ما الذي شجعك لتقديم فيلمين عن ثورة 25 يناير؟

Ad

لم نخطط لتقديم أفلام عن الثورة ونزلنا للمشاركة فيها فحسب، لكن في يوم «جمعة الغضب 28 يناير» اتخذنا قراراً بتوثيق هذا الحدث المهم في تاريخ مصر كي يشاهده الجيل المقبل ويعرف ماذا فعل المصريون عندما أرادوا محاربة الفساد والمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. كذلك أردنا تبيان تزييف التلفزيون المصري للحقائق في ميدان التحرير من خلال تأكيد المذيعين فيه بأن الوضع هادئ وعلى ما يرام وتثبيت الصورة على النيل لتأكيد حديثهم رغم أن وقت عرض هذه الصورة كانت «موقعة الجمل» على أشدها.

حدثنا عن فيلم «18 يوم في مصر».

عندما قررنا التصوير ارتأينا أن يحمل اسم الفيلم عدد أيام الثورة، وهو يعتبر أول فيلم وثائقي عن الثورة يعرض وجهة نظر سينمائيين شاركوا فيها، ويتناول الفيلم هذه المشاركات من خلال 23 شخصية سينمائية من بينها المخرج علي بدرخان، المنتج محمد العدل، الممثلة نهى العمروسي، عمرو عابدين، محمد أبوسيف، فوزي العوامري، ولاء سعدة، جاسر خورشيد، شريف عماشة، أحمد شاكر، أحمد سعد، لبنى فخري، هفال قاسو، محمد رمضان، شذا مصطفى، طارق زمزم، منال خالد، الصحافية رشا عزب، ألفت عثمان، سلمى صبري، وشادي صابر.

لماذا اخترت اسم «عيون الحرية... شارع الموت»؟

الاسم مركب، جاء الجزء الأول منه «عيون الحرية» بعد فقدان الكثير من الشباب بصرهم على يد بعض جنود الشرطة في شارع محمد محمود، وأشهرهم د.أحمد حرارة ورضا عبد العزيز، وكان الثوار قد أطلقوا هذا الاسم على الشارع. أما «شارع الموت»، فهو اسم مقترح من شادي صابر (أحد أعضاء فريق العمل)، وقد صممت على التأكيد على الاسم لأن عدد القتلى في هذا الشارع وصل إلى 45 شهيداً و3256 مصاباً، يرصد حكاياتهم  فيلم مدته 52 دقيقة.

لماذا اخترت رصد أحداث شارع محمد محمود تحديداً؟

لأنه شهد أشرس معركة في الثورة على مدار خمسة أيام، وبعد استشهاد الكثير قررت إظهار دموية الشرطة تجاه المتظاهرين، لذا وضعنا رسالة في نهاية الفيلم هي «سُلب النور من عيون الشباب ولكن نور الحرية مُضاء ببصيرتهم»، لا سيما أن الإعلام الرسمي كثيراً ما كان يؤكد على أن الثوار نزلوا لأجل الخراب واقتحام وزارة الداخلية، لذا أردت من خلال الفيلم التأكيد على كذب ما ادعاه الإعلام حينها.

وكيف جاءت مشاركة الفيلم في المهرجانات؟

عرضت علينا إدارات المهرجانات مشاركته فيها ووافقنا فوراً من دون أي مقابل مادي سواء داخل مصر أو خارجها؛ مثل القاهرة السينمائي الدولي وبيروت السينمائي الدولي وروتردام وبغداد وتشيك، ولدينا جولة ثانية في سويسرا وفرنسا وأميركا و20 دولة أخرى. كذلك شارك الفيلم في مراكز الثقافة السينمائية المصرية التي تحتفي بذكرى الثورة، وهدفنا الأول من هذه المشاركات هو تعريف العالم كله بالثورة وأحداثها للعالم كله.

