قرصنة دراما رمضان... فوضى أم وسيلة جذب للمشاهدين؟
هل تسريب حلقات الدراما الرمضانية على الانترنت يفيدها أم يضرّ بها؟ سؤال يطرح نفسه بعد انتشار ظاهرة تسريب حلقات بجودة عالية، وتباين الآراء بين مؤيدين لها ومنددين بها واعتبارها خطراً يهدد عرض الدراما ونسبة مشاهدتها على المحطات الفضائية.
سربت الحلقات الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتاسعة من مسلسل {الداعية} لهاني سلامة وبسمة، تأليف د. مدحت العدل، إخراج محمد العدل. كذلك سُرّبت الحلقات الخامسة والسادسة والسابعة من مسلسل {اسم مؤقت}، من تأليف محمد سليمان عبد المالك، إخراج أحمد نادر جلال، بطولة يوسف الشريف، وشيري عادل... ولم يفلت مسلسلا {خلف الله} لنور الشريف، و}تحت الأرض} لأمير كرارة وأمل بوشوشة من القرصنة إذ سرّبت الحلقتان الخامسة والسادسة منهما قبل عرضهما.
دليل نجاحيوضح جمال العدل منتج {الداعية} لـ {الجريدة} أن هذا التسريب دليل على نجاح المسلسل وإلا لما بحث كثر عنه على شبكة الإنترنت لمتابعته.يضيف: {اعتدنا تسليم القنوات الفضائية مجموعة من الحلقات كل فترة، لكن بعد هذا التسريب اتخذت قراراً بتسليم هذه القنوات حلقة كل يوم بيومه منعاً لهذا التسريب الذي أتوقع أنه حصل خلال التسليم}.يشير العدل إلى أن شركته {العدل غروب} تواصلت مع إدارة موقع {يوتيوب} لحذف الفيديوهات المتعلقة بالحلقات الجديدة من {الداعية}، وتم بالفعل حذفها.يدوره يقول يوسف الشربيني، المسؤول الإعلامي لشركة {رايت ماركتينغ}، المنتجة لمسلسل {اسم مؤقت}، إن الشركة تعمل على قدم وساق لإلغاء الفيديوهات لأنها ليست مرفوعة على موقع {يوتيوب} فحسب بل على مواقع إخبارية وترفيهية، ما يزيد من حجم الكارثة، نظراً إلى تأثيرها على نسبة مشاهدة المسلسل على المحطات، لا سيما أن ثمة استفتاءات تقوم على هذا الأساس، وبالتالي سيؤثر هذا التسريب على تقييم العمل عموماً.يعبر الشربيني عن استياء القيمين على الشركة من هذه القرصنة التي أجبرتهم على اتخاذ الإجراء نفسه الذي ستنتهجه {العدل غروب} وهو تسليم القنوات حلقات كل يوم بيومه، وسيتم البحث عن المسؤولين عن هذا التسريب ومعاقبتهم.مرفوض أخلاقياً تنفي دينا كريم، منتجة مسلسل {تحت الأرض}، علمها بتسريب حلقاته، لافتة إلى أنها ستبحث في حقيقته، فيما يؤكد المخرج حاتم علي أن هذا الأمر مرفوض أخلاقيا وفنياً ومن الناحية القانونية باعتباره قرصنة فعلية، كون الحلقات لم تذع في وقتها ولا في المكان المخصص لعرضها، لكن لن تكون خسائره من الناحيتين الاقتصادية والإدارية هائلة، مثلما يحدث في السينما التي تعتمد على شباك التذاكر، فيما ينال منتج المسلسل حقه المادي من القنوات قبل عرضه على شاشاتها.