الاستثمارات تتركز في قطاعي صناعات البتروكيماويات والمعادن... ونمو هائل لـ «الألمنيوم»
بلغ الاستثمار الخليجي في صناعة الألمنيوم نحو 22.3 مليار دولار، 48 في المئة في دولة الإمارات، وأصبحت دول الخليج من أكبر منتجي الألمنيوم في العالم بفضل شركة «إيمال» في أبوظبي التي بدأت الإنتاج الفعلي في أبريل الماضي.كشف تقرير خليجي ان حجم الاستثمارات في القطاع الصناعي الخليجي يبلغ 300 مليار دولار بنهاية عام 2012، عبر تشغيل ما يزيد على 14 ألف منشأة صناعية مسجلة وفرت نحو 1.261 مليون فرصة عمل.وقال تقرير صادر عن مجلس التعاون الخليجي ان حجم الاستثمار الصناعي الخليجي سيبلغ تريليون دولار بحلول عام 2020، بعد انتهاء دول المجلس من تجهيز المدن الصناعية التي يجري العمل فيها حاليا كما تجاوز حجم الاستثمار التراكمي في القطاع الصناعي الخليجي 220 مليار دولار حتى عام 2010، استثمرت في اكثر من 12 ألف منشأة صناعية ووفرت ما يزيد عن مليون فرصة عمل تمثل نحو 6 في المئة من حجم العمالة بالسوق الخليجي التي تبلغ حوالي 10 في المئة في القطاع الصناعي.وبين التقرير أن الصناعة الخليجية تتميز بالتركيز على الصناعات الصغيرة والمتوسطة والتي تشكل أكثر من 86 في المئة من جملة المنشآت الصناعية في دول المجلس، غير أن معظم الاستثمارات الصناعية تتركز في الصناعات الكبيرة ممثلة بقطاع صناعات البتروكيماويات الأساسية حيث تمثل أكثر من 78 في المئة من جملة الاستثمارات التراكمية في القطاع الصناعي الخليجي.وبحسب التقرير فإن أهم القطاعات الإنتاجية الصناعية في دول مجلس التعاون هما قطاعا صناعات البتروكيماويات الأساسية وصناعة المعادن الأساسية التي تشمل صناعتي الحديد والألمنيوم كما يشكل إنتاج المواد البلاستيكية الخام والأسمدة في قطاع الصناعات الكيماوية العمود الفقري للإنتاج الصناعي الخليجي، حيث تنتج زهاء 10 ملايين طن سنويا من المواد البلاستيكية الخام تصدر 90 في المئة منها للأسواق العالمية، خاصة أسواق شرق آسيا والهند.أما في مجال انتاج الأسمدة النيتروجينية كالأمونيا واليوريا فإن دول مجلس التعاون تعد من أهم المصدرين لمادة اليوريا للأسواق العالمية بإنتاجها نحو 11 مليون طن سنويا تصدر 90 في المئة منها، وبالمثل احتل قطاع الصناعات المعدنية في دول المجلس موقعا متقدما في الأسواق العالمية حتى اضحت دول المجلس من كبار المصدرين لتلك الأسواق.واوضح التقرير انه من وجهة نظر خبراء الاقتصاد، فقد شكلت الأزمة المالية، التي انهكت أغلب الاقتصادات المتقدِّمة، مناسبة مهمة لإعادة تقييم دور وفعاليّة القطاعات التي تساهم بفاعليّة في الناتج الاقتصادي للدولة المعاصرة، وبمعنى أكثر دقة، بات العديد من هولاء يثمنون الجوانب الإيجابيّة من الأزمة المالية كونها تمكنت من إطلاق أهم صحوة منذ عصر الآلة البخاريّة، أي تقديم القطاعات الصناعيّة بمختلف مراحلها من حيث الأهميّة في تشكيل المشهد الاقتصادي، كونه قطاعاً يتمتع بدرجة عالية من الاستقرار والديمومة على المديين المتوسط والبعيد.