ما الصعوبات التي واجهتها أثناء التصوير؟

كثيرة. في البداية، كنت حريصاً على ألا أصاب ولكن بعدما رأيت مصابين وشهداء، شعرت بأنهم ليسوا أفضل مني وخرج الخوف من داخلي. ولأني خشيت أن يُقبض عليّ وتُسحب الكاميرا مني، احتفظت ببطاقة ذاكرة فارغة استبدلتها بالمستخدمة كي لا أخسر المادة، ومع كثرة المصابين أمامي كنت أتوقف عن تصوير لقطات مهمة في مقابل إنقاذ حياة إنسان، ولأنني أعاني مشاكل في التنفس كثيراً ما أفقدتني رائحة الغاز وعيي.

يكون السيناريو في الأفلام الوثائقية مكتوباً غالباً، إلى أي مدى تمكنت من العمل في ظل غيابه؟

بذلنا مجهوداً إضافياً في هذا الإطار وسُعدنا بذلك؛ ففي أفلام الثورة لا أحد يعلم إلى أين ستقودنا الأحداث، وكان يعنينا سيناريو ما بعد الأحداث أكثر من قبلها، وبعدما انتهينا من التصوير جمعنا مادة كبيرة مدتها حوالى 50 ساعة، وأقمت ورشة مع فريق العمل الذي يضم كريم مغاوري والبراء مصطفى والسيناريست أحمد شاكر ونادر الرفاعي، ثم بدأنا نكتب السيناريو والقصة، وقسّمنا محاور الفيلم لنختار الزاوية التي سنعالج من خلالها الأحداث.

ما الذي يميز فيلمك عن بقية أفلام الثورة؟

تغطيته جوانب الثورة كافة بشهادة النقاد: الثوار أثناء حمايتهم ميدان التحرير، المواطنون الشرفاء الذين أطلقت عليهم الداخلية لقب «بلطجية»، التركيز على دور الأطباء... ولأن هدفنا الأول من الفيلم تبيان حقوق الإنسان ركزنا على الحالات الإنسانية كي ترى الجمعيات كم الإهانات والمصابين والموتى الذين راحوا ضحية دفاعهم عن بلدهم، ورغم أن القاتل والمقتول معروفان ولكن أحكام البراءة تنهال على كل الضباط المتهمين، لذا أرى أن الثورة مستمرة وستظل روحها موجودة في أفلامها.

ما جديدك؟

أحضر لثلاثة أفلام، تتناول اثنان منها الثورة؛ الأول «بروفة ثورة» وفيه أعرض الأحداث قبلها وأثناءها وصولا إلى انتخابات الرئاسة، ومع نشوب أحداث قصر الاتحادية قررنا ضمها أيضاً إلى الفيلم، والثاني عن الشهيد جابر صلاح بعنوان «جيكا... حلم الثورة المصرية» ونعرض فيه نزوله إلى الميدان مع أن عمره لا يتجاوز 16 عاماً، ورغم أنه كان أحد مؤيدي محمد مرسي إلا أنه قتل على أيدي داخليته، ونركز على الحالة الإنسانية لأسرته، ونرصد بعض المعلومات الشخصية عنه وأبرزها أنه كان متفوقاً في دراسته، وصوَّر بعض مصابي الألتراس وأحداث العباسية. ولأنني كنت أزوره يومياً في المستشفى وبصحبتي الكاميرا صورت بعض المشاهد أثناء مرضه وعلاجه ثم وفاته والصدمة على وجه الحاضرين، خصوصاً والدته التي كانت تحدثه بعد رحيله، فكان أقوى مشاهد الفيلم تأثيراً.

ماذا عن الفيلم الثالث؟

«سيما مصر»، أعرض فيه ظاهرة مهمة هي تحويل بعض دور العرض القديمة في الأحياء الشعبية إلى جراج أو عمارة أو برج سكني من خلال وجهة نظر فنانين وعمال السينما الذين كانوا يعملون فيها واستعراض ذكرياتهم فيها، وهو فكرة إيمان القصاص التي شاركت في كتابه السيناريو مع نادر الرفاعي، ومن إخراجي مع رمضان صلاح.