تبقى حالة دول مجلس التعاون الخليجي حالة خاصة، وتستدعي اهتماماً خاصاً، وذلك بعد الاتفاق على مشروع "التوسعة" وفتح الباب لانضمام بعض الدول التي وقع عليها الاختيار أثناء اجتماع قادة دول الخليج.

Ad

 ورغم ندرة النماذج التحليلية المستخدمة لقراءة الأحداث فإن الاتجاه نحو الاتحاد مستمر، فقد انتهت الاجتماعات الأمنية لتحدد استراتيجية أمنية داخلية خليجية "غير معلنة" غابت عن أجندة أعضاء البرلمانين المنتخبين (الكويتي والبحريني), وأثارت حفيظة ناشطي حقوق الإنسان في مسائل عديدة أبرزها كيفية تعامل الاتفاقية مع التباين في دول الخليج حول حقوق الشباب في التعبير عن الرأي بوسائل متعددة، وممارسة المواطن الخليجي رجلاً كان أم امرأة حقوقه السياسية، وقيادة المرأة للسيارة, وغيرها من القضايا التي تعتبر جزءاً من الحياة اليومية في دولة وجريمة في دولة أخرى, وأتمنى أن تكون تلك الأمور ضمن أجندة رئيس المجلس في زيارته الخليجية.

وفي ذلك السياق أذكر أثناء وجودي في بروكسل قبل عدة أشهر استمعت إلى شرح مفصل حول مشروع الاتحاد الأوروبي, وانتهاجه سياسة "البيغ بانغ"، وهو مشروع التوسعة وإعادة التشكيل، فكانت نظرية الأعمدة الثلاثة حاضرة في الخطة الاستراتيجية الأوروبية.

 وهي أخي القارئ نقاط أخذت بعين الاعتبار عند التحول إلى الاتحاد: أولها، المجتمع الأوروبي والبرلمان والمفوضية ومحكمة العدل والحرص على الاحتفاظ بسقف العدالة، وتحفيز الدول من أوروبا الشرقية على الانضمام والحصول على الامتيازات الحقوقية.

 والعمود الثاني يتضمن الأجهزة الحكومية وتشابكها وتوحيد إجراءاتها, وعلاقاتها الدولية وسياستها الخارجية ومواقف الصوت الواحد تجاه بعض القضايا.

 أما العمود الثالث فهو القوى المدنية وقوانين التنقل والهجرة والإرهاب والأمن، وجزء منها أقر عبر استراتيجية أمنية عام 2003.

وخلاصة الأمر أن النموذج الأوروبي استطاع أن يحقق حوافز للانضمام، واستراتيجية للاتحاد وأخرى للتكامل الداخلي, واشترط الاستقرار والتعايش السلمي لاستيعاب دول المعسكر الاشتراكي السابق، ونجح في تحويل عدو الأمس إلى صديق اليوم والغد.

 ولكن اقتصادياً ومالياً يبدو أن بوادر التفكك بدأت تلوح في الأفق, وذلك بسبب التعثر المالي الناتج عن الأزمة المالية الماضية، (حسب دراسة لإليزابيث أغيستام حول التوسع الخامس للاتحاد الأوروبي)، فلم يستفد البعض من جلسات العصف الذهني والنقاشات الحادة التي واكبت فكرة الاتحاد لتحديد معايير الانضمام، واشتراط بعض الدول إجراء الاستفتاءات العامة، وأخرى اكتفت بالبرلمان المنتخب حتى أتت الرياح الاقتصادية ولم تجر باتجاه السفن السياسية الأوروبية.

 وبات واضحا احتمال الانقسام والارتطام بصخور التفكك مرة أخرى, إما إلى تجمعات إقليمية أصغر والتحول إلى نادي الفقراء ونادي الأغنياء وإما إلى ابتكار توليفة إقليمية جديدة لا تستند إلى الجوار الجغرافي.

 وأخيراً، ولاستيعاب الدرس الأوروبي فإن علينا أولاً متابعة مشروع الاتحاد والتوسع عبر نظرية "البيغ بانغ" ودراسة كيفية إعادة تشكيل النظام الإقليمي؛ اعتماداً على قوى الجذب الداخلية, وبلورة السياسات المحلية لتصبح جاذبة للتعايش السلمي، وارتفاع سقف العدالة والحرية، واختبار التوسعة العددية النوعية بشكل معمق.

 "العددية" أي تضمين عدد من الدول دون التدقيق بالمعايير، أما "النوعية" فهي السعي إلى دول ليست بالضرورة عربية، ولكن اقتصادها قوي وصاعد، وبيئتها إيجابية لخلق فرص العمل.

كلمة أخيرة:

 أستغرب تجاهل تلفزيون الكويت المساهمات السياسية والتاريخية فيما يخص حدثين مهمين: الأول كلمة الكويت في الأمم المتحدة، والثاني العيد الوطني.