جاءت شارة مسلسل «العراف» متميزة وغير تقليدية، أما على صعيد النص، فمع أن أساس العمل مقتبس من الفيلم الأجنبي Catch Me If You Can للنجمين ليوناردو دي كابريو وتوم هانكس، بيد أن الكاتب يوسف معاطي تميّز بحرفية إذ استعان بفكرة الفيلم وألبسها زياً مصرياً، حول ما جرى من أحداث قبل ثورة 25 يناير وخلالها، في قالب «تراجيكوميدي»، عبر حبكة درامية غاية في التشويق، وإخراج جميل لرامي إمام.

Ad

لعل الحلقة الأولى  كانت طويلة ولم يظهر فيها عادل إمام، إلا أنها عكست الموضوع الرئيس وهو وجود طبقتين غنية وفقيرة، وثمة من يعاني التخمة وآخر لا يجد لقمة ليسدّ بها جوعه.

أما على صعيد الأداء فقد أجاد إمام دوره، مؤكداً أنه ملك التمثيل بامتياز في التراجيديا والكوميديا على السواء، إضافة إلى ظهور متميز للفنان القدير حسين فهمي بدور اللواء سامح. واللافت حضور الفنان الكبير سعيد طرابيك، وتميز طلعت زكريا، ومن الشباب محمد الشقنقيري وأحمد فلوكس وشريف رمزي وغيرهم.

إتقان وإبداع

«بنت اسمها ذات»، عمل مقتبس من رواية «ذات» للأديب المصري صنع الله إبراهيم، سيناريو مريم نعوم وحوارها، يعتبر أفضل المسلسلات التي عرضت في شهر رمضان، فهو متقن في جوانبه كافة، إذ يستعرض مرحلة تاريخية مهمة في مصر تبدأ من ثورة 23 يوليو 1952 وصولاً إلى ثورة 25 يناير 2011، من خلال قصة «ذات»، فتاة ولدت مع الثورة الأولى، وعايش على مدى ستة عقود أهم الأحداث السياسية والاجتماعية والفنية.

أبدعت السيناريست مريم نعوم في صياغة العمل بلغة بصرية جميلة وجاذبة، مؤكدة مقدرتها على تحويل الرواية إلى دراما تلفزيونية جيدة الصنع، مع رؤية المخرجَين كاملة أبو ذكري وخيري بشارة، وتقنية عالية في الأداء التمثيلي، إذ تفوقت نيللي كريم وتميّز باسم سمرة.

للسيناريست مريم نعوم عمل آخر لا يقل مستوى عن «بنت اسمها ذات»، هو «موجة حارة» عن رواية «منخفض الهند الموسمي» للكاتب المبدع أسامة أنور عكاشة، إذ قدمت نعوم معالجة درامية متقنة وشيّقة، لا تخلو من الإثارة والغموض، وما يحسب للمسلسل وضع عبارة «للكبار فقط»، وهو ما لم تفعله مسلسلات موجهة للبالغين فحسب. وقد تميز بتوقيع المخرج محمد ياسين، وأداء متمكن للنجم الأردني أياد نصار، إضافة إلى تفوّق معالي زايد ورانيا يوسف ودرة وسيد رجب وصبا مبارك.

من المسلسلات الجيدة «الشك»، هنا نتطرق إلى النص القوي الذي كتبه أحمد أبو زيد، إذ أظهر إمكانات الممثلين، وجذب المشاهد لمتابعة سير الحلقات من البداية إلى النهاية، عبر الأحداث المتمحورة حول الشك الذي يزعزع الثقة بين أفراد الأسرة عندما يدخل إليها، بالإضافة إلى الأدوار المكتوبة بحرفية عالية، وتميّز مي عز الدين ونضال الشافعي ومكسيم خليل، إلى جانب النجوم الكبار حسين فهمي ورغدة وصابرين.

جمالية وتقنية

 

مسلسل «الداعية» الذي كتبه مدحت العدل، تميّز بدوره، إذ تناول الدعاة الإسلاميين نجوم الفضائيات، من خلال شخصية الشيخ يوسف، الداعية المتشدد الذي ينتقل في مرحلة تالية إلى الاعتدال والتسامح وعدم تحريم الاستماع إلى الموسيقى أو تذوق الفن، بعدما قرأ كتباً حول الفن والشعر واستمع خلسة إلى جارته عازفة الكمان... لكن المبرر لم يكن مقنعاً ولا تطور علاقة الداعية بعازفة الكمان إلى قصة حب.

