تداعيات الصحوة العربية
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
حتى وقتنا هذا كانت استجابة المجتمع الدولي بطيئة في أفضل تقدير، ففي عام 2011، تعهدت شراكة دوفيل التابعة لمجموعة الثماني- والتي جلبت البنك الأوروبية لإعادة البناء والتنمية إلى المنطقة- بأن تقدم المؤسسات المالية الدولية 38 مليار دولار لبلدان المرحلة الانتقالية على مدى ثلاث سنوات. ولكن هذا الوعد كان مرتكزاً بشكل أكبر على خطوط إمداد المؤسسات المالية الدولية القائمة بالفعل وليس على الاحتياجات الناشئة في بلدان المرحلة الانتقالية، وعلاوة على ذلك فقد تسببت أسس الاقتصاد الكلي الهزيلة، وبرامج الإصلاح البطيئة، والاضطرابات السياسية، في تقييد استخدام هذه الموارد، ومن منظور هذه البلدان فإن الدعم الثنائي من جانب مجموعة الثماني والاتحاد الأوروبي جاء مخيباً للآمال.وقد ساهمت دول مجلس التعاون الخليجي- وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت- بنحو 28 مليار دولار لدول المرحلة الانتقالية، ورغم أن هذه الموارد ساعدت في تمويل عجز الموازنات، وتثبيت استقرار الاحتياطيات، وتهدئة الأسواق المتوترة، فإنها لم تُستَغَل على النحو اللائق لتحسين أطر السياسات، أو تعزيز القدرة على تنفيذ مشاريع الاستثمار العام، أو وضع بلدان المرحلة الانتقالية بشكل عام على مسار النمو الشامل المستدام.ويتعين على المجتمع الدولي، إذا كان راغباً حقاً في إعطاء بلدان الصحوة العربية المساحة اللازمة لتحويل اقتصاداتها وأنظمتها السياسية وتجنب عدم الاستقرار أو الانهيار، أن يعمل على زيادة مساعداته المالية والسياسية والمؤسسية لهذه البلدان، ولابد أن يشتمل ذلك على ما يلي:• مساعدات مالية جديدة مرتبطة بإصلاحات طويلة الأجل، وتتراوح بين 30 إلى 40 مليار دولار سنوياً لنحو ثلاثة أعوام؛• الدعم الفني اللازم لضمان توجيه هذه الأموال نحو الاستثمار العام الإنتاجي في برامج الأشغال العامة القصيرة الأجل التي تساعد في توفير فرص العمل، ومشاريع البنية الأساسية الأطول أجلاً التي تعمل على التخفيف من اختناقات العرض؛ • أطر عمل واسعة للتجارة والإصلاح التنظيمي والاستثمارات التي تتيحها على سبيل المثال اتفاقيات التجارة الحرة العميقة والشاملة مع الاتحاد الأوروبي؛• الدعم السياسي والمؤسسي اللازم لاستعادة الثقة بين الحكومات ومواطنيها، بما في ذلك القضاء على الروتين والمحسوبية في المعاملات التجارية، وتمكين الفقراء من مساءلة مقدمي الخدمات العامة، وتعزيز الحماية الاجتماعية للمواطنين الأكثر ضعفا.ويستفيد هذا المزيج من المساعدات من مواطن القوة لدى الشراكات الثنائية والمتعددة الأطراف مثل مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فضلاً عن المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، والبنك الإفريقي للتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية، وصناديق التنمية العربية. فكل من هذه الجهات الفاعلة تكمل بعضها البعض في ما يتصل بالمعارف الجهازية، والقدرة على التنفيذ، والموارد المالية المتاحة.إن التجمع المقبل لوزراء المالية في واشنطن، لحضور اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي السنوية يُعَد فرصة مثالية للبدء في بناء الإجماع حول هذه الجهود المطلوبة بشدة. ودون اتخاذ إجراءات عاجلة فإن هذا يعني أن كل ما بذله هؤلاء الذين نزلوا إلى الشوارع- وخاطروا بحياتهم- من جهد وعرق ودم، في نضالهم من أجل الكرامة والفرص المتكافئة، قد يذهب أدراج الرياح.* إريك برغلوف كبير خبراء الاقتصاد لدى البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، وشانتا ديفاراجان كبير خبراء الاقتصاد المعني بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى البنك الدولي.«بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»