في محاولة للترويج  لفيلم {البرنسيسة} من بطولتة علا غانم وراندا البحيري، لا سيما بعد فشله في تحقيق إيرادات مرتفعة أو مراكز متقدمة في سباق الأفلام، ابتكر صانعوه وسيلة دعائية جديدة هي إقامة مسابقة للفيلم على إحدى القنوات الفضائية، على أن تحصل شركة الإنتاج على نسبة من الاتصالات. اللافت أن السؤال الذي تم طرحه غاية في السهولة: من هي شخصية {البرنسيسة} في الفيلم؟ ووضعت اختيارات بين البطلات المشاركات فيه، على رغم أن الإجابة بديهية ويستطيع المشاهد تحديدها من خلال البرومو من دون مشاهدة الفيلم.

Ad

هذه الصيحة الجديدة في الترويج للأفلام تطرح تساؤلات عدة حول فائدة وسائل الدعاية المستخدمة وضرورتها، وما إذا كانت ستساعد الأفلام في تحقيق أهدافها المرجوة ونجاحها جماهيرياً؟ وهل أصبحت الأغاني الشعبية تميمة نجاح أي عمل سينمائي؟ وهل ابتكار المنتجين وسائل دعائية جديدة دليل على ضعف الفيلم المروّج عنه أم لتحقيق مزيد من الأرباح؟

في هذا السياق، قال منتج {قلب الأسد} و{كلبي دليلي} أحمد السبكي إن الفيلمين حققا نجاحاً جماهيرياً كبيراً وسط الأفلام المنافسة لهما؛ فاعتلى الأول رصيد شباك التذاكر وتلاه الفيلم الثاني، وأرجع ذلك إلى أنهما يتضمنان موضوعين مختلفين وملائمين لذوق الجمهور، دفعا إلى شراء تذكرة ومشاهدتهما، مؤكداً أنه مهما اتبع المنتج من أساليب دعاية جديدة أو حتى قديمة فإنه لن يفلح في جذب المشاهد إلا إذا كان العمل جيداً وأبطاله محبوبين لدى الجمهور.

إثارة الجدل

ذكر السبكي أنه تم طرح برومو {قلب الأسد} الدعائي في الأسبوع الأخير من شهر رمضان لتشويق المشاهد له وإثارة الجدل حوله، وكان هذا السبق سبباً في إقبال الجمهور على العمل في أول أيام طرحه في السينما، مشيراً إلى أن الأغنية الشعبية تساعد في نجاح الفيلم كعامل من ضمن عوامل كثيرة، ولكن لا يشترط تواجدها لنجاحه.

أضاف: {قدم محمد رمضان أغنية في فيلم {قلب الأسد} ضمن الأحداث من دون إقحامها عليها لأن الشخصية التي يجسدها يفترض أن صوتها مقبول ومعروف في المنطقة التي يسكن فيها أنه يغني أحياناً. كذلك لم نستعن بمطرب يقدمها، ولم نعرضها بشكل منفصل للدعاية للفيلم بل من يريد مشاهدتها عليه دخول الفيلم لمعرفة ظروف تقديمها، على رغم أنني لا أجد عيباً أو سبباً واضحاً يمنع تقديم الممثل أغنية ضمن أحداث الفيلم؛ فسبق أن قدم الراحل أحمد زكي أغاني عدة ضمن أفلام مثل {كابوريا} و{استاكوزا}.

أوضح مدير الإنتاج في {نيو سينشري} المنتجة لفيلم {نظرية عمتي} محمد إبراهيم أن الشركة قدمت الدعاية اللازمة للفيلم من طرح بروموهات عدة وملصقات تسمح بتواجد كل النجوم المشاركين فيه لجذب الجمهور، واستخدام الأغاني الشعبية وتوظيفها بشكل مناسب، وطرحها منفصلة كنوع من التشويق للمشاهد لمتابعة الأحداث التي قدمت فيها الأغاني، لا سيما أنها معروضة في منتصف الفيلم.

