أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. شفيق الغبرا أن «عقلية العزل السياسي لا تنجح في أي مكان، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إلغاء فصيل أو تيار سياسي فاز بانتخابات (الإخوان في مصر)»، مشددا على أنه «لا سبيل للخروج من الأزمة الراهنة في مصر إلا بالحوار».

Ad

وقال د. الغبرا، خلال الندوة التي نظمتها جمعية الخريجين مساء أمس الأول، بحضور عدد من الأكاديميين والمهتمين بالشأن العام، بعنوان «أيام الغضب العربي 3»، إن «تيار الإسلام السياسي في مصر له قاعدة عريضة لا تقل عن 20 في المئة، وإذا استمر الضغط عليه فسيتزايد عدده وسيقوى»، موضحا أن «الإسلاميين أكبر فصيل سياسي في الدول العربية، ولن نقيم أي ديمقراطية إلا بالتفاهم معهم».

حرب استنزاف

ووصف المشهد العربي بحرب استنزاف واسعة وطويلة الأمد، لافتا إلى أنه «منذ بداية ما اصطلح على تسميته بالربيع العربي تنوعت أشكال استجابة الشعوب العربية له بين ثورات في أماكن ومطالبات بالعدالة والحرية والمساواة في أماكن أخرى»، مبينا أن «حالة من حالات الانفجار السياسي المفاجئ ضربت المنطقة العربية في مجتمعات لم يعرف عنها المشاركة السياسية».

واعتبر ما يجري في مصر حاليا «قاسيا وصعبا»، مشيرا إلى أن «فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة كان كارثة انسانية، لأنه لم يكن مدروسا بشكل صائب»، معربا عن صدمته من العقل الذي أمر بفض الاعتصام على خلفية خلاف سياسي.

وبين ان «هناك كثيرا من الدول الغربية نجحت في تصفية الإرهابيين مع الحفاظ على سلامة الرهائن في أوقات الاعتصامات، لكن ما رأيناه في مصر استهداف للمدنيين وسقوط ضحايا كثر»، مضيفا: «كان من الممكن الإبقاء على الاعتصام وتجفيفه بالمضي قدما في خارطة الطريق أفضل من قتل سجناء ومدنيين، لكن ما حدث انقلاب عسكري كشف عن نفسه».

وأشار إلى أنه «بمجرد وقوع هذا الانفجار السياسي زال التماسك الذي كان يحتضن المجتمعات العربية، وظهر مدى ضعفه، لأنه كان قائما على القبضة الأمنية التي لا يمكن أن تعطي استدامة في الاستقرار السياسي والاقتصادي».

مخاض عسير

وذكر د. الغبرا أن «الوضع في معظم الدول العربية خلال الـ40 عاما الماضية كان مغلقا، وعنوانه الفقر والقهر والقمع والاستبداد والتحكم والفشل، وهي العوامل التي تعتبر المحرك الأساسي للربيع العربي»، لافتا إلى أن «هذه الأوضاع كشفت أن ما يجمع الناس اقل بكثير مما يفرقهم، فعادت المجتمعات العربية إلى الانقسام الطائفي والديني».

واردف: «اننا أمام مخاض عسير قد تستمر تبعاته سنوات، لأننا نعالج قضايا لم نعهد التعامل معها، حيث نمر بمرحلة انتقال كبيرة من الاستبداد والاحادية إلى الحرية والديمقراطية، وهي المرحلة التي تحتاج إلى عدالة وشفافية ومناخ ديمقراطي وحريات وأشكال جديدة من التفاوض ليتم إنجازها على الوجه المأمول».

وأشار إلى أن «الثورات العربية كانت أصفى تعبير عن مطالب الشعب العربي»، مضيفا أن «تيارات الإسلام السياسي تمر بتجربة صعبة جدا في وقت نفاجأ فيه بمطالبات للعودة لليسار والاشتراكية».

وزاد ان «مناخ الثورات العربية مثل لحظة تفاؤل تاريخية، إلا أن مناخ ما بعدها مثل مصاعب كبيرة نعانيها وتحديات نواجهها»، لافتا إلى تغير الشخصية العربية التي أصبح لديها طموحات وآمال وتساؤلات وتطلب تفسيرات لكل ما يحدث في مجتمعاتها.

