مع نهاية كل عام يتضرع العراقيون إلى ربهم بالدعوات والصلوات بأن يحمل العام الجديد لهم الأمن والأمان، ولا شيء غير ذلك، وأن يهدي قادتهم ونخبهم السياسية إلى طريق الصلاح، والتركيز في البناء والتنمية بعيدا عن الخلافات والتشنجات والأزمات والسجالات السياسية التي لا تغني من جوع، ولا تروي من عطش، وأن يبعد بلادهم من ويلات الفساد المالي المستشري والضارب في أطناب الدولة من كل حدب وصوب.

Ad

لكن للأسف يفاجأون مع نهاية كل عام بأنهم عاشوا أياما أسوأ من عامهم السابق، أما عام 2012 فقد كانت الخلافات السياسية والصفقات المشبوهة والتفجيرات المكثفة هي أبرز العناوين التي تركت آثارها على السطح العراقي.

وفي الوقت الذي كانت تحاول فيه بعض الكتل السياسية إيجاد حلول مرضية للخلافات الشديدة بين رئيس الوزراء نوري المالكي وزعيم قائمة العراقية أياد علاوي، والتي لم تنته بعد، ظهرت على السطح أزمة جديدة بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق، بسبب تهريب الإقليم النفط العراقي إلى إيران، وموقفه من نائب الرئيس طارق الهاشمي الذي ساعده على الهرب إلى تركيا، لضلوعه في عمليات إرهابية، وموقفه من الأزمة السورية ووقوفه إلى جانب الثوار ضد حكومة الأسد على عكس الحكومة المركزية التي تحاول الإمساك بالعصا من الوسط لإرضاء الجارة إيران التي تتبنى موقف الأسد من الثوار.

ثم بعد ذلك جاء احتضان الإقليم لزيارة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو لمدينة كركوك التي كانت لها خصوصية معينة دون رجوعه إلى الحكومة المركزية، وأخيرا توج الإقليم خلافه مع الحكومة المركزية بحشد قواته "البشمركة" على حدود المناطق المتنازع عليها في محافظة ديالى ومدينة كركوك.

ثم يأتي دور الصفقات المشبوهة فقد كانت هناك صفقات عصفت بمقدرات البلد واقتصاده، وكان من بينها صفقة الأسلحة التي وقعها المالكي مع نظيره الروسي، والتي سرعان ما أظهرت شبهة فساد تورط فيها أقرب المقربين للمالكي، وهو المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، وآخرون، ما دعا المالكي إلى إلغاء الصفقة وإقالة الدباغ أيضا.

كذلك كانت هناك صفقة أخرى، وهي عقدان مع شركتين وهميتين، إحداهما كندية والأخرى فرنسية، لإصلاح منظومة الكهرباء التي يعانيها العراق منذ سنوات طويلة، ولم تصححها الحكومات المتعاقبة بعد سقوط صدام حسين، لدرجة ان العراقيين أصبحوا يتندرون على الموضوع، ويطالبون الحكومة بإنشاء وزارة للمولدات الكهربائية، بدلا من وزارة الكهرباء التي لا جدوى ولا فائدة من وجودها، طالما يغرق البلد بالمولدات الكهربائية التي حلت محل كهرباء الدولة. وكان للإرهاب نصيب كبير في عام 2012، لكنه غير تكتيكه ونهجه بحيث كثف الهجمات وركز على أن تكون حصيلة كل تفجير كبيرة قدر المستطاع، وتحصد أكبر قدر من الأرواح، وقد نجح في ذلك للأسف، وعلى سبيل المثال قبيل انعقاد القمة العربية في بغداد في 29/3 بأسبوع واحد تقريبا ضربت العراق سلسلة تفجيرات مكثفة في عدد من المحافظات راح ضحيتها المئات، وكان أهمها تفجير في مدينة الديوانية جنوب بغداد، حيث راح ضحيته 50 شخصا.

ثم عاود الإرهاب فعله في شهر يونيو وبنفس الفكر ونفس النهج، حيث ضربت سلسلة تفجيرات متزامنة عدة مناطق من العراق راح ضحيتها 84 شخصا.

لكن بعد كل ما تقدم مازال العراقيون يجددون دعاءهم وصلواتهم نهاية هذا العام، على أمل أن يكون العام الجديد (2013) أفضل حالا وأكثر هدوءا وأقل فسادا.