كذلك أخطأ الكاتب في جعل المشاهدين أمام نهايتين: الأولى أن يقتل الشيخ يوسف على يد أحد المتشددين في الدين الذي يكفّر من يخالفه في الرأي ومن ثم يبيح دمه، والثانية أن يقبض رجال الأمن على المتشدد قبل أن يطلق النار من مسدسه، وكان الأجدر أن تكون النهاية مفتوحة بحيث يخرج المتشدد مسدسه من دون أن يطلق النار وينتهي المسلسل.

ولا ننسى الظهور المتميز للنجم السينمائي هاني سلامة في أول تجربة تلفزيونية له، وأداء ريهام عبد الغفور الجميل في دور خديجة، وأحمد فهمي في دور الشيخ حسن، وبسمة في دور عازفة الكمان والمناضلة مع الشباب في ميدان التحرير.

الحديث عن الأعمال التي حققت النجاح يطول، نذكر من بينها: «آسيا» الذي يجسد حالة متطورة في جمالية الصورة إلى جانب تقنية النص، مقدماً منى زكي في إطلالة مختلفة مع باسم سمرة وهاني عادل.

«بدون ذكر أسماء» للكاتب وحيد حامد، فهو دراما لافتة تتمحور حول حكاية محبوكة جيداً تجذب الجمهور، فضلاً عن رؤية إخراجية موفقة، تمنح مساحة للفنانين الشباب مثل روبي التي أدّت دوراً متميزاً للغاية إضافة إلى أحمد الفيشاوي، في مقابل عدم الاستعانة بالنجوم.

«اسم مؤقت» دراما وحركة وغموض وتشويق، تدور حول ثيمة فقدان الذاكرة، وتقترب من الفيلم الأجنبي الشهير Unknown من بطولة ليام نيسون.

 اللافت أن الأحداث تجذب المشاهد من الحلقة الأولى، وأتقن يوسف الشريف دوره كما عرفناه في مسلسلي «المواطن إكس» و{رقم مجهول»، إضافة إلى إطار الصورة الجميل، الإيقاع السريع، النص الرائع لعبدالملك محمد سليمان، والإخراج المتقن لأحمد نادر جلال.

أعمال مخيّبة

«حكاية حياة»، أحد المسلسلات المخيبة للآمال، إذ يعتمد على كم هائل من الصراخ، وأحداث لا تصبّ في خانة المنطق درامياً، وتتمحور حول حياة، امرأة أمضت 13 عاماً في مستشفى للأمراض العقلية، لقضاء عقوبتها بعد قتلها لوالدتها، يكرهها الجميع من دون توافر أسباب ومبررات لذلك. يساعدها الطبيب النفسي هشام في الخروج من المستشفى، بعدما قدم أوراقاً رسمية وقانونية، فتستقرّ في مسكن قرب بيت أهلها، لترى ابنها الذي يعيش مع شقيقها وشقيقتها المتزوجة من زوجها السابق.

في الحلقة الأخيرة، يظهر أن كل ما ذكرته حياة، مجرّد أوهام، فهي لم يسبق لها أن تزوجت، والصبي هو ابن شقيقتها، وأننا عشنا مع امرأة مجنونة حكاية وهمية، ذكرتنا بأعمال قدمت جملة من الأحداث، وفي النهاية تكون مجرد حلم للبطل! «حكاية حياة» دراما مملة وعبارة عن استعراض للأزياء والسيارات الفخمة والشتائم، وسيناريو ضعيف، وأداء مكرر لغادة عبد الرازق، يشبه تمثيلها في مسلسل «مع سبق الإصرار»، وأداء مبالغ للفنان القدير سناء شافع، وصراخ روجينا غير المبرر، والتحوّل غير المقنع في شخصية الطبيب هشام (طارق لطفي)، وديكور مبالغ فيه لمنزل عائلة حياة.

أفضل ما في المسلسل عناصر الإبهار، إضافة إلى مقدمته الغنائية «مشاعر» بصوت الفنانة شيرين عبد الوهاب، وأداء وحضور لافتين للممثل الشاب أحمد مالك.

«مزاج الخير» ليس أحسن حالاً، إذ يتصدّر قائمة أسوأ المسلسلات في رمضان 2013، ولا نعلم لماذا يكرر البطل مصطفى شعبان تجسيد شخصية تهوى العلاقات النسائية التي قدمها في مسلسلي «العار» و{الزوجة الرابعة». آن الأوان أن يخلع  عباءة تقليد الفنان نور الشريف.

الدراما السورية

أنتجت الدراما السورية مسلسلات عدة رغم الأزمة الحالية التي تعيشها، وعلى مستوى الجودة والمضمون، تميزت ثلاثة أعمال هي: «سنعود بعد قليل» و{الولادة من الخاصرة 3: منبر الموتى»، و{لعبة الموت».