى قد يصعب العمل فيها في هذا التوقيت.
يعزو تأخر تقديم جزء ثانٍ من الفيلم منذ 2007 إلى خوف مؤلفه محمد دياب من عدم تحقيقه نجاح الجزء الأول، وتردده حول طبيعة الأحداث والقضايا التي سيعرضها الجزء الجديد. يقول: {بعد مشاورات طويلة مع دياب اقتنع الأخير واستقر على كتابة أحداث تكمل نهاية الجزء الأول، وسيتم الاستعانة بفريق العمل نفسه في طليعته: أحمد السقا وهند صبري، مع الاستعانة بفنانين آخرين وفقاً للأحداث، وهو من إخراج شريف عرفة}.يضيف أن نجاح الجزء الأول دفعه إلى التفكير بجدية في تقديم جزء ثانٍ منه، متوقعاً أن يحقق نجاحاً مقبولاً عند عرضه، ورافضاً مجاراة خوف بعض المنتجين من تقديم أجزاء من أعمالهم السينمائية، لأن العمل الجيد يلقى إقبالاً جماهيرياً، بغض النظر عن كونه جزءاً ثانياً أو ثالثاً لفيلم سبق عرضه.يوضح أن قصة فيلم {الجزيرة} تتيح إمكان كتابة أحداث جديدة فيها لأنها غنية بصراعات مثيرة تجذب الجمهور ولعل نجاح الجزء الأول دليل على ذلك.حالة منفصلةترى الناقدة ماجدة خير الله أنه إذا لم تكن الأجزاء التالية على نفس مستوى الجزء الأول فستلقى فشلا ذريعاً لأن الجمهور سيربط بينها وبين الأول، رغم أنه يجب التعامل مع كل جزء على أنه حالة منفصلة، حتى لو كانت الأحداث مترابطة، مؤكدة أن الفيلم لن يتأثر بفشل الأجزاء التالية لأنه نال فرصته في العرض الجماهيري، وحصل المنتج على إيرادات.تشير خير الله إلى ضرورة الالتزام بعناصر أساسية موجودة في الجزء الأول واستكمالها في الأجزاء التالية، منها فريق العمل، إلا إذا كان أحدهم تٌوفي في الأحداث السابقة، كذلك التزام كل شخصية بالدور الذي تقدمه. مثلاً، منصور في {الجزيرة} تاجر مخدرات ولديه حبيبة هي ابنة أعداء والده، لذا يجب أن تستمرّ هذه الشخصية في الجزء الثاني، وإلا لن يصبح جزءاً ثانياً بل حكاية أخرى تعتمد على الفنانين أنفسهم.تضيف أن ظاهرة الأفلام المتعددة الأجزاء منتشرة في السينما العالمية وثمة أمثلة على نجاحها مثل سلسلة أفلام: Superman، James Bond، Godfather (3 أجزاء)، Fast And Furious (5 أجزاء)، Ocean’s eleven (3 أجزاء).توضح أن ثمة أفكاراً لأفلام تسمح للقيمين عليها بتنفيذ أجزاء تالية استثماراً لنجاح الأجزاء الأولى، وأحياناً قد يخطر ببال الصانعين تقديم جزء آخر من دون النظر إلى مدى نجاحه بهدف التجربة. استثمار لنجاحيؤكد الناقد نادر عدلي أن فكرة الأجزاء هي استثمار لنجاح الفيلم، من خلال إقبال الجمهور على متابعته لمعرفة الجديد الذي أضافه الصانعون عليه، {لكن لن يستمرّ النجاح إلا بالتميز وبأن تكون الأجزاء أفضل فنياً وتضمن جذب المتفرج، وإلا ستكون النتيجة غير متوقعة لدى هؤلاء الصانعين}، مشيراً إلى أنه مع فشل الجزء الثاني يصعب تقديم جزء الثالث، وفي أغلب الأحوال يكون الجزء الأول الأفضل وله مكانته في تاريخ تقديم هذه السلسلة.يضيف: {في السينما العالمية النجاح حليف الأفلام التي تتخطى أجزاؤها ثلاثة أفلام، تحديداً أفلام الحركة، على عكس الحال في مصر، إذ يكتب النجاح للأفلام الكوميدية بأجزائها الثلاثة، وهذا يتوقف على ذوق الجمهور، فالأول يتم تسويقه عالمياً بشكل واسع أما الثاني فيلقى قبولا جماهيرياً}.يوضح أنه كان من الصعب تقديم جزء ثان من فيلم {الجزيرة} قبل حدوث ثورة يناير، لأن منصور، سفاح الصعيد، انتهى كأسطورة بالقبض عليه وهو ما أغرى صانعي الفيلم، لا سيما بعد إخلاء السجون وهرب المساجين، ثم العمليات الإرهابية التي تسببت في انعدام الأمن في الشارع المصري، ولأن الشرطة كانت تستخدم منصور في القبض على عتاة الصعيد فقد تستخدمه في هذا الجزء للقبض على الإرهابيين.يرى عدلي أنه إذا اشتمل الجزء الثاني من {الجزيرة} على هذه الأحداث، مع معالجة جيدة، والاعتماد على فريق العمل نفسه، سيكون أكثر أهمية من الأول، لأنه سيكتسب ثقلا سياسياً واجتماعياً، وسيحقق نجاحاً جماهيرياً.سلاح ذو حدينيشير الناقد إمام عمر إلى أن فكرة تقديم أجزاء من فيلم هي سلاح ذو حدين؛ قد يفشل ولا يحقق النجاح المنشود، وقد يكون فرصة للمتفرج الذي لم يتابع الجزء الأول، فيشاهده ويربطه بأحداث جديدة مضافة، مؤكداً أن فكرة الأجزاء تدل على نقص أفكار المؤلفين الذين يحاولون إعادة عرض القصة ذاتها بأحداث جديدة.يؤيد تخوّف بعض الممثلين من تقديم أجزاء أخرى لأنها قد لا تحقق النجاح الأول، ويضيف: {في هذه الأوضاع المتردّية التي تمرّ بها السينما المصرية نتيجة للظروف السياسية، نجاح الأفلام غير مضمون، فما بالنا بأجزاء من أفلام سبق عرضها منذ سنوات لاستثمار نجاحها؟ ثم تغيّر المتفرج الآن، إذ كان يشاهد الفيلم نفسه أكثر من مرة، لذا أرى ضرورة الانتظار وعرض الجزء الثاني من {الجزيرة} عندما تهدأ البلاد}.يرى أن عوامل نجاح الأجزاء تندرج ضمن النوعية نفسها التي يندرج فيها الجزء الأول، فالكوميدي يظل كوميدياً في الأجزاء كافة، مع ثبات الأبطال والمخرج والمؤلف لتظل روح الأول مستمرة.يشير إلى أن استمرار بعض السينمائيين في تقديم أجزاء لأفلامهم قد يؤدي إلى الفشل، ويستدل على حديثه بنجاح الجزء الثاني من فيلم {عمر وسلمى} وفشل الثالث منه في دور العرض والفضائيات أيضاً، كذلك استمرار بعض الممثلين في تجسيد شخصيات نفسها في سلسلة أفلام مثل محمد سعد وشخصية {اللمبي}، إسماعيل ياسين وسلسلة أفلامه الطويلة، ما أدى إلى فشل بعضها.