من ملتقى عُمان الشعري الثالث والذي أقيم من الفترة 25 سبتمبر وحتى 2 أكثوبر 2013م، عُدت محمّلا بكثير من الشعر، والحلوى العمانية و... الأصدقاء!

Ad

الملتقى يُنظّم للسنة الثالثة على التوالي بجهدٍ شخصي من بعض الشعراء في سلطنة عمان يقودهم الشاعر فهد السعدي وبمبادرة منهم بل وعلى نفقتهم الخاصة، يدعمهم بعض المشايخ والأعيان المؤمنين بهذه التظاهرة الشعرية والمحبين لوطنهم والحريصين على المساهمة بكل عملٍ يضيف لسماء عمان غيمة أخرى تمطر الجمال.

أقيم الملتقى في خضراء آل سعد وهي قرية تابعة لولاية السويق تبعد عن العاصمة مسقط حوالي 120 كم، ليس في هذه المنطقة سوى فندق وحيد وقد كان مقرّا لضيوف الملتقى من شعراء وإعلاميين، الفندق عبارة عن منتجع جميل على البحر، يبعد عن بيوت القرية بضع كيلومترات، وإذا ما اقتضتك الحاجة لأن تذهب للقرية لأي سبب ستكتشف أن طريق عودتك لن يكون سهلاً ولا هيّناً بأي حال من الأحوال، ليس بسبب جهلك بمعرفة الدرب، وإنما بسبب جهلك بكيفية الاعتذار من كل يد عمانية تصافحك في تلك القرية وتصرّ على اصطحابك معها لتناول الغداء أو العشاء أو لتناول القهوة وبعض الحلوى وذلك في شرعهم أضعف الإيمان بواجب الضيافة!

لن تستطيع الخلاص بسهولة من سور قلوبهم المطرّزة بزهر اللوز، ولن تكون محاولاتك في التملّص من بخور مشاعرهم هيّنة، وقطعاً لن تجد في مخزونك اللغوي من الكلمات ما يوازي صدق حفاوتهم نضرةً وخضرةً، كل من تصادفه في تلك القرية يفعل ذلك ليس لأنه يعرف من أنت،ولكن لأنه عرف فقط أنك ضيفاً في السلطنة!

هذا ما ستجده عند البسطاء من الناس هناك، أما مشايخ وأعيان تلك المنطقة فلهم حكاية أخرى لا تقل جمالاً.

كان لضيوف الملتقى شرف تلبية دعوات بعضا منهم في بيوتهم، فذهلوا مما وجدوه من كرم حملته الصدور قبل الموائد، ومن أدب جمّ وحسن خلق أصيل، وتواضع من الكبير قبل الصغير... طيبتهم آسرة، تنقش صورة من الحناء لعمان في قلوب ضيوفها لا تُمحى مع الوقت ولا يبليها الزمن.

الملتقى وبرغم أنه كان بجهود شخصية من بعض الشعراء الشباب في السلطنة، إلا أنه كان رائعاً بحقّ، فما نقص من كمال بسبب نقص في الإمكانات وتحديداً المادية، عوّضته تلك المحبة الصادقة  التي حملتها قلوب أولئك الشباب لكل المدعوين من مختلف دول المنطقة، ورغبتهم الحقيقية في إنجاح عمل ثقافي مميز يحسب للسلطنة كلها وليس لأشخاص، وقبل ذلك وبعده حبهم العظيم الواضح لعمان التي تستحق الحب فعلاً، كل هؤلاء الشباب كانوا متطوعين، خصصوا وقتهم كله لخدمة الضيوف طوال أيام الملتقى، وكانوا ينقلون الضيوف في سياراتهم الخاصة حتى في مشاوير الضيوف الخاصة والتي تستغرق الساعات الطوال، ولا ترى منهم أبداً سوى تلك الابتسامة الفرحة وكأنما المخدوم هو من تفضل على الخادم بطلب الخدمة!

مذهلون أولئك الشباب ومفخرة حقيقة لأي وطن!

الملتقى تضمّن ثماني أمسيات في ثماني ليالٍ متتالية، وكل أمسية تحت رعاية أحد مشايخ أو أعيان السلطنة، كانت أشبه بعرسٍ شعري باذخ، وضمّت نخبة من الشعراء من السلطنة ومن دول الخليج، ملأوا القلوب شعراً، والسماء مزناً، والبحر نوارساً، الشعراء في تلك الأمسيات أبدعوا... وأدهشوا... وتركت النجوم منازلها في السماء لتتخذ مقاعد لها على الكراسي على هيئة: جمهور أتى ليُصغي لموسيقى الشعر، ويطرب خاشعاً!

وكان الضيوف بعد كل أمسية مدعوين في بيت أحد وجهاء المنطقة لتناول العشاء والسمر حتى وقت متأخر من الليل، بعدها نعود جميعا إلى الفندق لنفترش رمال البحر وما تبقى من الشعر والأحاديث الطريفة ومقالب الثنائي الجميل دكتور ماجد الرشدان وخالد السبيعي.

في سلطنة عمان... كان للشعر سلطنة.