اتحاد عربي أم اندماج خليجي؟
![د. ندى سليمان المطوع](https://www.aljarida.com/uploads/authors/388_1685038963.jpg)
وفي ذلك السياق أذكر أثناء وجودي في بروكسل قبل عدة أشهر استمعت إلى شرح مفصل حول مشروع الاتحاد الأوروبي, وانتهاجه سياسة "البيغ بانغ"، وهو مشروع التوسعة وإعادة التشكيل، فكانت نظرية الأعمدة الثلاثة حاضرة في الخطة الاستراتيجية الأوروبية. وهي أخي القارئ نقاط أخذت بعين الاعتبار عند التحول إلى الاتحاد: أولها، المجتمع الأوروبي والبرلمان والمفوضية ومحكمة العدل والحرص على الاحتفاظ بسقف العدالة، وتحفيز الدول من أوروبا الشرقية على الانضمام والحصول على الامتيازات الحقوقية. والعمود الثاني يتضمن الأجهزة الحكومية وتشابكها وتوحيد إجراءاتها, وعلاقاتها الدولية وسياستها الخارجية ومواقف الصوت الواحد تجاه بعض القضايا. أما العمود الثالث فهو القوى المدنية وقوانين التنقل والهجرة والإرهاب والأمن، وجزء منها أقر عبر استراتيجية أمنية عام 2003. وخلاصة الأمر أن النموذج الأوروبي استطاع أن يحقق حوافز للانضمام، واستراتيجية للاتحاد وأخرى للتكامل الداخلي, واشترط الاستقرار والتعايش السلمي لاستيعاب دول المعسكر الاشتراكي السابق، ونجح في تحويل عدو الأمس إلى صديق اليوم والغد. ولكن اقتصادياً ومالياً يبدو أن بوادر التفكك بدأت تلوح في الأفق, وذلك بسبب التعثر المالي الناتج عن الأزمة المالية الماضية، (حسب دراسة لإليزابيث أغيستام حول التوسع الخامس للاتحاد الأوروبي)، فلم يستفد البعض من جلسات العصف الذهني والنقاشات الحادة التي واكبت فكرة الاتحاد لتحديد معايير الانضمام، واشتراط بعض الدول إجراء الاستفتاءات العامة، وأخرى اكتفت بالبرلمان المنتخب حتى أتت الرياح الاقتصادية ولم تجر باتجاه السفن السياسية الأوروبية. وبات واضحا احتمال الانقسام والارتطام بصخور التفكك مرة أخرى, إما إلى تجمعات إقليمية أصغر والتحول إلى نادي الفقراء ونادي الأغنياء وإما إلى ابتكار توليفة إقليمية جديدة لا تستند إلى الجوار الجغرافي. وأخيراً، ولاستيعاب الدرس الأوروبي فإن علينا أولاً متابعة مشروع الاتحاد والتوسع عبر نظرية "البيغ بانغ" ودراسة كيفية إعادة تشكيل النظام الإقليمي؛ اعتماداً على قوى الجذب الداخلية, وبلورة السياسات المحلية لتصبح جاذبة للتعايش السلمي، وارتفاع سقف العدالة والحرية، واختبار التوسعة العددية النوعية بشكل معمق. "العددية" أي تضمين عدد من الدول دون التدقيق بالمعايير، أما "النوعية" فهي السعي إلى دول ليست بالضرورة عربية، ولكن اقتصادها قوي وصاعد، وبيئتها إيجابية لخلق فرص العمل.كلمة أخيرة: أستغرب تجاهل تلفزيون الكويت المساهمات السياسية والتاريخية فيما يخص حدثين مهمين: الأول كلمة الكويت في الأمم المتحدة، والثاني العيد الوطني.