توجت التطورات الأخيرة على الساحة النفطية المخاوف المتزايدة من تعرض الذهب الأسود لنكسة قاسية قد تفجر أزمة بين الولايات المتحدة وأوروبا، اضافة الى تداعيات سلبية غير مباشرة على منطقة الخليج والدول المصدرة للنفط.

Ad

وبعيدا عن هامشية ما تحقق من جهد على صعيد الطاقة المتجددة والموارد البديلة ومزارع الرياح واستخراج النفط من بحيرات الطحالب، تمثل النبأ اللافت في هذا الصدد في قدرة الولايات المتحدة على انتاج 6 ملايين طن من النفط يومياً بحلول سنة 2020.

وترجع عوامل القلق –وهي مبررة تماما– الى امكانية ابتعاد الولايات المتحدة عن مسارها التقليدي في ضمان امدادات النفط من الشرق الأوسط، وهي خطوة ستنعكس سلبا على أوروبا، نتيجة اقتراب الاستهلاك الأميركي من حدود الاكتفاء الذاتي خلال أكثر من عقدين من الزمن.

وفي استعراض سريع للجهد الدؤوب لضمان طاقة بديلة، والذي تعزز بعد كارثة محطة فوكوشيما اليابانية المعروفة، نجد أن هموم الغرب تركزت منذ فترة غير قصيرة على تأمين مصادر بديلة للنفط التقليدي، سواء بسبب ارتفاع أسعاره أو لعوامل جيوسياسية قد تعرقل وصوله بانتظام، وحتى انقطاعه في حالات معينة وغير محسوبة، واشتملت تلك الجهود على طرق متنوعة حققت درجة من النجاح، لكنها لم تصل الى حد تغيير معادلة العرض والطلب.

وتمثل الجانب الأبرز في هذا السياق في الألواح الشمسية التي تحولت الى سمة عمرانية في العديد من الدول، وفي مزارع الرياح ومياه البحر ومساقط المياه والطحالب، وغير ذلك من الطرق التي ظلت ضعيفة المردود الى حد كبير. وعلى سبيل المثال، كان من الصعب ضمان انتاجية الطاقة عبر الألواح الشمسية، بسبب قلة فترات السطوع في أوروبا، والاضطرار الى عمليات تخزين مربكة، كما أن وتيرة هبوب الرياح تتسم بالتقلب وعدم الانتظام.

وحسب تقرير ميداني صدر أخيرا، فإن الطاقة الصخرية التي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة قد تنقل الغرب الصناعي الى مرحلة جديدة، وتعزز قدرات الولايات المتحدة في ميدان الطاقة رغم تفاقم الجدل حول تأثيراتها البيئية السلبية وانعكاساتها على الأسعار بصورة عامة، ما قد يفضي الى تراجع في دور الدول المصدرة خلال النصف الأول من هذا القرن.

ويشير التقرير الى امكانية تحقيق الولايات المتحدة مستويات عالية من الاكتفاء الذاتي، وتعريض أسعار النفط الى ضغوط شديدة، اضافة الى مطالبة أميركا للدول الأوروبية باستثمار أوسع في عمليات أمن الطاقة، وربما يفضي ذلك الى دفع الاتحاد الأوروبي نحو تطوير عملية استخدام الغاز الطبيعي في النقل على شكل تحوط في مجال أمن الطاقة، ما يعني بالضرورة توجيه مزيد من الضغوط على الدول المنتجة للنفط.

وحسب خبراء، فإن الجانب المثير للقلق في هذه الصورة القاتمة يتمثل في غياب أي مصلحة مباشرة للولايات المتحدة، في ضمان تدفق النفط من منطقة الخليج بعد بلوغها مرحلة معينة من الاكتفاء الذاتي وضعف التأثير الجيوسياسي الأوروبي في هذا السياق.

ولابد من الإشارة هنا الى احتمالات قيام دول اخرى مثل الصين والأرجنتين بتطوير موارد النفط الصخري، مع التذكير بما حققته الولايات المتحدة من تقدم في البنية التحتية، لنقل الغاز الطبيعي الى المنازل والمكاتب والأسواق المركزية في العديد من المناطق الحضرية.

ويخلص التقرير الى القول إن هذه التطورات في ميدان الطاقة ستفضي بشكل حتمي الى هبوط أسعار النفط، وتراجع التأثيرات السياسية للعديد من الدول المنتجة، اضافة الى تقليص اعتماد الصين على الطاقة، والتخلص من قدر كبير من تأثيرات الحصار الأميركي لها، لأن القسم الأكبر من النفط الصيني يأتي عبر ناقلات في المحيط الهادئ، حيث تسيطر البحرية الأميركية منذ عقود طويلة من الزمن.