واوضح التقرير انه عند الإعلان عن تشكيل مجلس التعاون الخليجي، شكّلت المسألة الصناعيّة أحد الأعمدة الأساسية التي استند إليها تفكير الآباء المؤسسين، وروّاد التكامل الخليجي والتعاون بين الدول الأعضاء، وقد كان لافتاً تصدي الوثائق التأسيسيّة منذ المراحل الأولى إلى موضوع التكامل والاندماج الاقتصادي الخليجي والمراهنة على الدور المحوري الذي سيتصدى له القطاع الصناعي في كامل المنطقة الخليجيّة من أجل تأكيد وتحقيق الهدف المنشود.واضاف التقرير: «قد كان لافتاً أيضاً، إيمان أدبيّات دول مجلس التعاون منذ البداية بمناسبة القمم العادية أو الاستثنائيّة ومن خلال اجتماعات اللجان العليا والفرعيّة والمختصة، الثبات على مبدأ أهميّة ومحوريّة القطاع الصناعي في عمليّة التكامل والاندماج الخليجي المنشود. ورغم التحوّلات والتطوّرات التي مرت بها المنطقة منذ ثمانينات القرن المنصرم، والتغيرات الإقليميّة والدولية التي ألقت بظلالها على التعاون والتبادل الخليجي وغيرت من الأولويّات وعدّلت من برامج العمل وخططه وصولاً إلى تأثير الفورات أو الطفرات النفطيّة، فإن مسالة محوريّةالقطاع الصناعي في الاقتصادي الخليجي لم تتراجع قيد أنملة ولم يتخل صاحب القرار ورجل الأعمال وحتى المصرفي والممول عن اعتبار الصناعة مستقبل الاقتصاد الخليجي».وقال التقرير ان من المفيد في هذا السياق التأكيد على التخطيط الاستراتيجي والاستشرافي المعتمد من قبل دول الخليج منفردة ومجتمعة ضمن مجلس التعاون أو من خلال برامجها الوطنية الخاصة، وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى بعض المرجعيّات التي تحكم هذه الاستراتيجيّة وأبرزها الوثيقة المعروفة باسم استراتيجية التنمية بعيدة المدى 2000 -2025 التي تم الاتفاق بشأنها سنة 1998 بمناسبة القمة الـ19 المنعقدة في أبوظبي، أو الاستراتيجية الصناعيّة لدول المجلس الموضوعة منذ سنة 1996 بمناسبة قمة الرياض سنة 1996، وهما الإطار العام الشامل الذي تدور في فلكه خطط وبرامج التنمية الصناعيّة في دول مجلس التعاون الخليجي. وتشكّل كلاً من هذين الاستراتيجيتين المرجعيّة الأساسيّة التي تمثل خارطة الطريق المرسومة للقطاع الصناعي والاقتصادي الخليجي عموماً على عتبة منتصف القرن الراهن، وتعكس بشكل رئيسي الوعي الكبير الذي أبدته القيادات السياسيّة منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وقبل سنوات طويلة من التحوّلات الدراميّة والخطيرة أحياناً التي جدت على المستوى الاقتصادي العالمي، كما برز في شكله الأقصى في السنوات القليلة الماضية والتي كانت ترجمته العملية الإفلاس المالي الخطير الذي عصف بعدد من المؤسسات وحتى الدول، ما جعل القرار السياسي والاقتصادي الخليجي قادرا على التعامل مع الأحداث الجارية حالياً بشيء من الأريحية ومن الهدوء. وذكر التقرير ان دول الخليج منذ أكثر من عشر سنوات وضعت خطة عمل واضحة وأهدافا لا تقل وضوحاً، ما يجعلها اليوم واحدة من البرامج المثالية التي يمكن استلهامها خاصة في هذه الأوقات الصعبة التي تعود فيها الدول والحكومات إلى البحث عن الإمكانات والفرص التي يمكن للقطاع الصناعي أن يساهم بها في تحقيق أهدافها في التنمية بعد التخلي أو الإهمال الذي ميز التعامل مع الصناعة في العشريتين الأخيرتين في العالم.