وأشار إلى أن الشركة ابتكرت فكرة جديدة، وهي حضور النجوم مع الجمهور إحدى الحفلات كنوع من الترويج، لافتاً أن لهذه الوسائل عظيم الأثر في نجاح الفيلم، إلى جانب كونه ملائماً للحالة النفسية للمشاهد الذي ضاق خلقه بمتابعة الخلافات السياسية الحادة بين الأقطاب كافة وأصبح بحاجة إلى عمل يخرجه من هذه الحالة بعيداً عن الأكشن والإثارة، لذا وجد {نظرية عمتي} جمهوره باعتباره فيلماً رومانسياً كوميدياً خفيفاً، وحظي بإشادة الجمهور والنقاد على حد السواء، كذلك رضا الشركة عمّا حققه من نجاح وإيرادات.

تقليد عريق

ترى الناقدة ماجدة موريس أن العرض الخاص تقليد عريق من تقاليد السينما في العالم كله، يسمح بعرض العمل على صانعيه والعاملين في مجال السينما أيضاً، والنقاد والصحافيين لكتابة مادة صحافية عن الفيلم سواء كان بالسلب أو بالإيجاب، فهي عموماً تمثل دعاية له. وقد تكون هذه الملاحظات فرصة للقيمين على الفيلم لإصلاحها في نسخ الفيلم واستبدالها بالمطروحة في الدور.

ولفتت موريس إلى أن معظم صانعي السينما يرفضون دعوة النقاد أو نقاد بعينهم لحضور أفلامهم في العروض الخاصة معتبرين أنهم خصوم لهم. تابعت: {شخصياً، لا أجد مشكلة في عدم رؤية الأبطال لأن المهم بالنسبة إلي هو العمل نفسه، فهذا هو ما أقيّمه في كتاباتي النقدية، لا شخصية أبطاله الحقيقية}.

وأكدت على أن الأفلام الجيدة تروج عن نفسها بموضوعها، ولكن ابتكار وسائل جديدة في الدعاية أمر ضروري لترويج الفيلم بشتى الطرق لأن الأحداث السياسية الأخيرة تسببت في انخفاض إيرادات الموسم الماضي، وأوضحت: لم تعد الدعاية معتمدة على الصحف بشكل كبير لأن ثمة فئة كبيرة هجرتها ولم تهتم بمتابعتها. كذلك أصبح للتلفزيون والإنترنت أثر أقوى على الجمهور بسبب سرعتهما في توصيل المادة الدعائية بشكل متحرك وجاذب للمشاهد.

ولفتت موريس إلى أن الإعلانات الترويجية للأفلام تعتبر سلاحاً ذا حدين؛ فهي قد تكون سبباً في مشاهدة الجمهور لها أو انصرافه عنها بسبب اقتطاع جزء من أحداثه أو عرضه في برومو مدته دقيقة ونصف الدقيقة، ما يعطي خلفية للمتفرج بأنه فيلم مثير مثلاً وهو هنا قد ينجح في جذب الجمهور من جهة، وقد يتسبب في ألا يذهب أب مع أسرته لمشاهدته بعدما شاهد البطلة تغازل البطل عبر رقصة مثيرة وألفاظ خارجة على رغم أنها قد تكون موظفة داخل الأحداث، إنما عرضها بهذا الشكل قد يضر بالعمل.

واعتبر الناقد نادر عدلي أن بعض الوسائل المبتكرة مثل المسابقات تدل على ضعف الفيلم، موضحاً: {كي يخرج فيلم {البرنسيسة} من قاع الإيرادات فكر القيمون عليه في ابتكار هذا الشكل المغري من الدعاية لجذب المتفرج، وهو نوع من تدارك الموقف لزيادة الأرباح، فالمنتج يبحث عن طريقة جديدة للربح على حساب اسم العمل وهذا من حقه ولكن هذا يدل على أن الفيلم لن يستطيع الصمود أمام الأفلام المشاركة في الموسم}.

وقال عدلي إن التجارب أثبتت أن أغاني {المهرجانات} قد تنجح في جذب الجمهور إلى الفيلم إذا تم توظيفها جيداً داخل أحداثه، بل إنها قد تكون سبباً في نجاح العمل نفسه بغض النظر عن موضوعه، وهي تعيدنا إلى زمن أغاني علي حميدة، ومن بعده شعبان عبد الرحيم، إضافة إلى مطربي {المهرجانات} وهم نجوم هذه الفترة لأنهم يتفقون مع أذواق الجمهور على رغم أن أغانيهم لن تعيش ولا يمكن أن تكون ذكرى.