ماجدة موريس: لا أستبعد هجوم تيار الإسلام السياسي على دور العرض
ترى الناقدة ماجدة موريس أن تراجع شركات الإنتاج عن تقديم أفلام سيؤثر سلباً على مستقبل السينما المصرية، مؤكدة أن أسوأ الظواهر الأخيرة هي السينما التجارية، وأن عدم توافر الإنتاج يشكل أكبر عقبة تواجه السينما المستقلة. حول رأيها في الموسم السينمائي الراهن وتوقعاتها للمقبل ورأيها في الأزمات التي مرّ بها بعض الأفلام كان لـ «الجريدة» معها الحوار التالي.
ما تقييمك للموسم السينمائي الراهن؟
موسم فقير، لأن عدد الأفلام قليل والإنتاج ضعيف، وغالبية شركات الإنتاج الكبيرة تراجعت لأسباب عدة من بينها السوق المتغير والخوف من المخاطرة في ظل هذه الظروف السياسية. بحكم كوني عضواً في لجنة تحكيم مهرجان جمعية الفيلم، وجدت أن الجمهور اختار عدداً قليلاً من الأفلام التي دخلت المسابقة، واكتشفت أنه كلما كان عدد الأفلام قليلاً كان الجيد منها قليلاً، لذا كانت الأفلام الفائزة من إنتاج غير مصري ما عدا «ساعة ونص» الذي هو من إنتاج أحمد السبكي. أتوقع أنه إذا استمر حال الإنتاج في هذا الاتجاه لن يصبح لدينا ما يسمى بالسينما المصرية، لأنه يفترض أن يوازي صعود جيل جديد من المبدعين إنتاج مستمر وعوامل الحفاظ على وجودهم واكتشاف غيرهم.وهل هذه أزمة الإنتاج عموماً أم مشكلة تخض جهات الإنتاج؟أتصور أنها تخص جهات الإنتاج لأنها تقيس عملها في السينما وفقا لمبدأ المكسب فحسب، أما الخسارة فهي ليست ضمن حساباتها رغم أن السينما المصرية منحتها الكثير، وهي الآن ترفض المخاطرة لأجلها، وترى ضرورة الابتعاد إلى حين تحسن الظروف ثم تعود بقوة، وهذا رهان مفهوم للسينمائيين.ما أبرز الظواهر السينمائية التي طرأت أخيراً؟انتشار السينما التجارية واصطياد الإفيهات التافهة من المجتمع وتقديم أفلام ليست جيدة قادرة على جذب الجمهور، لا سيما فيلم «عبده موتة» الذي وضع يديه على قيمة البلطجي ودوره في حياتنا رغم كونه فيلماً تجارياً من الألف إلى الياء ومع ذلك لا يمكننا تجاهله. كذلك اختفاء كبار المخرجين، من بينهم علي بدر خان الذي صرح منذ فترة بعودته إلى السينما مع فيلم جديد وما زال حتى الآن متوقفاً لأسباب إنتاجية بالدرجة الأولى.وما تعليقك على الجدل الذي أثير حول أول أعمال سينما النهضة «تقرير» ؟سعيدة بخروج أفلام تعبر عن وجهة النظر هذه وجميعنا معرّض للخطأ والصواب، وأتمنى خروج أفلام تعبر عن التيارات كافة، سواء كان الإخوان أو غيرهم. عموماً، كل عمل ينضح بما فيه، وبعد عرضه سنرى فكرته وتطور الدراما فيه ثم نبدأ نقده بأدوات الفن بعيداً عن أي انتماءات ونوضح ما إذا كان جيداً أم سيئاً، وبالأسباب.كيف وجدت الأزمة التي أثيرت حول فيلم «يهود مصر»؟الغريب في هذه الأزمة أن الفيلم قد حصل على حق العرض في بانوراما الفيلم الأوروبي ولا أجد سبباً قوياً لمنعه من العرض الجماهيري؛ فهو يوثّق لحياة يهود مصر ويثير تساؤلات عدة أبرزها، هل طردهم المصريون خارج البلاد أم أن واقعاً سياسياً جديداً فرض عليهم ذلك؟ وما علاقة إسرائيل بهم؟ وهل هم خونة أم لا؟ والمشاهد سيخرج بإجابات من خلال التطورات الدرامية، مع أسئلة أخرى يستخرجها بنفسه. والحقيقة أن الشابين أمير رمسيس المخرج وهيثم الخميسي المنتج قد خاضا مغامرة جريئة ورائعة رغم أنه كان بإمكانهما الاستسهال وتقديم فيلم تجاري أو روائي.ولكن هل يمكن لهذه الأفلام أن تحقق نجاحاً جماهيرياً؟جمهور السينما المحب لها ذكي وقادر على رؤية الأفلام كافة والحكم عليها، فضلاً عن أن هذا الفيلم بطبيعته لن يذهب إليه إلا الباحث عن هذا النوع وليس جمهور الأفلام التجارية، وسيكون فاتحة تجذب الجمهور لدخول هذه النوعية المختلفة من الأفلام، وتفيد أيضاً في استرداد الجمهور لدور العرض السينمائي واستعادة ثقته بها، وهو لا علاقة له بأي قواعد رقابية لكونه مجرد فيلم وثائقي. بالإضافة إلى أن الجمهور المصري يستحق أفضل الأعمال الفنية، والغرض من وجوده هو عرض باقة منوّعة من الأفلام يختار المشاهد الأفضل من بينها.«الشتا اللي فات» أحد أفلام السينما المستقلة،كيف تقرئين واقعها؟جاءت السينما المستقلة لتعدل ميزان السينما التجارية، وهي اتجاه رائع يعني أن المؤلف أو المخرج اللذين قد يكونان شخصاً واحداً غالباً لا يريدان الالتزام بتعليمات شركات إنتاج السينما التجارية وتقديم فن محترم غير هزلي ولا تافه، مع تقديم وجهة نظر هذا الفنان المستقل وليس وجهة نظر المنتج ولا الموزع.وما أبرز مشكلاتها؟ إنتاجية من الدرجة الأولى، ولهذا السبب استغرقت هالة لطفي 10 سنوات حتى قدمت فيلمها «الخروج من النهار»، كذلك ماجي مرجان وفيلمها «عشم»، وثمة أيضا فريق عمل المؤلف والمخرج أحمد عبد الله الذي قدم «ميكروفون» و{هيليوبوليس»، ومن قبلهم المخرج إبراهيم البطوط الذي طلب من بلاد عربية عدة التمويل لإنتاج أفلامه. كذلك يحضر في اللائحة نفسها شريف حتاتة الذي لم يستطع حتى الآن تقديم فيلمه الثاني منذ أن قدم «الأبواب المغلقة»، رغم أن جميعهم موهوبون بحق فإن هذه هي ضريبة الدفاع عن الاستقلال مع أن نتائجها مبهرة؛ فقد أعادنا فيلم «الشتا اللي فات» إلى مهرجان فينيسيا مجدداً.هل لديك أي تخوفات في شأن حريات الفن والإبداع من التيارات الإسلامية؟بالطبع؛ لأنها في لحظة قد تقوم بعمل خارق أهوج يسيء إلى الفن ويرعب الجمهور، وأقول هذا لأن أعمالها ونواياها كثيرة في هذا الإطار، فقد قالت بأن الأهرامات أصنام ويجب التعامل معها دينياً وليس حضاريا، وزادت في هجومها على الآثار المصرية، لذا لا أستبعد حدوث هجوم على دور العرض بحجة أن ثمة فيلماً مخلاً بالآداب أو أن قصته لم تنل إعجاب الجماعة، أو أن الملصق الخاص به غير لائق.كيف يمكن مواجهة هذا الهجوم؟علينا أن نرفضه بكل قوة ونقف جبهة واحدة أمامه، ونسعى إلى تقديم وجهة نظر واضحة ومحددة مفادها أن ثمة من يقدر الثقافة ويدافع عنها، في مقابل بعض الأشخاص الذين يمسكون العصا من المنتصف ويفضلون الوقوف في منطقة الحياد. ولا ننسى أن هؤلاء المتطرفين لا يملكون تصريحاً من ربنا ليتصرفوا ويقرروا عنّا المسموح والممنوع.