ماكونهي يستوحي ماد من ماضيه
إن كانت الشكوك تساورك حول ما إذا كان ماثيو ماكونهي الممثل الأنسب لأداء دور «ماد» في الفيلم الريفي الرومانسي ذي الحبكة الجنوبية القوية الذي أخرجه جيف نيكولز ويحمل الاسم عينه Mud، يريح هذا الممثل بالك بالطريقة ذاتها كما كان ماد سيفعل: من خلال رواية.
قد يكون ماد، شاب فار من وجه العدالة يبحث عن حب حياته (ريز ويزرسبون)، من ابتكار نيكولز (Take Shelter وShotgun Stories). ولكن من المؤكد أن ماثيو ماكونهي هو مَن أضفى عليه صورة الشاب المرح من تكساس الذي يسهل التعامل معه. يبدو ماد شاباً رومنسياً لا شك في أن ماكونهي الكثير الأسفار التقى بأمثاله في مواقف المقطورات والمرافئ الصغيرة حيث يرتدي المغامرون والرحالة الدائمون شارة «خارج المجتمع»، معتبرينها فخراً لهم.يخبر ماكونهي، الذي أمضى جزءاً كبيراً من حياته في مقطورات ومراكب: «التقيت بحاراً في البحر الكاريبي قبل نحو 10 سنوات». كان ذلك البحار، الذي جاب العالم على متن سفينة سياحية، شخصية لا تُنسى. حاول ماكونهي تقليد صوت البحار خلال سرده قصته، فبدا شبيهاً جداً بصوت ماد الذي أقام أيضاً في مركب.يذكر ماكونهي، متخليّاً عن لهجة أهل تكساس: «كنت أعمل في البحر قبالة شواطئ فلوريدا منذ بعض الوقت. اعتدنا أن نقصد البر في نهايات الأسابيع. كنا نقصد نادي رقص حيث كانت تعمل شابة قلت حين نظرت إليها للمرة الأولى: يا إلهي. وقعت في حبها من الحال. كانت تأبى التحدث إلي، فصرت أترك لها الكثير من البقشيش. ظللت أطلب منها المجيء لتناول الطعام معي في مركبي، فرفضت خمس مرات. ولكن في المرة السادسة، نجحت في إقناعها. ما إن صعدت إلى المركب حتى انطلقنا إلى مختلف أنحاء العالم».ضحك ماكونهي لمدى وقاحته وطبيعة عمله المنافي للقانون. يضيف: «إذاً، اصطحب هذه الشابة إلى مركبه خلال أول موعد لهما وخطفها. رفضت التحدث إليه طوال شهرين. لكنهما تزوجا في إسبانيا، انهيا رحلتهما حول العالم، ورُزقا بفتاة. يشبه هذا الرجل ماد، الذي يبدو مستعداً ليظهر لك ما قد يتكبّده من مشقة ليفوز بقلب امرأة. لا أوافق بالضرورة على ما قام به. لكني عشقت روحه، فتحول إلى مصدر إلهام لي عندما فكرت في الطريقة التي أودّ أن أؤدي بها ماد والمكان الذي يتحدر منه هذا الشاب».ماد، الذي يلتقي بمراهقين يطلب منهما مساعدته، إحدى شخصيات الأساطير الجنوبية، مثل هاك فين أو هاري باول، أو مثل روبرت ميتشام من الفيلم الكلاسيكي Night of the Hunter. يصفه بيتر ديبروج من مجلة Variety بـ{المتمرد».يوضح ماكونهي: «يمثّل الخرافة والذاكرة. إنه رجل قد أمسكه وأقول: وجدته. كم يكون الرجل مستعداً للذهاب إلى أقاصي الأرض، إلى حدود الكون ليكون مع المرأة التي يعتبرها حبه الحقيقي الوحيد؟». أدى ماكونهي (43 سنة) سلسة من الأدوار المميزة. بدءاً مع فيلم The Lincoln Lawyer، حققت هذا الرجل الوسيم القوي الشخصية، الذي اعتاد المشاركة في الأفلام الرومنسية الفكاهية وأفلام التشويق، نجاحات كبيرة، من بينها Tropic Thunderا ، ، M،Magic Mike ،Killer Joe والآن Mud. فقدّم أداء مبهراً غالباً في أدوار مساندة إنما دوماً في أفلام جيدة. دفعت سلسلة النجاحات هذه مانوهلا دارعيس، ناقدة في صحيفة {نيويورك تايمز}، إلى التساؤل: {ماذا حدث؟ هل نهض ذات صباح من السرير حاملاً بيده عصاه السحرية التي تساعده في اختيار الأفلام}.خيارات أنانيةيذكر ماكونهي، وهو متجه إلى موقع تصوير مسلسل يحمل العنوان الأولي True Detectives ويعمل فيه إلى جانب وودي هارلسون: «أعتقد أنني أتخذ خيارات أكثر أنانية هذه الأيام. تشكّل الأدوار تحديّاً لي وتخيفني، ويعجبني ذلك. لست واثقاً من الطريقة التي يجب أن أؤدي بها الشخصية. لا أعلم طريقة تقديم المشهد. أجهل أسلوب عمل هذا الممثل. تمدني التفاصيل كافة بالحماسة».اصطحب ماكونهي أسرته إلى أركنساس خلال الشهرين، اللذين أمضاهما في تصوير Mud، وحاول أن يجعلها تعيش تجربة الحياة في الخلاء خارج المجتمع قدر الإمكان. بعد أن جاب البلد وهو يجر مقطورة خلفه، وعاش أحياناً بين {الرحالة الدائمين}، بدا كلامه مليئاً بالأماني خلال تحدثه عن شخصية يؤديها تعيش بطريقة لن يختبرها مجدداً. يقول: {لا تلغِ حياتك وتنغمس في نمط حياة مماثل ما لم تكن ترغب في الابتعاد عن الناس والمجتمع. تقابل الكثير من القراصنة، الخارجين عن القانون، والرحالة الذين يتمتعون بأسلوب العيش هذا: خارج المجتمع، على متن مركب. لا يسارع الناس إلى التعريف عن أنفسهم حيث تلتقي بهم هناك. يترددون ويكتفون بإلقاء التحية. لا ينادون أحدهم الآخر بأسمائهم الأولى. حتى إنهم يتخذون لأنفسهم أحياناً أسماء مستعارة}.يضيف: {يشبه العيش على متن قارب الإقامة في مقطورة. فلا جذور له ويمتاز بعفويته. وكلما أردت الرحيل، ترفع المرساة. تختفي. لا تحتاج إلى إخبار أحد أو إلى توديعه. يستيقظ جيرانك في الصباح ويلاحظون أنك غادرت}.تحمل ضحكته الخافتة شيئاً من الحزن. فلا شك في أن هذا النجم المتزوج والأب لثلاثة أولاد لا يملك أدنى فرصة ليعود إلى نمط الحياة هذا. لكن الممثلين يعيشون حياة الآخرين من خلال أدوارهم. يقول ماكونهي: «كم من الممتع التعرف إلى ماد، هذا الشاب المرحل. إنه شخصية مميزة قد تكون خطرة. إلا أن ماد يتحلى حقّاً بروح صافية فيما يعيش أحد أحلام طفولته: على جزيرة، على قارب. ترى صبيين يساعدان رجلاً فاراً وعاشقاً. ولا شك في أن هذه مغامرة صيفية شبيهة بما كان مارك توين يحلم به».