الإصرار على إنعاش اللجنة الرباعية، المقترحة من مصر والسعودية وإيران وتركيا، هو إصرار على إدخال الدب الإيراني إلى الكرم العربي، فالمعروف أنَّ المملكة العربية السعودية كانت قد حضرت اجتماعاً واحداً هو الاجتماع الأول لهذه اللجنة، ثم انسحبت لأنه غير جائزٍ أن يلعب الإيرانيون الدورين معاً دور الذئب ودور الحمل في وقت واحد، ولأنه لا يجوز أن تكون إيران جزءاً من الحل وهي متورطة بكل ثقلها في المشكلة وفي القتال إلى جانب نظام بشار الأسد ضد شعبه.

Ad

ثم لعل ما يجب التوقف عنده ملياً هو أن التركيبة المقترحة لهذه اللجنة، بالإضافة إلى أنها تعطي إيران دور المحايد وهي منحازة كل هذا الانحياز، ستُغضب جهات متعددة من بينها دول عربية ترى أن لها الحق كله في المشاركة لاعتبارات كثيرة، منها عامل التجاور والعامل الجغرافي، بالإضافة إلى استقبالها لكل هذه الألوف المؤلفة من اللاجئين السوريين المتواصل تدفقهم يومياً وبالآلاف إلى هذه الدولة... أو إلى تلك.

عندما تعلن إيران، وبدون خجل ولا وجل، أن سورية هي المحافظة الإيرانية الخامسة والثلاثون ولا يصدر عن النظام السوري أي شجب أو أي اعتراض أو أيُّ رفض أو تصحيح على أساس أن هذه دولة عربية أساسية، وعندما تكون هناك قوات إيرانية تقاتل على الأراضي السورية ومنذ البدايات، وعندما يكون هناك مقاتلون من "حزب الله" يحتلون عدداً من القرى السورية، وعندما يكون قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني هو أكبر جنرال في غرفة عمليات القوات السورية المسلحة فكيف يمكن التفكير، مجرد التفكير، في أن تكون دولة الفقيه جزءاً من هذه اللجنة المقترحة؟!

إنه غير ممكن وغير جائز أن يتم التغاضي عن كل هذا التدخل الإيراني في شؤون دولة عربية من المفترض أنها ذات سيادة ولا تقبل التدخل في شؤونها الداخلية وأن تُدعى إيران لتكون جزءاً من هذه اللجنة التي يجري الحديث عنها وبدون أن توقف تدخلها هذا أولاً، وبدون أن تتخلى عن التمسك ببشار الأسد رئيساً إلى الأبد، وذلك مع أنه فعل كل هذا الذي فعله ببلده وبشعبه.

إنه من الممكن، إذا كانت هناك إمكانية فعلية لمفاوضات ولحلول سياسية لهذا المأزق السوري المتفاقم، أن تكون إيران هي المفاوض الأول، إنْ بديلاً لنظام بشار الأسد وإن شريكاً له، فهي كانت ولا تزال هي صاحبة الرَّبط والحل وهي صاحبة القرار الفعلي بالنسبة لهذا لنظام إنْ لجهة الاستمرار في العنف وإن لجهة التهدئة والحل السياسي، أمَّا أن تُدعى لتكون حكماً بينما هي الخصم الرئيسي فإن هذا يشكل لعبة مكشوفة ويشكل استدراجاً غير مقبول.

وهنا فإن المثير للتساؤلات بالفعل هو هذا الإصرار العجيب من قبل حكومة الرئيس المصري محمد مرسي على ضرورة جمع شمل هذه اللجنة الرباعية المشار إليها التي ولدت ميتة منذ اللحظة الأولى... فهل مصر بحاجة إلى إثبات أنها دولة رئيسية وأساسية في هذه المنطقة، مع أنها كانت ومنذ عهد الفراعنة وحتى الآن تواصل لعب هذا الدور وكرقم رئيسي إنْ في الشرق الأوسط كله وإنْ في إفريقيا وفي المنظومة العربية والإسلامية، وهو دور لا يحق لأيٍّ كان تجاهله أو رفضه؟