كيف تجدين هروب بعض نجوم السينما إلى التلفزيون هذا العام مثل منى زكي وهاني سلامة؟ليس اتجاهاً حديثاً؛ فهو قائم منذ حوالي 10 سنوات ويسير فيه الفنان الذي يظل فترة طويلة من دون عمل ثم يرغب في المشاركة في أي مسلسل يثبت من خلاله استمراره حتى لو لم يأخذ أجره كاملا. والسبب الآخر أصيل متعلق بأن التلفزيون بعد التطورات التكنولوجية الأخيرة واستخدام كاميرات عالية الجودة ألغى الفوارق الفنية بينه وبين السينما، إلى جانب دخول جيل جديد من الكتاب الذين يشجعون الفنانين لتقديم أعمال تلفزيونية، مثل ليلى علوي التي قدمت «حكايات وبنعيشها» مع سميح النقاش وهالة خليل، و{نابليون والمحروسة» مع المخرج شوقي الماجري، ما يساعدها على تجديد قدراتها كفنانة.أقيمت مهرجانات سينمائية عدة من بينها الأقصر وجمعية الفيلم ولقاء الصورة... في رأيك ما أهمية هذه الأنشطة في هذا التوقيت؟تؤكد أن مصر بلد لم يمت، ومثلما فيها متظاهرون يطالبون بحقوقهم فيها فريق مبدع يعمل ويقيم نشاطات تتماشى مع التغيير الذي يحدث فيها يومياً. ورغم أن مهرجان جمعية الفيلم مثلاً لم يحضره إلا جمهور قليل فإن الفنانين كانوا في غاية السعادة للاهتمام بعرض أعمالهم وتقييمها ومنحهم جوائز عنها، وقد تحدثت إلى أحمد السبكي منتج «ساعة ونص» وطلبت منه تقديم مزيد من أعمال تقترب من هذا الفيلم ولكنه برر إنتاجه للنوعية الأخرى من الأفلام بأنه يريد أن يعيش ويستمر في الإنتاج وإن لم يقدمها سيتوقف تماماً.ما توقعاتك للموسم السينمائي المقبل؟أنتظر عرض الأفلام والجيد منها أثني عليه، والسيئ سيأخذ حقه من النقد.ما تعليقك على احتكار السبكي لأفلام الموسم المقبل من خلال أفلام «تتح» و{توم وجيمي» و{سمير أبو النيل» و{الحرامي والعبيط»؟هل منع السبكي المنتجين من تقديم أي أفلام؟ بالطبع لا، وبدلا من أن نهاجمه ونقول عنه بأنه يحتكر السوق علينا تحيته وتشجيعه لأنه مصمم على الاستمرار في الإنتاج بدلاً من الذين ينتظرون تحسن الحالة الإنتاجية والسينمائية عموماً، وإذا لم يعمل هذا المنتج فإن صناعة السينما التي يعمل فيها عدد كبير كلها ستتوقف، لذا دعونا نتركه ينتج والأفلام الجيدة ستحصل على جوائز، ودون المستوى ستذهب إلى مزبلة التاريخ.هل تتوقعين إقبال الجمهور على دور العرض في ظل الظروف السياسية الصعبة؟نعم؛ خصوصاً مع كونه موسماً كوميدياً يخرج المشاهد من الحالة النفسية السيئة التي يعانيها، وإن كان هذا ليس سبباً لاستسهال القيمين عليها وتقديم أي قصة؛ فثمة أفلام كوميدية قديمة ما زالت في الذاكرة ونبحث عنها على الفضائيات ونشاهدها، ويعتبر تقديم هذه الأعمال في هذا الوقت خدمة جليلة لأهل الوطن لمساعدتهم في الخروج من هذا الكرب، فضلاً عن أن العمل الجيد جاذب للجمهور في أي وقت.