لا تزال ليبيا مع بعد الثورة على نظام القذافي تخوض معارك الانتقال السياسي وسط فوضى امنية ودعوات للحكم الذاتي والانفصال التي بلغت ذروتها مع اعلان زعيم جماعة سياسية في إقليم برقة الليبي الغني بالنفط الحكم الذاتي في المنطقة خلال كلمة ألقاها يوم السبت مما يبرز الضغط المتزايد لتبني هيكل حكومي اتحادي في الدستور الجديد.

Ad

تم الاعلان امس عن تحويل اقليم برقة الى اقليم فيدرالي يدير شؤونه بشكل مستقل في اطار الدولة الليبية فيما جددت ليبيا تمسكها بمحاكمة سيف الاسلام القذافي على اراضيها.

وقال الزبير خلال احتفال أقيم اليوم السبت بمدينة المرج قرب بنغازي "إن شرعيتنا مستمدة من أبناء برقه وقبائلها ونحن نستعمل هذه الشرعية لصالح البلاد وليس لصالحنا".

وأضاف أن برقه "تستحق أن يكون لها حرية في تكوين إرادتها"، موضحا أنه سبق وأن طالب برلمان وحكومة بلاده بإجراء استفتاء لهذه المنطقة غير أنه قال إن كل مراسلاته لم تلق الاهتمام وجوبهت بالإهمال وبالهجوم.

وصدر في ختام الاحتفال بيان أكد فيه المشاركون أن برقة تعد إقليما فيدراليا من هذا اليوم معتمدا على الدستور الذي صدر العام 1951.

وقد قرر الإقليم في بيانه إنشاء برلمان برقة المكون من مجلسين للشيوخ والنواب مكونا من جميع مكونات برقه دون إقصاء حتى تجرى انتخابات في هذا الإقليم وإنشاء حكومة للإقليم بالتعاون مع كافة الإطراف وقوة دفاع تخص الإقليم تقوم بواجبها بمسانده الجيش والأمن العام.

ورفض الإقليم في بيانه الالتزام بأي قانون فرض بتهديد السلاح كقانون العزل السياسي مطالبا البرلمان والحكومة بتخصيص ميزانية للإقليم في فرع المصرف المركزي في بنغازي.

وتعهد الإقليم في بيانه التعاون مع جيران الإقليم في تصحيح الأمن ومكافحة الهجرة غير الشرعية ومحاربة المخدرات واحترام كافة الاتفاقيات المبرمة مع دول العالم.

وأوضح أن ليبيا في بدايات تأسيسها من قبل الملك إدريس السنوسي كانت تضم ثلاثة أقاليم، طرابلس، وبرقة، وفزان غير أن الملك وبعد عدة سنوات ألغى النظام الفيدرالي وأعلن ليبيا موحدة.

ولا يتمتع أحمد الزبير السنوسي رئيس مجلس برقة، وأحد الأقارب البعيدين لآخر ملوك ليبيا، بأي سلطة رسمية في الفترة الانتقالية الحالية ولم يتضح كيف سيستطيع تنفيذ إعلان الحكم الذاتي على أرض الواقع.

ورغم ذلك يمثل مجلس برقة الفصائل في الشرق والتي اصبحت اكثر توحدا بسبب القلق بشأن كيفية إرساء حكم القانون في بلد يعج بالأسلحة والميليشيات المتنافسة بعد عامين من انتهاء الحرب التي اطاحت بالديكتاتور الراحل معمر القذافي.

وقال المؤتمر الوطني العام في طرابلس إنه سيشكل لجنة للنظر في إعلان السنوسي الذي تضمن تعهدات بتشكيل برلمان جديد وقوة أمنية جديدة للمنطقة.

في سياق متصل، اعلنت السلطات الليبية الاحد اتخاذ سلسلة اجراءات لتعزيز الامن في جنوب البلاد بعد اتهامها بانها تحولت مصدر عدم استقرار بالنسبة الى جيرانها الجنوبيين.

وقال رئيس الوزراء الليبي علي زيدان في مؤتمر صحافي ان "مجلس الوزراء اتخذ جملة من الاجراءات والترتيبات خاصة ما يتعلق بالوضع في الجنوب اضافة الى حماية الحدود ومراقبتها وعدم السماح باختراقها".

وأعلن زيدان ان "تكليفا قد تم الاتفاق على إصداره لكتائب من الجيش والثوار السابقين للقيام بتنفيذ هذه المهمة واتفق على تخصيص مزايا مالية إضافة لمرتبات الضباط والجنود والثوار العاملين في تلك المناطق تصل إلى 1500 دينار زيادة على مرتباتهم الأصلية أثناء تواجدهم في هذه المنطقة".

من جهة اخرى، اعلن زيدان ان "فريقا استشاريا مدنيا تابعا للاتحاد الاوروبي" سيصل الى ليبيا في الايام المقبلة لمساعدتها في ضبط حدودها.

ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في اكتوبر 2011، اخفقت السلطات الليبية الجديدة في بسط الامن في جنوب البلاد حتى بات مصدر قلق للدول المجاورة وخصوصا تشاد والنيجر.

وفي هذا السياق، اوضح الرئيس النيجري محمد ايسوفو ان المهاجمين الذين نفذوا هجومين انتحاريين في النيجر في 23 مايو الفائت جاؤوا من جنوب ليبيا.

لكن زيدان نفى هذه الاتهامات مكررا ان بلاده لا يمكن ان تتحول مصدر قلق او عدم استقرار لجيرانها.

غير ان خبراء ودبلوماسيين غربيين اعتبروا ان الجنوب الليبي تحول في الاشهر الاخيرة احد معاقل الخلايا الجهادية وخصوصا بعد طرد الجماعات الاسلامية المسلحة من شمال مالي.