يرى المتابعون للتطورات السياسية المتعلقة بالمواقف المتناقضة من دعوة الرئيس نبيه بري مجلس النواب إلى عقد جلسات تشريعية، ومن الشروط المتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة، أن «قوى 14 آذار» تحاول الاستفادة من أخطاء التعاطي السياسي مع «عملية 7 آيار 2008»، بحيث تعمل على منع «حزب الله» من الاستفادة السياسية من العملية العسكرية التي نفذها الجيش اللبناني ضد مجموعة الشيخ أحمد الأسير في صيدا.

Ad

ويتم التداول بمعلومات في الأوساط القيادية لـ»قوى 14 آذار» مفادها أن حزب الله الذي كان له دور أساسي في إيصال الأمور إلى ما وصلت اليه بين الاسير والجيش اللبناني، ومن ثم إلى محاولة وضع الطائفة السنية بكاملها في مواجهة مع الجيش، يحاول من خلال هذا السيناريو تحويل الأنظار عن مشاركته في العمليات الحربية الى جانب جيش النظام في سورية، وهي المشاركة التي وضعته في مواجهة مع شرائح واسعة من الشعبين اللبناني والسوري، والأهم في مواجهة مع رموز الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الذي اتخذ مواقف واضحة وصريحة وعلنية برفض تدخل حزب الله في سورية، وبرفض الاعتداءات السورية على الأراضي اللبنانية.

وتقر قيادات في «قوى 14 آذار» بنجاح حزب الله في تحقيق بعض من أهدافه، لا سيما لناحية تحويل الأنظار عما يقوم به في سورية من جهة، ولناحية وضع قسم كبير من الرأي العام السني في مواجهة مع الدولة اللبنانية ومؤسساتها من جهة ثانية، لكن هذه القيادات تؤكد أنها في المقابل تعمل كل ما في وسعها لمنع حزب الله من ترجمة هذه الأجواء السياسية والإعلامية الى مكاسب سياسية عملية على أرض الواقع.

وفي هذا الإطار تتطلع قيادات «قوى 14 آذار» إلى الآتي:

1 - محاولة استعادة التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من خلال تعطيل الجلسات النيابية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، كواحد من أساليب الضغط على «قوى 8 آذار» لتسهيل تشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس تمام سلام، وبالشروط التي يريدها الرئيس المكلف وهي شروط قريبة جدا من وجهة نظر «قوى 14 آذار»، لا سيما لناحية تركيبتها الخالية من القدرة التعطيلية لحزب الله وحلفائه، وللتمثيل المباشر لهذه القوى.

2 - العمل على إعادة تسليط الضوء على المطالب الخاصة ببسط سلطة الدولة اللبنانية على كل أراضيها بقواها الذاتية، وهي المطالب التي من شأنها لا سيما في حال نجحت «قوى 14 آذار» في تأمين الظروف المناسبة لإدراجها بطريقة من الطرق، سواء من خلال «إعلان بعبدا»، أو من خلال أي صيغة أخرى، في البيان الوزراي للحكومة المقبلة، أن تعيد المواجهة الى نصابها الحقيقي بين حزب الله من جهة ومنطق الدولة والمؤسسات الشرعية من جهة أخرى.

3 - منع حزب الله و»قوى 8 آذار» من المضي قدما في وضع يدها على مفاصل الدولة اللبنانية وقراراتها، لا سيما من خلال إحداث الفراغ في المواقع التي لا يمكن لهذه القوى أن تمسكها بشكل مباشر، وهو ما يفسر مسارعة «قوى 14 آذار» الى المطالبة بالتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي.

ويتوقع المراقبون في ضوء هذه المقاربات مرحلة سياسية وإعلامية حامية، لا تخلو من سخونة أمنية يلجأ إليها حزب الله وحلفاؤه بين الحين والآخر، لا سيما في كل مرة يشعرون بأنهم غير قادرين على الوصول إلى أهدافهم بالوسائل الدستورية والسياسية.