يضيف علي أن هذا التسريب يضر بالعمل وصنّاعه، إذ يلغي عامل التشويق الذي يجعل المشاهد ينتظر الحلقة الجديدة يومياً طوال شهر رمضان، خصوصاً إذا كان المسلسل يعتمد على هذا العامل وليس مجرد أحداث عادية، لافتاً إلى أن هذا التسريب قد يكون تم من جانب القيمين على المونتاج والمكساج في شركة الإنتاج، أو الموظفين في المحطة إذا كانت الشركة والمحطة في البلد نفسه، أما إذا كانوا في بلاد مختلفة فقد يتم ذلك من خلال البريد الالكتروني.الأول في تاريخ الدراماتشير الناقدة ماجدة خير الله إلى أن هذا التسريب يعدّ الأول من نوعه في تاريخ الدراما التلفزيونية المصرية، ولا تعلم الهدف من ورائه، {ربما يكون الأشخاص الذين سربوا الحلقات على الإنترنت يستفيدون من خلال وضع إعلانات لمواقع أخرى تدفع لهم قيمة هذا التسريب الذي يتم بنسبة 100% من جانب شركات الإنتاج، وفي حالات نادرة يكون من جانب المحطات لأنها بالتأكيد تريد جذب المشاهد لمتابعة المسلسل على شاشتها}.تضيف: {لن يؤثر التسريب على نسبة مشاهدة المسلسل لأن ثمة فئة من المشاهدين لا تفضل متابعة العمل في التلفزيون وتجد في الإنترنت وسيلة أفضل للمتابعة، لاسيما إذا كانوا لا يمتلكون وقتاً للبحث عن المسلسل وسط هذا الزخم الدرامي}.تتابع: {شاهدت مسلسلات أجنبية أميركية وإنكليزية، وكثيراً ما كان يتم تسريب حلقات من موسمها الجديد الذي لم يُعرض بعد، فتجد إقبالاً من الجمهور إذا كان العمل ناجحاً، أما إذا كان غير ذلك فلن يتأثر ولن يبحث المشاهدون عنه على الإنترنت لأنه في نظرهم فاشل، وبالتالي تسريب هذه المسلسلات العربية دليل على نجاحها، وإلا لما أثارت انتباه المشاهدين الذين يرغبون في متابعة الحلقات الجديدة من المسلسلات المتميزة بالإثارة والتشويق في مقدمها {تحت الأرض}.توضح خير الله أن الخسائر التي ستتكبدها الدراما لا تذكر مقارنة بالخسائر التي تعود على السينما؛ لأن المسلسل مكوّن من 30 حلقة بما يعادل حوالى 20 ساعة، بالتأكيد لن يشاهد المتفرج 20 ساعة على الكمبيوتر، بل المشاهدة التلفزيونية في ظل حضور الأسرة والحلقات يومياً لها إحساس وانفعال خاص، خلافاً للسينما التي إذا تم تسريب فيلم منها خسر صنّاعه لأن مدته لا تتعدى 120 دقيقة، وبالتالي تسهل مشاهدته على الإنترنت.بدوره يعتبر الناقد إمام عمر أن هذه القرصنة استمرار لمسلسل الانفلات الأمني في مصر الذي يتيح لكثيرين استخدام التكنولوجيا الحديثة في ما قد يُضر بالآخرين، ويستبيحون لأنفسهم سرقة حلقات لم تُعرض بعد وحرق الأحداث عبر نشرها على الـ {يوتيوب}، ما سيسبب خسائر فادحة للمنتجين الذين وافقوا على العودة إلى الإنتاج بعد محاولات عدة.يطالب عمر جهاز الرقابة على المصنفات الفنية ووزارتي الثقافة والإعلام بضرورة اتخاذ قرارات لمنع تكرار هذه السرقات وملاحقة القيمين عليها، لأن استمرارها يؤدي إلى انهيار صناعة الدراما، لا سيما أن فنانين كثراً لم يتقاضوا أجورهم كاملة، حتى الآن، بانتظار انتهاء العرض التلفزيوني وبالتالي قد يؤثر هذا التسريب على العملية الإنتاجية.