دول الخليج والإصلاح السياسي المستحق
الأنظمة الخليجية ترفض الاستجابة للمطالب الشعبية المستحقة ظناً منها أن الأساليب القديمة في السيطرة على الشعوب مثل القبضة الأمنية لا تزال فاعلة رغم أنها أساليب بوليسية بالية أسقطتها ثورات الربيع العربي، فالشعوب هي التي تحمي الأنظمة وليس السجون أو "هراوات" القوات الخاصة والرصاص المطاطي!
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
لهذا فدول الخليج لا بد أن تتأثر بالتغييرات السياسية الجذرية التي حدثت ولا تزال تحدث في المنطقة العربية، معلنة انتهاء مرحلة سياسية غاية في السوء تكاثرت خلالها أنظمة القمع والطغيان والاستبداد التي احتُكرت فيها السلطة والثروة من قبل القلة المسيطرة، فانهارت مؤسسات الدولة وبناها الهيكلية وسلطاتها، وتركزت في يد شخص واحد أو قلة متسلطة، الأمر الذي أدى إلى عجز الدولة عن القيام بوظائفها الرئيسية، وفي مقدمتها المحافظة على السلم الداخلي والتوازن الاجتماعي وحفظ كرامة البشر، حيث استُخدمت أجهزة الدولة لمصلحة الفئة القليلة المسيطرة، وفُصِّلت القوانين لقمع الرأي الآخر. لقد فشل نموذج "الدولة البوليسية" الذي تبنته الأنظمة العربية المخلوعة فشلاً ذريعاً، فلم يتحقق الاستقرار الاجتماعي والسياسي ولما ينجز الاستقلال الاقتصادي والتنمية، بل استُنزفت موارد الدولة وثرواتها الهائلة لمصلحة مجاميع فاسدة "عصابات"، وهو الأمر الذي جعل الشعوب العربية تثور وتسقط أنظمة الاستبداد والقمع نظاماً تلو الآخر.وبالطبع فإن شعوب الخليج لا تطالب بإسقاط الأنظمة السياسية كما فعلت شعوب دول الربيع العربي، فالسقف الأعلى لمطالب شعوب الخليج لا يتعدى الإصلاح السياسي الجذري الذي يمكّنها من حقها بالمشاركة في عملية اتخاذ القرار المتعلق بحاضرها ومستقبلها مع التمسك بأنظمة الحكم القائمة باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من المعادلة السياسية.وبالرغم من ذلك، فإن الأنظمة الخليجية ترفض الاستجابة للمطالب الشعبية المستحقة ظناً منها أن الأساليب القديمة في السيطرة على الشعوب مثل القبضة الأمنية لا تزال فاعلة رغم أنها أساليب بوليسية بالية أسقطتها ثورات الربيع العربي، فالشعوب هي التي تحمي الأنظمة وليس السجون أو "هراوات" القوات الخاصة والرصاص المطاطي والقنابل الدخانية والمسيلة للدموع.لهذا فالسؤال هو: هل تعيد الأنظمة الخليجية النظر في سياساتها التي أكل عليها الدهر وشرب، فتستجيب فوراً للمطالب الشعبية المستحقة أم أنها ستستمر في تجاهلها مما سيؤدي إلى عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي وتصاعد المطالب السياسية والتغيير الحتمي، خصوصاً أن الظروف الموضوعية مهيأة والتغيير سمة الحياة، وكما يُعلمنا التاريخ... فإن إرادة الشعوب لا تنكسر؟!