الأغلبية الصامتة: أزمة فراغ
ما نعيشه الآن من ركود في الإنجاز وتزايد في التذمر مرده الأساسي يرجع للعناد، معارضة تستجدي جمهورها الغائب بعناوين مثيرة منسوخة من حقبة الانتصار المؤقت، وحكومة تعاني الانكشاف أمام الناس والعمل الفردي دون وجود معارضة حقيقية.
مثلما فقدت قوى المعارضة بشكل عام ميزة القدرة على حشد الناس من حولها، تعاني الحكومة اليوم ومنذ ديسمبر 2012 مأزق خلو الساحة من الخصم "المليان" الذي يصلح لدور المشجب كي تعلق عليه كل أسباب تأخر البلد لدرجة أنهم لم يجدوا غير "الإشاعات" سبباً جديداً يحملون عليه فشلهم وقلة حيلتهم.كلا الطرفين المعارضة والحكومة اختار طريق الاختناق الذي أوصلهما إلى ما هما فيه الآن، المعارضة وجدت في التصعيد المتواصل، ورفع سقف المطالب العشوائية، وتغميس خطابها بالقضايا الطائفية، الطريق الأسرع لتحقيق مطلبها الأساسي، وهو العودة إلى نظام التصويت الرباعي، والحكومة من جهتها تلقفت حكم الإبطال الأول للبرلمان كهدية من السماء لتصفية كل صوت معارض لها؛ لأنها فقط ذاقت طعم العمل في برلمان لا تملك فيه الأغلبية الساحقة.
لقد نصح المخلصون كلا الطرفين دون جدوى، فقيل للمعارضة إن الإصلاح لا يكون بالتهديد والتعالي، ولا يكتمل دون وجود المرأة والشيعة والليبراليين، وقيل للحكومة لا حاجة بعد حكم "الدستورية" بسلامة نظام التصويت لتحقيق ما سيتحقق سلفاً دون مراسيم ضرورة، ودعوا الناخبين يكملون مهمة تصحيح اختياراتهم التي تمت تحت تأثير غضبة "الإيداعات والتحويلات".ما نعيشه الآن من ركود في الإنجاز وتزايد في التذمر مرده الأساسي يرجع للعناد، معارضة تستجدي جمهورها الغائب بعناوين مثيرة منسوخة من حقبة الانتصار المؤقت، وحكومة تعاني الانكشاف أمام الناس والعمل الفردي دون وجود معارضة حقيقية.الآن يحق لنا التساؤل، من يقف في وجه الحكومة كي لا تعمل؟ وما الذي قامت فيه دعما للحريات العامة والتسامح؟ وأين الإجراءات التي تكفل للمواطن سبل العيش الكريم والمساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية؟ يبدو أن الإجابة واضحة، لا جديد... كانت القضية وستظل هي الانفراد في الحكم ولا صوت يعلو فوق صوت الحكومة كما قال الوزير "المشنص".