وذكر انه كان واضحاً منذ البداية حرص دول مجلس التعاون على رفع التحدي الكبير الذي يمثله توطين الكفاءات والقدرات البشريّة المشرفة على مصير القطاع الصناعي في المنطقة، حيث وضعت الوثيقة الاستراتيجية المذكورة هدفاً مركزيّاً يتمثل في بلوغ نسبة توطين في القطاع الصناعي الخليجي في حدود 75 في المئة حتى عام 2020. وإذا كانت الخطة الصناعيّة لدول الخليج بهذا الوضوح والتحديد إلا أنها لم تغفل المنهجيّة والآليّات التي يمكنها أن تجعل من الأهداف الرقميّة أو النسب المئوية، مجرد محطات على طريق الإنجاز، حيث سعت الخطة وحرصت على وضع الإطار التنفيذي العام الذي يمكنه ضمان تحقيق الأهداف المرسومة وعلى هذا الأساس أمكن للوثيقة الاستراتيجية أن تعكس رؤية وتصور صاحب القرار في مجلس التعاون من خلال تحديد طرق وآليّات العمل الكفيلة بإنجاح هذا المسار الهام. ولفت الى ان الاستراتيجية الخليجية في الميدان الصناعي تعتمد على محور مركزي أساسي يتمثل في النهوض بالتأهيل البشري والتكوين والتدريب بهدف خلق جيل مواطن في دول الخليج قادر على الإشراف على كامل دورة الإنتاج والتصنيع والتسويق والترويج للمنتج الصناعي الخليجي، ما يعني ذلك من كسب وقدرة على السيطرة على كل المقتضيات الفنية والعلمية والبشرية المسؤولة عن إدارة دفة الإنتاج الصناعي، وعليه ارتكزت الخطة على محور التكوين بجعله عنصرًا أساسيّاً في إنجاح هذا التوجّه. محور التكوين بجعله عنصرا أساسيا في إنجاح هذا التوجّه. واشار التقرير الى ان واقع قطاع صناعة الألمنيوم يبين بسهولة حجم القفزة النوعيّة والكميّة الخارقة التي سجلها القطاع في مختلف بلدان الخليج، فبعد أن كانت جميع دول المنطقة من أكبر الموردين لهذه المادة الهامة أصبحت منطقة الخليج من أنشط وأكبر المصانع المنتجة لهذه المادة التي تعرف إقبالاً متزايداً وطلباً متنامياً عليها داخلياً وخارجياً.واوضح ان الاستثمار الخليجي في صناعة الألمنيوم بلغ نحو 22.3 مليار دولار، 48 في المئة في دولة الإمارات العربية المتحدة أي ما يناهز 10.7 مليارات دولار، وأصبحت دول الخليج من أكبر منتجي الألمنيوم في العالم بفضل شركة «إيمال» في أبوظبي والتي بدأت الإنتاج الفعلي في أبريل الماضي إلى جانب شركة «ألمنيوم قطر» منذ 2007. ويعدُّ القطاع واحدا من الميادين التي تعكس بدقة الاستراتيجية الخليجية المذكورة آنفا من خلال وجود عدد من الشركات التي تعمل على تصنيع المنتجات الوسيطة والنهائيّة من الألمنيوم، إذ يوجد نحو 27 منشأة تعمل على إنتاج السبائك، تتوزع حسب الأهميّة بين الإمارات بواقع 13 منشأة والسعوديّة 7 منشآت والبحرين 5 منشآت. وتعكس هذه المعطيات أن ميدان صناعة الألمنيوم قد نجح بشكل مثالي في أن يعكس في وقت قصير الخطوات المنهجية التي وردت بالخطة الاستراتيجية للقطاع الصناعي الخليجي، خاصة على مستوى تحقيق الأهداف الكميّة والنوعيّة في وقت قياسي نسبياً، ذلك أن المؤسسات العملاقة التي ظهرت في الخليج في ميدان صناعة الألمنيوم قد تأسست بعد سنة 2000، كما حظيت بدعم حكومي ومصرفي هام على مستوى التمويل والإقراض والمشورة الفنيّة والدعم التقني انتهاء بمدها بأفضل الكفاءات والإطارات الخليجية المميزة التي تمكنت من تحصيل علومها في الجامعات الخليجيّة أولاً ونجحت في تعزيز مكاسبها العلميّة في بعثات مميزة في أرقي الجامعات الأجنبيّة وفي أهم المؤسسات الصناعيّة في العالم، ما جعل عودتها إلى مواطنها في الخليج فرصة لهذه الكفاءات بالمباشرة الفوريّة في إثراء المشهد الصناعي في قطاع الألمنيوم الناشئ وسط هذا المناخ الصحي المثالي.