كنت سأنشر وثيقة جديدة اليوم تتعلق بحرب الصريف، إلا أن رسالة ومكالمة مع الأستاذ سليمان ماجد الشاهين (أبوعمار) فرضتا عليّ أن أؤجل الوثيقة إلى الأسبوع المقبل وأنشر ما وردني من الأستاذ أبوعمار، حفظه الله.

Ad

رسالة أستاذي الكريم تتكون من صفحتين ونصف، وهو ما لا يسعني أن أنشره جميعه في هذه الزاوية الأسبوعية الصغيرة، فاخترت منها ما يلي:

"استوقفتني قصة المرحوم عبدالرحمن حسين الخراز، وهو أحد مقاتلي جيش مبارك الصباح، وأعادتني ذاكرتي إلى موضوع كنت قد تناولته كتابة منذ سنوات عن امرأة فاضلة هي موضي بنت عبدالله بن حمد البسام، وهي جدة لحفيداتها وأحفادها من عائلة البسام العريقة في الكويت.

إذ ورد في سيرتها المنشورة في كتاب (نساء شهيرات من نجد) لمؤلفته الدكتورة دلال بنت مخلد الحربي، والذي أصدرته موثقاً دارة الملك عبدالعزيز، ونص في ما يتعلق بموضوع الصريف على التالي:

(وكان أول ما اشتهر من أعمال السيدة موضي الخيرة ما فعلته مع فلول جيش مبارك بن صباح الذين تفرقوا في بلدان القصيم بعد معركة الصريف سنة 1318هـ - 1901م، وكان جيش عبدالعزيز بن متعب بن رشيد وأنصاره يلاحقونهم، فوصل بعضهم إلى عنيزة التي كانت خاضعة لابن رشيد، فقامت موضي باستضافتهم سراً في أحد البيوت التابعة لأسرتها أياماً بكل كرم، ثم بدأت ترسلهم بأعداد صغيرة خفية إلى الكويت حتى وصلوها سالمين).

وهذا النص بتفاصيله إضافة تستحق التوقف عندها (الحديث للأستاذ سليمان الشاهين) دعماً لرواية الأخ حسين بن عبدالرحمن الخراز، واستطراداً لسيرة هذه المرأة وشخصيتها، فقد أعادت الدور ذاته عقب معركة البكيرية عام 1904، حيث وصل المنهزمون من أهالي العارض إلى عنيزة، فاستقبلتهم موضي وأعدت لهم المسكن والطعام إلى أن تمكنوا من العودة إلى قراهم.

هذا بالإضافة إلى الأعمال الخيرة الأخرى مثل إسهاماتها في تخفيف وقع المجاعة التي أصابت نجد عام 1909م والمعروفة بسنة الجوع.

وقدّر الملك عبدالعزيز أعمالها الجليلة، فكان كلما قدم إلى عنيزة يزورها (أي موضي البسام) ويخاطبها بالعمة.

واعترف مجتمعها بشخصيتها ودورها إلى درجة أنها وجدت مكاناً لها في الموروث الشعبي لبلدها، فضرب المثل المعروف بالقصيم وبالذات في بريدة (إذا جاك ولد سمّه موضي)... ولا شك أنها دلالة كبيرة، إذ يعترف الرجال في المجتمع المحافظ بدورها، فتتحول إلى رمز يشيد به الرجال قبل النساء، وتظل الومضات الإنسانية هي الأبقى من بين ركام الحروب".

هذا ما ورد في رسالة أبوعمار، فالشكر له على اهتمامه بالأمر، ومراسلته هذه الزاوية.

والجميل أن هذا الشعور حول موضي البسام يحمله رجل آخر من أهل الكويت، وهو الزميل خالد محمد المعوشرجي، الذي أبلغني في مكالمة هاتفية أن هذه المرأة تستحق أن يخلد اسمها في تاريخ الكويت بإطلاقه على شارع أو مدرسة امتناناً لدورها الكبير في إسعاف وإنقاذ مجموعة من أهل الكويت في حرب الصريف.

ويبقى أن نتساءل، في ختام هذه الحلقة: هل كانت موضي البسام هي التي استقبلت حسين الخراز ورفيقه، أم أن هناك امرأة أخرى، وربما نساء أخريات قمن بمثل هذه العمل البطولي الإنساني، لكن التاريخ لم يوثق أسماءهن، فضاعت كما ضاع الكثير من البطولات من تاريخنا المجيد؟