بعيداً عن السياسة: الصرخة
كان جالساً في غرفته وحيداً بعد منتصف الليل يستذكر دروسه والسكون مطبق والهدوء تام إلا من أنفاسه التي يسمع صداها، همسات على الباب الخارجي، تحولت الهمسات إلى همهمات، كلمات غير مفهومة. قام تجاه الصوت مسترقاً السمع من الداخل محاولاً معرفة ما يقال، فلم يكن يجرؤ على فتح الباب، لم يسمع شيئاً يعينه على فهم ما يدور على الجانب الآخر، يحاول الاقتراب والإنصات أكثر وأكثر، بدأت الأصوات تتضح تدريجياً.
صوت: لقد انتهت مهمتك... ارجع من حيث جئت.صوت آخر: ماذا تعني؟الأول: لا تنفذ الأمر.الثاني: بل سأنفذه.الأول: لقد عدل عن رأيه. الثاني: لم يخبرني بذلك.الأول: لكنه أخبرني أنا.الثاني: لا يهم... ما دام لم يخبرني بتغيير رأيه فسأنفذ ما أمر به.(سكون تام وصمت رهيب متبوع بصرخة عالية حادة أليمة، وإذا بفرائصي ترتعد والعرق ينصب غزيراً على وجهي، وتعود الأصوات بضحكة عالية تنم عن سخرية شديدة).الأول: لقد نفذته إذن.الثاني: نعم... فماذا ستفعل؟الأول: لا شيء... فقط هذه نهايتك. صرخة أقوى وأشد وأعلى من الأولى، ثم صرخة ثالثة أشد من سابقتيها -مني أنا- وأفيق لأجد نفسي في سريري نائماً!!