جملتان ذكرتا في الأيام العشرة الماضية تلخصان لنا الحال، كل الحال دون تجميل أو تزييف، يحاول البعض إضفاءه على من يحب منهما، أما العبارة الأولى فقد جاءت على لسان وزير المالية مصطفى الشمالي مفادها بأن "لا صوت يعلو فوق صوت الحكومة"، أما الأخرى فقد جاءت عن طريق أحد أبرز شخصيات ما يسمى بالمعارضة، وهو جمعان الحربش عن طريق "تويتر"، حيث أعاد جمعان نشر العبارة التالية "لله ثم للتاريخ، نحن في الخليج نحفر قبورنا بأموالنا التي تضعف المد السنّي وتقوي المد العلماني الصهيوأميركي والمتحالف مع المد الشيعي الزاحف".

Ad

أما بالنسبة إلى التصريح الأول الذي لم تعتذر عنه الحكومة أو تنفيه فيبين لنا كيف تتعاطى الحكومة مع دولة الدستور والمؤسسات التي تدّعي دائما أنها تسعى إلى الحفاظ عليها، فمصطفى وحكومته يعتقدان واهمين أن السيادة للحكومة مصدر السلطات جميعاً، وهو ما لا يمتّ للعقد المتفق عليه بين الكويتيين جميعاً بأي صلة، فالحكومة هي جهة تنفيذية تنفذ ما تأمرها به سلطة الشعب فقط، بل إن وجودها أصلا (أي الحكومة) مقترن بقبول الشعب لها، وهو ما لا يحتاج إلى توضيح أصلاً.

 وبالطبع فإن موالي الحكومة تجاوزوا هذا التصريح وكأنه لم يكن، وبغض النظر عن عدم إيمان مصطفى بالدستور في هذا التصريح إلا أنه يقدم برهاناً ساطعاً على أن التردي الذي نعيشه في كل المجالات تتحمله الحكومة وحدها، فإن كان صوتها هو الأعلى كما يعتقد مصطفى وتعتقد حكومته فإن سوء حال الكويت اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً تُساءل عنه الحكومة صاحبة الصوت الأعلى حسب تعبيرهم.

أما التصريح الآخر الذي أعاد نشره جمعان فهو بالمقابل يلخص تفكير ما يسمى بالمعارضة اليوم، فالمسألة ليست دستوراً ولا حريات ولا سيادة أمة ولا بقية الشعارات التي لا يؤمنون بها أبداً، بل هي مد سني ومد شيعي هذا أقصى ما يفكرون به، وهو ما لا يمتُّ للدستور ولا المساواة ولا حرية الاعتقاد ولا التعددية بأي صلة، وبالمناسبة أيضا فإن هذا التصريح الذي جاء بالتزامن مع تصريح مصطفى لم يلق أي نقد من قيادات ما يسمى بالمعارضة كالسعدون ومسلم وغيرهما.

هذه هي الحال باختصار معسكران متخلفان كل منهما يريد السيطرة على مجريات الأمور في الكويت، والاثنان بالتأكيد لا يستحقان إدارة ولو قسم صغير بأي إدارة في الكويت بهذه العقلية الإقصائية القبيحة.

والمشكلة أن محاربة الطرفين محاربة مستحقة لكن البعض يصفها بالرمادية!! فمحاباة طرف منهما للتخلص من الآخر ستقودنا إلى التهلكة، وما حدث في مصر دليل قاطع على ما أقول وما سيحدث، إن لم يحسم من يرغب في الإصلاح الحقيقي أمره ويتجرد من القبح الذي يملأ المعسكرين، فإن كان هذا الأمر يوصم بالرمادية فأهلاً وسهلاً بالرمادي.

خارج نطاق التغطية:

قامت مجموعة صوت الكويت في يناير ٢٠١٢ بنشر رسالة توعية للتحفيز على المشاركة بالانتخابات بعنوان "تفرق"، وكان مضمون الرسالة أن صوتك أيها الناخب يفرق، واليوم تقوم وزارة الإعلام بسرقة هذه الرسالة بشكل مشوه دون حفظ أي حق أدبي لمجموعة صوت الكويت، وتضعها على "باصات" النقل العام مذيلة بشعار الوزارة... عيب.