صراع مفتوح

وشدد د. الغبرا على أن «الإخوان المسلمين في مصر سيحاولون إبقاء الصراع مفتوحا لزيادة التكلفة، إلى أن يكون هناك حل سياسي يوفر خروجا آمنا للجميع»، مشيرا إلى أن «الأولوية في حل الأزمة ستكون للتفاهمات السياسية».

وتابع انه لا يشكك في أن ثورة 30 يونيو كانت ردة فعل طبيعية، ولا يشكك في مطالبها الشعبية، خصوصا في ظل أخطاء وقعت فيها جماعة الإخوان المسلمين والرئيس المعزول د. محمد مرسي، لكن بلا شك طريقة التعامل الأمني في فض الاعتصام أدت إلى كارثة إنسانية لا يمكن تبريرها. وبين أنه رغم الأخطاء التي وقع فيها د. محمد مرسي، وأهمها عدم وضع وزن للتحالفات السياسية، فإن الإشكالية الآن لم تعد في مرسي بل في إشكالية الجيش والسياسة، معربا عن أسفه لتفشي خطاب الكراهية طوال الأزمة، سواء من على منصة رابعة العدوية أو في مختلف وسائل الإعلام المصرية.

نظرية المظلومية

أكد أستاذ القانون الدستوري في جامعة الكويت د. محمد الفيلي ان «الإشكالية الكبرى داخل تنظيم الإخوان المسلمين أنهم ظلوا يفكرون طوال الـ80 عاما الماضية في السلطة، ولم يفكروا لحظة في ما سيفعلون إذا وصلوا إلى السلطة».

وتساءل الفيلي: «لماذا يهجمون الآن على الكنائس؟»، لافتا إلى أن «الإخوان يراهنون على نظرية المظلومية، إذ يعملون على كسب تعاطف الشارع لكي يظهروا للرأي العام أنهم يتعرضون للعنف والظلم».

وأضاف: «نحن أمام معلومات مغيبة في المشهد المصري، فالإخوان يكذبون كما يتنفسون منذ بداية حكمهم»، مشيرا إلى أن «جميع الدول العربية تعاني الخبرة الأمنية في التعامل مع التظاهرات والاعتصامات، ولا توجد العقلية الأمنية الحقيقية».

«مرسي مبارك»

اعتبر رئيس جمعية الخريجين سعود العنزي أن «أكبر خطأ اقترفه الإخوان المسلمون، عقب ثورة يناير 2011، خوضهم انتخابات الرئاسة، ومن ثم صعودهم إلى السلطة»، مشيرا إلى صعوبة الموقف عقب الثورة وعقب تدمير طال أغلب مؤسسات الدولة في مصر طوال 30 عاما.

وقال العنزي، في مداخلة له، إن «الجيش ومن خلال فض اعتصامه بالقوة أنقذ الإخوان المسلمين»، مضيفا: «ارى أن الإخوان ارتكبوا أخطاء كثيرة خلال فترة حكمهم التي استمرت نحو عام، رغم انهم خلال أكثر من 80 عاما، وهو عمر التنظيم في مصر، كانوا يعدون بتطوير كل شيء في حال وصولهم إلى الحكم، وهو الشيء الذي لم يحدث». وشدد على أنه مع ثورتي 25 يناير و30 يونيو، اللتين أسقطتا حسني مبارك و«مرسي مبارك»، لكنه أكد أنه ليس مع عودة العسكر «حتى لو لبسوا ملابس مدنية، فقد دفعنا ثمنا كبيرا، إذ إن العسكر أدخلونا في تخلف أعمى». وأضاف: «نتمنى ألا نرى أي سلطة دينية تحكم في أي بلد عربي»، مشيرا إلى أنه «ليس فرحا بأن تنتقل مصر إلى هذا العنف، لأن العنف لن يوصلنا إلا إلى مزيد من العنف»، مؤكدا أن «ظهور أي أصوات معتدلة داخل تيار الإخوان المسلمين سيتم سحقها من قبل المتشددين والمتطرفين منهم».

أفكار رجعية

شددت الأديبة ليلى العثمان على أن «الإخوان المسلمين مارسوا أخطاء أكثر مما مارس الجيش في مصر، وقتلوا أكثر مما قتل». وأضافت العثمان أن الإسلاميين «ما ينعطون وجه»، لافتة إلى أنهم «استولوا على كل شيء، ولديهم أفكار قديمة ومتأخرة ورجعية، ولا يريدون أي تطور أو تقدم لدولهم».