• تظاهرات وحرق مقار للحزب الحاكم • المرزوقي يدعو إلى ضبط النفس  • الغنوشي يطالب بإعلان الحداد

Ad

دخلت تونس، التي تعيش احتقاناً شديداً بسبب تزايد الاستقطاب بين التيار الإسلامي الحاكم واليسار المعارض، نفقا مظلما أمس، بعد اغتيال الأمين العام لحزب «الوطنيين الديمقراطيين» اليساري شكري بلعيد، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ ثورة 14 يناير.

هزّت عملية اغتيال الأمين العام لحزب "الوطنيين الديمقراطيين" اليساري شكري بلعيد، أمس، الشارع التونسي، إذ خرجت تظاهرات حاشدة في معظم المدن ضد حركة "النهضة" الإسلامية الحاكمة، التي سارعت إلى التبرؤ من هذه "الجريمة الإرهابية"، والتحذير من حمام دم يدفع أعداء الثورة إلى جر البلاد إليه.

وبينما أفادت إذاعة "شمس إف إم" بأن عملية الاغتيال تمّت وسط تونس العاصمة، بالقرب من منزل شكري بلعيد، الذي أصيب برصاصتين على مستوى الرأس والرقبة، قال وزير الداخلية علي لعريض، الذي توعد بملاحقة الإرهابيين، إن "شخصين نفّذا العملية"، موضحاً أن "مسلّحاً اقترب من بلعيد عندما كان يستعد لركوب سيارته، وأطلق عليه عدة طلقات نارية، ثم لاذ بالفرار على متن دراجة نارية يقودها شخص آخر كان بانتظاره".

وفي حين وصف رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي مقتل بلعيد بـ"العمل الإرهابي والإجرامي"، داعياً التونسيين إلى تجنّب "السقوط في فخ العنف والعنف المضاد"، دان الرئيس التونسي المنصف المرزوقي هذا العمل، معتبراً أنه "جريمة نكراء على الجميع التنبه إلى مخاطرها وضبط النفس".

وكان المرزوقي ألغى مشاركته في قمة منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقدة في القاهرة، وقرر العودة بشكل عاجل إلى تونس بعد اغتيال بلعيد.

وأعربت الرئاسة عن "بالغ صدمتها" من "اغتيال الوجه الحقوقي والسياسي شكري بلعيد"، وقالت في بيان: "وعياً منها بجسامة التحديات التي تجابهها بلادنا والأخطار المحدقة بها، فإن رئاسة الجمهورية تنبه إلى مخاطر الفتنة والفرقة التي تسعى بعض الأطراف إلى بثها بغاية جر الشعب التونسي إلى دوامة العنف".

وأضافت أنها "تدعو الجميع إلى تحكيم العقل وضبط النفس والتروي في تحليل هذه الجريمة النكراء والفعلة الجبانة، ونسبة المسؤولية عنها إلى جهة أو أخرى".

الثورة والاستقرار

بدوره، اعتبر زعيم حركة "النهضة" راشد الغنوشي أن الاغتيال يعد "جريمة نكراء ليست موجهة إلى شكري بلعيد كفرد أو كزعيم سياسي، وإنما للثورة والاستقرار الأمني والسياسي، ولعملية التحول الديمقراطي والحكومة".

وقال الغنوشي: "إن المستفيد من هذه الجريمة لا الحكومة ولا النهضة ولا المعارضة الوطنية، بل هم أعداء البلاد الذين يريدون جر تونس نحو حمام دم"، داعياً الحكومة إلى إعلان يوم حداد وطني على الفقيد"، الذي اعتبر أن "كل السياسيين مهددون بمواجهة نفس مصيره".

ودان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مقتل بلعيد وعبّر عن قلقه من تنامي العنف في تونس، داعياً إلى "احترام الأفكار التي صانها الشعب التونسي خلال ثورته".

وتُعتبر هذه أول عملية اغتيال تشهدها تونس منذ الإطاحة بنظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في 14 يناير عام 2011.

مواجهات

ومع انتشار نبأ مقتل بلعيد، تدفق آلاف التونسيين على الشارع الرئيسي بالعاصمة قرب وزارة الداخلية، احتجاجاً على مقتل المعارض العلماني، وأطلقوا شعارات ضد الحكومة.

وهتف المتظاهرون "عار عار شكري مات بالنار"، و"أين أنت يا حكومة"، ورددوا شعار "الحكومة يجب أن تسقط"، و"ارحلوا".

كما نزل المحتجون أيضاً إلى شوارع بلدة سيدي بوزيد التي فجّرت الانتفاضة الشعبية التي أطاحت ببن علي.

وأطلقت الشرطة التونسية قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين هاجموا مقر مديرية الأمن في سيدي بوزيد، بينما تظاهر الآلاف في الشارع الرئيسي للمدينة، تنديدا باغتيال بلعيد مطالبين باستقالة الحكومة التي يرأسها أمين عام حركة "النهضة".

وفي مدينة صفاقس، أغلقت المحاكم أبوابها، وخرج المحامون في تظاهرة عارمة وسط الشارع الرئيسي للمدينة، بينما شهدت مدينة بنزرت في أقصى الشمال التونسي تظاهرات مماثلة صب خلالها المتظاهرون جام غضبهم على "النهضة".

وتعرضت مقرات "النهضة" في سيدي بوزيد وقفصة وصفاقس والقيروان، وباجة، والمنستير، لعمليات حرق وتخريب قام بها متظاهرون غاضبون.

يُشار إلى أن شكري بلعيد، هو محام وحقوقي تونسي من مواليد 26 سبتمبر 1946 بضاحية جبل الجلود قرب تونس العاصمة، وُيعتبر واحداً من أبرز الوجوه السياسية المعارضة، حيث عُرف بانتقاداته اللاذعة لحركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم في البلاد.

وكان بلعيد اتهم ليلة الثلاثاء- الأربعاء، أي قبل نحو 10 ساعات من اغتياله، حركة النهضة بـ"تشريع الاغتيال السياسي بالنظر إلى تزايد الاعتداءات التي تشنها رابطات حماية الثورة"، التي وصفها بأنها "الذراع العسكرية للحركة.

(تونس، أ ف ب، رويترز،

يو بي آي، د ب أ)