يرى المراقبون أن «حزب الله» وحلفاءه في «قوى 8 آذار» نجحوا، من خلال المعركة السياسية والإعلامية الدائرة في شأن قانون الانتخابات النيابية، في فرض عناوينهم السياسية على خصومهم في «قوى 14 آذار» عشية الانتخابات النيابية المقررة في يونيو المقبل.

Ad

فـ»حزب الله» أبعد في غضون الأسابيع القليلة الماضية عنوان «السلاح» الذي كان محور الخلاف لناحية تأثيره على مسار الانتخابات النيابية ونتائجها عن الواجهة السياسية والإعلامية، وسلط الضوء في المقابل على ما يصفه حلفاء الحزب المسيحيون بـ»مصادرة» تيار «المستقبل» و»الحزب التقدمي الاشتراكي» لعدد من المقاعد النيابية المسيحية بفعل الصوت السني المرجح في بيروت، وأكثر من دائرة شمالية، وبفعل الصوت الدرزي المرجح في الشوف وعاليه.

أما التيار الوطني الحر برئاسة النائب ميشال عون فقد نجح في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وفرض على خصومه السياسيين عناوين سياسية وإعلامية استخدمها في عام 2005 لاستقطاب 75 في المئة من أصوات المسيحيين، بحجة الحفاظ على التمثيل المسيحي وحق المسيحيين في اختيار نوابهم.

وفي رأي المراقبين فإن «حزب الله» استفاد من الأجواء السياسية والأمنية التي رافقت انتخابات عام 2009، عندما رفعت «قوى 14 آذار» شعار «إسقاط 7 ايار» ومفاعيله للفوز في الانتخابات من أجل إطلاق معركة مبكرة في انتخابات عام 2013، تحت شعار إسقاط مفاعيل السيطرة السنية والدرزية على النواب المسيحيين، فوضع المسيحيين مجتمعين في مواجهة تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، ومحيدا نفسه عن معركة التمثيل المسيحي.

وقد انعكس التكتيك الذي اعتمده «حزب الله» اهتزازا في قواعد في «قوى 14 آذار» السياسية والشعبية، فبرز ما يشبه «التسونامي» الشعبي المسيحي المنادي بقانون اللقاء الأرثوذكسي، الذي يقضي بأن تنتخب كل طائفة نوابها، في مواجهة مجموعة من السياسيين المسيحيين المستقلين، الذين يبدون كمن يغرد خارج سربه في ظل التلاقي الموضعي للقوات اللبنانية وحزب الكتائب مع التيار الوطني الحر على حساب التحالف الاستراتيجي، الذي كان قائما مع تيار المستقبل تحت سقف «14 آذار».

وفي اعتقاد المراقبين أن «قوى 14 آذار» أصيبت في خلال الأسابيع القليلة الماضية بضربة موجعة أدت إلى خلخلة التحالف الذي، إن كان لا يزال قائما في حدوده المقبولة، فإنه سيكون في حاجة إلى كثير من العناية لإعادته الى صحته خصوصا عشية الانتخابات النيابية.

وتعكس حالة الإرباك أسئلة يطرحها قادة بارزون في «14 آذار» على أنفسهم وفي الدوائر المغلقة: ماذا سنقول لمناصرينا في ذكرى «14 شباط» (اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه) بعد شهر، وفي ذكرى «14 آذار» (انتفاضة الاستقلال وثورة الأرز) بعد شهرين؟ وكيف سنقارب الانتخابات بمشروع سياسي ووطني واحد ونحن غير قادرين على مقاربة قانون الانتخاب بتصور واحد؟ وكيف ستتشكل اللوائح؟ وكيف سيتم اختيار المرشحين وتوزيع الحصص؟

ويختم المراقبون بالقول: كان الاعتقاد السائد بأن نتائج الانتخابات النيابية ستؤدي الى رسم صورة جديدة للفرز السياسي بين اللبنانيين بعيداً عن الانقسام العمودي بين «14» و»8 آذار»... أما اليوم فإن المؤشرات لا تستبعد أن يستبق الفرز الانتخابات، وأن تتوزع القوى على معسكرات جديدة قبيل الانتخابات.