بالأمس سألني أحد الإخوة عن مرشحي الانتخابات القادمة في إحدى الدوائر، قائلاً: بمن تنصح يا دكتور؟ فأجبته بأني غير متابع أبداً لأسماء المرشحين، وغير مهتم بالانتخابات الجارية حالياً مطلقاً لأني أعلنت مقاطعتي للعملية السياسية برمتها منذ زمن بعيد، وهنا قال: ولكن من سيشاركون بحاجة إلى النصيحة حول من يستحق أن يمنحوه أصواتهم من المرشحين الجيدين الذين قد يستطيعون عمل شيءٍ ما، فقلت له: اسمع يا صديقي:

Ad

إن كنت مشاركاً ولا بد في الانتخابات القادمة، وغير مقتنع أبداً بفكرة المقاطعة، لأي سبب كان، فاعلم أن أياً من المرشحين الذين سينجحون في الانتخابات، وسيصلون إلى البرلمان لن يستطيع أن يغير أي شيءٍ له قيمة في المعادلة السياسية الجارية حالياً، وذلك من بعد ما تم اختطافها على يد السلطة، وذلك لأن آلية التصويت قد استُلِبَت وأُعيد تصميمُها بطريقةٍ لا يمكن أن تساعد على ذلك بأي شكل من الأشكال، ومن يمتلك ولو بعض الحصافة السياسية والمنطق السليم فسيمكنه أن يرى وبوضوح أن المجلس القادم سيكون في كل احتمالات تركيباته الناتجة مجرد مجلسٍ أليفٍ مطيعٍ للسلطة في مجمله، ولن يكون له أي قدرة حقيقية على مواجهتها أو الحد من مقادير سوئها وفسادها، وذلك حتى لو وصل إليه نائب أو اثنان أو حتى عشرة ممن يمكن أن ترتفع أصواتهم وتتعالى تهديداتهم، لأن العبرة في النهاية للتأثير النسبي عند التصويت، وليس لوجود حالاتٍ فرديةٍ مشاغبةٍ أو مزعجةٍ للسلطة!

مجلس الأمة، وقد ذكرت هذا في مقالاتٍ متكررةٍ سابقةٍ، ما عاد له اليوم من الأمر المؤثر شيء، لا في صنع سياسة الدولة خارجياً ولا داخلياً، ولا في متابعة ومراقبة ميزانياتها وأموالها وأوجه الصرف فيها، ولا في رسم حاضر شعبها أو مستقبله، وحسبه أن صار مجلساً شكلياً فارغ المحتوى، ولن يكون سوى أداة تابعة جُعِلَت لتصادق على مشيئة السلطة، ولخداع الناس في الداخل والخارج، بأن في الكويت برلماناً وديمقراطية!

قلت له يا صديقي، إن كنت مصراً على المشاركة ولن تقاطع أبداً رفضاً لهذا العبث السياسي المكشوف كما أفعل أنا، فأعط صوتك، على الأقل، لمن تعتقد أنه لا يريد الوصول إلى البرلمان كي ينضم إلى قافلة المتنفعين والفاسدين واللصوص الذين خرجوا من تحت تلك القبة، سواء في المجلس المبطل السابق أو المجالس التي سبقته على حد سواء.

 أعط صوتك لذلك المرشح الواقعي الذي يدرك حقيقة المسألة وحجم مساحة تأثيره، ومدى قدرته على عمل شيء في حال نجاحه ووصوله، وأنه لن يكون على كل حال، سوى نائب سيوجد لخدمة مصالح ناخبيه البسيطة المباشرة بقدر الإمكان، من توظيف ونقل وعلاج في الخارج وما شابه لا أكثر، وأما مقولات وأحلام المعارضة والإصلاح من داخل البرلمان التي صار يرفعها بعض المرشحين الحالمين هذه الأيام فدعها عنك جانباً ولا تنخدع بها، ورحم الله "مرشحاً" عرف قدر نفسه!