هذا التكالب المحموم من بعض النواب على إقرار بعض مشاريع القوانين "الحاتمية" كإسقاط القروض وزيادة علاوة الأولاد وزيادة القرض الإسكاني وإعطاء ربة المنزل راتباً شهرياً، هل يتم بإيعاز من الحكومة لتجميل صورة المجلس الحالي وإضفاء صورة الشعبوية على نوابه، أم أن شعوراً يسود لدى هؤلاء النواب بقصر مدة المجلس كما يدعي البعض، ولذلك يقوم هؤلاء النواب بتطبيق خطة "إلحق لا تلحق" لاكتساب قاعدة انتخابية لهم في المجلس القادم عن طريق دغدغة مشاعر الناخبين بقوانين يعلمون صعوبة تحقيقها؟!

Ad

على العموم، وفي كلا الحالتين، هناك سذاجة أو تعامٍ حكومي نيابي في فهم مسببات الحراك الشبابي بالفترة الماضية والامتعاض الذي ساد الشارع في الفترة السابقة، فالرخاء المادي وإن كان مطلبا شعبيا، لكنه لا يمثل الأساس لذلك الحراك والامتعاض، فالإصلاح والتنمية والخدمات وتنويع مصادر الدخل والقضاء على الفساد هي ما حرك الشارع، وهو- وإن اختلفنا مع أسلوب المعارضة إلا أننا نتفق معها فيه- ما نريد الإسراع في القيام به، أما الأمور المادية فتأتي بعد ذلك بمراحل بعيدة، فنحن لسنا– كما يظن البعض- قطيعاً من الأغنام يبحث عن الكلأ والماء وبه يتم إرضاؤنا!

نحن شعب حر طموح يفكر في مستقبل وطنه وأبنائه، ويهمه بالدرجة الأولى المحافظة على هذا الوطن وبنائه وتعميره، فهل تفهم الحكومة ونوابها هذا الأمر أم ستبقى أبد الدهر تغلق آذانها وعيونها عما يدور حولها من رغبات وأمانٍ وآمال لشعبها... كالعادة؟!  

***

حتى الآن لم أفهم الغرض من تنظيم مسيرات غير مرخصة في المناطق السكنية، تسودها الفوضى ويتخللها العنف وتنتهي بالاعتقالات! هل يقوم نواب الأغلبية المبطلة ومريدوهم بهذه المسيرات وفي قلوبهم أمنية ورغبة بأن يتم اعتقالهم واحتجازهم ليتحولوا إلى أبطال في نظر الناس، ويعودوا إلى دائرة الضوء مرة أخرى، أم أن العملية كلها مجرد عناد ومراهقة سياسية؟! لقد قمتم من قبل بتنظيم مسيرتين مرخصتين في أماكن بعيدة عن المناطق السكنية وبحماية رجال الأمن، فلم يتعرض لكم أحد وسارت الأمور على أكمل وجه أمنياً وتنظيمياً لتصل رسالتكم إلى من يهمه الأمر بكل يسر وسهولة، فلماذا العودة مرة أخرى إلى مثل هذه المسيرات المناطقية غير المرخصة التي تضركم أكثر مما تنفعكم، وتظهركم بمظهر الفوضويين ولا تخدم أطروحاتكم بالمرة، وأنتم ممن سبق أن ائتمنكم الناس على تشريع القانون لتكونوا اليوم على رأس من يخالفه، وكما قال الدكتور عبيد الوسمي في كلمته الشهيرة "احترمونا نحترمكم" فإن القانون يسلم عليكم ويقول لكم أيضا "احترموني أحترمكم" وإلا فليتحمل كل وزر أفعاله... ولا يلومنّ إلا نفسه!

***

إحقاقا للحق، فإن مشكلة القروض يتحملها طرفان، ومن العدل والإنصاف أن يدفع كل طرف منهما ثمن أخطائه، فالمقترض الذي راح يأخذ القروض يمنة ويسرة دون أن يفكر في راتبه المتهالك، حتى إن بعضهم لم يبق له من قرضه سوى 10 أو 20% والحكومة ممثلة بوزارة المالية والبنك المركزي اللذين تركا الحبل على الغارب للبنوك في إعطاء القروض كما تشاء دون رقابة، ولتضاعف الفائدة على المقترض مرات متتالية حتى جاوزت الفوائد قيمة القرض الأصلي، ولذلك، فإن من الإنصاف أن تتحمل الحكومة جزءا من الحل يتمثل بإسقاط "المتراكمة" دون وجه حق أو جدولة القرض بطريقة معقولة للمقترضين.

أما الحديث "غير العقلاني" عن إسقاط القروض بأكملها، أو على الجانب الآخر الحديث "المتبلد المشاعر" بترك المقترض يعاني وحده ويلاتها دون مساعدة، فإنه في الحالتين يفتقد إلى العدل والإنصاف والرحمة لمن اقترض ومن لم يقترض، وما أكثر هؤلاء... وأولئك!