المجلس المتعاون... صار «غير متعاون»!

نشر في 19-02-2013
آخر تحديث 19-02-2013 | 00:01
الحكومة تواجه اليوم ثلاثة استجوابات يتبعها رابع قريباً وربما أكثر، وهو أمر أدى إلى ارتفاع نبرة الحديث عن حل محتمل لمجلس الأمة لأنه مجلس «غير متعاون» مع الحكومة، وهذه من المفارقات، فالمجلس الذي جيء به أصلاً كي يكون «حكومياً» متعاوناً ها هو قد انتهى إلى أن يوصم بأنه غير متعاون، فسبحان مقلب الأحوال!
 د. ساجد العبدلي يدرك الجميع أن تغيير آلية الانتخابات وصولاً إلى مجلس "الصوت الواحد" كان يراد من ورائه إضعاف الكتلة البرلمانية المعارضة وتشتيتها، وهي التي كانت قد قضّت مضجع الحكومة وأزعجتها وأحرجتها طوال السنوات الماضية، لكن الظاهر أن السلطة قد فوجئت اليوم بأن الأمور لم تنته مطلقاً إلى ما أرادت، بل لعلها ذهبت إلى الاتجاه المعاكس.

المجلس الحالي، وعلى الرغم من الظن الذي كان سائداً بحكومية أغلب نوابه، وهو ظنٌ له وجاهته طبعاً، وهم الذين اجتمعوا من كل حدب وصوب من داخل الحسابات والتوقعات وخارجها وبعيداً عن الدعم الشعبي بسبب مقاطعة الانتخابات، فقد ظهر بأنه في الحقيقة أبعد ما يكون عن الإخلاص "الحقيقي" تجاه الحكومة، وعن أن يكون مجلساً غير مزعج كما كانت تشتهي الحكومة وتتمنى وتريد، فها هم نوابه وقد كشروا عن أنيابهم، وحدوا سكاكينهم، وشرعوا في تصفية حساباتهم الطائفية والفئوية والشخصية بعد انتهاء شهر عسل مقتضب مع الحكومة، وباشروا في قطع واستقطاع نصيبهم من "الثروة"، حقاً وباطلاً.

الحكومة اليوم تواجه ثلاثة استجوابات يتبعها رابع قريباً وربما أكثر، وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نبرة الحديث عن حل محتمل لمجلس الأمة لأنه مجلس "غير متعاون" مع الحكومة على حد تعبيرها، وهذه من المفارقات، فالمجلس الذي جيء به أصلاً كي يكون "حكومياً" متعاوناً ها هو قد انتهى إلى أن يوصم بأنه غير متعاون، فسبحان مقلب الأحوال!

السلطة الآن، وبعدما وصل إليه مجلس "الصوت الواحد" من انحراف عمّا أُريد وخُطط له، وبتفوقه كذلك على كل المجالس السابقة في لغة الخطاب المستخدمة والتي بلغت من الانحدار مستويات مظلمة عميقة وغير مسبوقة، وكأني بها وقد أطلقت النار على قدمها، كما يقال في التعبير الغربي الشائع، بل لعلها قد قطعت قدمها بالكامل بعدما كانت قد قطعت قدمها الأخرى سابقاً عندما أمعنت واستمرت في معاداة الأغلبية الشعبية، وها هي اليوم تواجه مأزقاً سياسياً حرجاً ولا شك، فالخيارات قد ضاقت والأفق قد صار أكثر قتامة من ذي قبل، خصوصاً أن حجم الحراك الشعبي المعارض آخذ في الاتساع، ولم تفلح كل الحيل التي في جعبة الساحر من تخويفه وإرعابه بالقدر الكافي ومن ثم تشتيته.

المستقبل قاتم كما أسلفت، وهو ليس في مصلحة السلطة، طال الزمان أو قصر، والأيام والليالي حبلى بالمزيد من المفاجآت.

back to top