عوائد الصناعة النفطية قال التقرير ان المقاربة الخليجيّة لم تعد تقتصر على تصدير النفط والإفادة من العائدات المرتفعة، حيث شهدت الصناعات البتروكيميائيّة الخليجيّة نقلة نوعيّة وكميّة لا يمكن إنكارها، خاصة بعد الجهود الكبيرة المبذولة من قبل الحكومات الخليجية. وفي دراسة مميزة رئيس لجنة الدراسات المالية والاقتصاديّة بغرفة تجارة وصناعة البحرين د. نزار صادق البحارنه يقول: «إن صناعة المواد البتروكيماويّة من أهم الصناعات التحويليّة في دول مجلس التعاون، حيث تحتل المرتبة الأولى من حيث أهميتها النسبيّة في الناتج الصناعي في دول المجلس حيث تتراوح نسبتها بين 50 في المئة إلى 75 في المئة من إجمالي الناتج الصناعي، وبالنظر إلى أن هذه الصناعة تحتاج إلى تكنولوجيا وبنية أساسيّة متطوّرة وتكاليف استثمارية عالية نسبياً، فقد أولت دول المجلس اهتماماً كبيرًا بهذه الصناعة، خاصة بعد زيادة أسعار النفط والغاز الطبيعي منذ أواخر سبعينات القرن الماضي رغبة في تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الإنتاجيّة لاقتصاداتها إضافة إلى استغلال الميزة النسبية التي تتمتع بها اقتصادات دول المجلس في هذا المجال، حيث ان هذه الصناعات تعتمد في إنتاجها أساساً على الغاز الطبيعي والنفط المتوافر في دول المجلس، بالإضافة إلى إنها تستخدم تكنولوجيا متطوّرة تعتمد على الفن الإنتاجي الكثيف لرأس المال، كما أن الصناعات البتروكيماويّة تساهم في إنتاج مجموعة كبيرة من السلع الوسيطة والنهائيّة كالمواد البلاستيكيّة والألياف الصناعيّة والمطاط الصناعي والمنظفات الصناعيّة وغيرها».إعادة هيكلة التشريعات الخاصة بالصناعةذكر التقرير ان إعادة هيكلة المناخ التشريعي والقانوني العام بالاعتماد على الأهداف المرسومة وبالنظر إلى التحديّات الكبيرة التي تفرضه المرحلة الراهنة وخاصة الفترة القادمة، تعمل المجموعة الخليجيّة على إرساء ما يمكن تسميته بعمليّة إعادة هيكلة لكامل النظام أو المناخ التشريعي الخاص بالعمليّة الصناعية بشكل عام وذلك على مستوى النصوص المنظمة للنشاط الصناعي في دول الخليج، وذلك بالحرص على إرساء حزمة كاملة من الحوافز والتشجيعات تضمن المباشرة بقطف ثمار هذا التوجه في أقرب الأوقات، وذلك عن طريق تكفل جهات رسمية حكوميّة غير ربحية بتقديم المشورة الفنيّة والتقنيّة للمستثمر الصناعي الخليجي والمساعدة التقنية السابقة على مستوى دراسة الأسواق والمشاريع وما إليه من مراحل تسبق الإنجاز الفعلي للمشاريع ما يضمن لهذه الأخيرة هوامش إضافية هامة من القدرة التنافسيّة على أوسع نطاق.كما يشمل هذا الدعم الإعفاءات الضريبية والجبائية على توريد الآلات والمعدات والإعفاءات أو الامتيازات المالية لأخرى مثل الإعفاء من الضرائب على الأرباح، وتقديم القروض الاستثماريّة بشروط وأجال ميسرة وبسيطة، وهي جميعها شروط أو ظروف محفزة ودافعة لإنجاح هذا التوجّه الطموح الذي تفيد المعطيات والحقائق اليوم أنه قد سمح في قطف باكورة ثمار هذه الخطة الاستراتيجية الموضوعة منذ سنوات.
اقتصاد
300 مليار دولار حجم القطاع الصناعي في الخليج نهاية 2012
14-02-2013