استكمالاً لموضوع المقال السابق حول الانقسام الحاد في المجتمع المصري، والذي نشأ أساسا من رحم العاطفة والشعور المتزايد بالكره بين الأطراف المختلفة، وبعد أن دار المقال السابق حول الإخوان ومبررات رفض البعض لهم، سيتناول هذا المقال جبهة الإنقاذ وأسباب رفض الأغلبية العددية في الشارع (كما أثبت الاستفتاء ذلك) لهم، والتي يمكن تلخيصها في:

Ad

أولا: الخداع في التسمية والهدف منها:

 كان عجيبا بالنسبة إلى المواطن أن تدعي الجبهة رغبتها في الإنقاذ بينما لم تحاول إنقاذ أي شيء، بل على العكس تماما كان تشكيلها سببا في زيادة حدة الانقسام داخل المجتمع، فقد اكتفت بالدوران في دائرة الرفض والاعتراض!! مما أفقد المواطن ثقته بها وبدأت تتشكل أولى فرضيات التساؤل هل تكذب الجبهة أم تتجمل؟

ثانيا: قادة الجبهة:

 شعر المواطن بالكثير من الإحباط عند سماعه تصريحات قادة الجبهة خاصة من كان يقدرهم ويحترمهم ويؤيدهم، فعندما يقول أحدهم "أنا أحق بالرئاسة من مرسي" (صحيح أنه تراجع عن ذلك فيما بعد) ولكن ألا يعد ذلك رفضا للإرادة الشعبية التي جاءت بالرئيس، وهل يجدي تراجعه في إعادة الثقة بينه وبين المواطن؟! أما القائد الثاني والذي يحمل الجنسية النمساوية بالإضافة إلى المصرية فقد صرح لإحدى الصحف الأجنبية قائلا "أنا غير مهتم بالديمقراطية ولا بالشعب، ولكن ما يعنيني ألا يستمر الإسلاميون في الحكم"، فهل هذا حديث من يسعى إلى الإنقاذ؟! وإنقاذ من؟! والفارس الثالث للجبهة ما زال الكثيرون ينظرون إليه على أنه من أركان النظام السابق، بل هو فاعل أساسي في استمراره طوال العقود الماضية. ومن ثم شكلت نظرة المواطن لهؤلاء القادة الضلع الثاني للتساؤل هل تكذب الجبهة أم تتجمل؟

ثالثا: من يساند الجبهة ويقف وراءها؟

من المعروف أن عدالة القضية لا تكفي وحدها مبررا للدفاع عنها ولكن شرف المنتمين إليها والمؤيدين لها عامل أساسي في تأييد الآخرين لها. ولو نظرنا إلى الجبهة لوجدنا أن أشد المؤيدين لها هما مؤسستا الإعلام والقضاء، وبدلاً من أن يكون ذلك عامل قوة للجبهة صار عامل ضعف، فالمواطن ينظر إلى هاتين المؤسستين نظرة– للأسف- فيها الكثير من الشك والريبة والقلق والخوف، وكما نعلم فقد كان تطهيرهما شعارا من شعارات ثورة يناير، والكثير من المليونيات التي دعت إليها قوى الثورة مجتمعة (قبل أن ينفرط عقدها) كان يطالب بتطهير القضاء والإعلام... ومن العجيب أيضا أن يصرح أحد المنتمين إلى الجبهة "ومن قال إن إقالة النائب العام عبدالمجيد محمود كان مطلبا ثوريا؟!"، وكأنه يعتقد أن الشعب كله أصيب بفقدان الذاكرة، وذلك بالإضافة لدعم الكثيرين من رجال النظام السابق سواء من داخل مصر أو الهاربين في دول عربية وأجنبية للجبهة، كل ذلك أكمل أضلاع مثلث التساؤل هل تكذب الجبهة أم تتجمل؟

إذا كانت هذه (المقال السابق والحالي) هي الحال بلا لفّ ولا دوران– كما نقول- فما الحل؟  

قد يعتقد البعض أن الحل فقط في سلوك قادة الإخوان وقادة الجبهة، ورغم أن هذا أمر لا يمكن إنكاره إلا أن الحل الحقيقي في يد المواطن البسيط الذي يجب أن يؤمن بدوره وقدرته على بناء مستقبله الذي يحلم به ويدافع عنه، فالمطلوب من المواطن الذي ينتمي إلى الإخوان أو يتعاطف معهم باختصار ألا يجعل انتماءه إلى مصر أقل من انتمائه إليهم، ومن المواطن الذي يكره الإخوان أو يرفضهم ألا يجعل كرهه للإخوان أكبر من حبه لمصر... فهل ينجح المواطن في ذلك؟