قررت المحكمة الدستورية إرجاء النظر في ثمانية طعون انتخابية، بينها "الصوت الواحد"، إلى جلسة 3 فبراير المقبل، بينما قررت حجز طعن تاسع إلى جلسة 20 الجاري للنطق بالحكم، بعدما قرر الطاعنون أمام المحكمة رغبتهم في ترك الخصومة والتنازل عن الطعن.

Ad

وشهدت جلسات المحكمة، التي عقدت امس في مقر المحكمة الجديد، والتي خصصت لها قاعة مسرح قصر العدل، مرافعات من الطاعنين، أولهم النائب السابق المحامي عبدالله الرومي، الذي طلب من المحكمة الحكم بعدم دستورية المرسوم بالقانون الخاص بتعديل المادة الثانية من قانون الدوائر اللنتخابية، "لأنه مزق المجتمع ولم يحافظ على وحدته وجاء مخالفا للدستور، واننا ننتظر من المحكمة الدستورية أن تصدر حكمها العادل بعدم دستورية المرسوم بقانون، وأن تعيد المراكز القانونية التي أهدرت بعد صدوره".

وقال المحامي الرومي إن "العملية الانتخابية التي أجريت لم ترس دعائم العدالة والمساواة والمنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص بين المرشحين، ما ترتب عليه إضعاف قدرة الناخبين وحقوقهم في اختيار ممثليهم في مجلس الأمة، وفقا لقواعد تتوافق مع أحكام الدستور والقانون وقواعد تمثيل الأمة بمنافسة عادلة ونظام انتخابي لا يفتأت على حق الناخب، ويقيد قدرته الانتخابية على نحو يتعذر معه حسن سير قيامهم كناخبين في الدوائر الانتخابية".

قواعد العدالة

وأكد أنه يصمم على صحيفة الطعن المقدمة منه إلى المحكمة بمخالفة المرسوم بقانون بتعديل المادة الثانية من قانون الدوائر الانتخابية بشأن الصوت الواحد، بعد أن ثبت إخلاله بقواعد العدالة والمساواة والفرص المتكافئة في تمثيل الأمة، والإخلال بمبدأ أن عضو مجلس الأمة يمثل الأمة بأسرها وليس جزءا منها.

وشدد على ان "مرسوم دعوة الناخبين لا يتوافق مع قواعد الدستور واحكام القانون، لعدم صدوره من حكومة مختصة، لعدم أدائها اليمين أمام مجلس الأمة، علاوة على مخالفة المرسوم احكام الدستور بشأن مبادئ الانتخاب وضماناته وصدوره من السلطة التنفيذية دون توافر شرط الضرورة الذي نصت عليه المادة 71 من الدستور".

وذكر أن مرسوم الصوت الواحد قصر حق الانتخاب على التصويت لمرشح واحد، وهذا القيد ينطوي على مخالفة للعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، كما يقلص حق الناخب في التصويت والاختيار بين المرشحين في الدائرة، علاوة على إخلاله بالمادة 108 من الدستور، حيث إنه قصر حق الناخب في الاختيار بين المرشحين في الدائرة التي يمارس فيها حقه الانتخابي على منح صوته لمرشح وحيد.

من جهتهما، طالب النائبان خالد الشطي وعبدالحميد دشتي، اللذان حضرا أمام المحكمة الدستورية لتمثيل وجهة نظر مجلس الأمة، بإرجاء النظر في الطعن، والسماح لهما في الجلسة المقبلة بتقديم الدفاع الكامل، ومحضر اعتماد مجلس الأمة للمرسوم بقانون الخاص بتعديل المادة الثانية من قانون تعديل الدوائر الانتخابية.

دفاع الحكومة

من جهته، قدم دفاع الحكومة، الممثل في إدارة الفتوى والتشريع، بحضور المستشارين جمال الجلاوي وصلاح الماجد وعلي الرشيدي وأحمد العماري، مذكرة بدفاعه وحافظة مستندات تتضمن صورة من الخطاب الأميري الذي أدلى به سمو الامير، والذي تضمن أسباب صدور المرسوم بقانون الخاص بتعديل قانون الدوائر الانتخابية.

وأكدت الحكومة في الدفاع المقدم منها امام المحكمة سلامة المرسوم بقانون الصادر، تفعيلا للمادة 71 من الدستور، علاوة على أن مجلس الأمة وافق عليه، ما يتطابق مع حكم المادة نفسها.

ولفتت إلى وجود أخطار خارجية وداخلية تمس كيان الدولة والأمن الاجتماعي والاقتصادي فيها، من واقع خطاب سمو أمير البلاد المؤرخ في 19/10/2012، وقد آثر سموه عدم الإفصاح عن الخارجية منها لأمور قدرها حفاظا على علاقات الكويت مع غيرها من الدول، بينما عدد الكثير من الأخطار الداخلية، وإن كان لم يحصرها، يقينا لاعتبارات وملاءمات لم يشأ بيانها علانية، حرصا منه على العلاقات والروابط بين أفراد الشعب في الداخل.

وذكرت ان تلك المخاطر استوجبت التدخل الحاسم لسمو الأمير رئيس الدولة، عن طريق استخدام حقوقه المنصوص عليها في الدستور، وأصدر توجيهاته في خطابه لمواجهة تلك المخاطر، للحفاظ على المصالح العامة العليا والأساسية  للدولة.

وقالت إن سمو الأمير بعد أن أصدر المرسوم رقم 241 لسنة 2012 بحل مجلس أمة 2009 للمرة الثانية، وهو الذي عاد بحكمي المحكمة الدستورية –سالفي الذكر- أصدر مرسوما بالقانون رقم 20 لسنة 2012 بتعديل القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية، مستهدفا الحفاظ على الأمن والسلام الاجتماعي، وحتى تكون عملية الانتخاب أكثر تعبيرا عن واقع ومفردات مكونات الإرادة الشعبية، وتبع ذلك إصداره المرسوم بالقانون رقم 21 لسنة 2012 بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات.

أعمال سياسية

ودفعت الحكومة في طعن الصوت الواحد، وهو الدفاع ذاته الذي رد على الطعون الأخرى، بعدم اختصاص سائر المحاكم ولائيا، بما فيها المحكمة الدستورية، في الفصل بهذا النزاع، لتعلقه بأعمال سياسية من قبيل أعمال السيادة التي لا يجوز للمحاكم التصدي لها، وفقا لحكم المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 23 لسنة 1990 بشأن تنظيم القضاء.

كما دفعت بعدم اختصاص سائر المحاكم ولائياً بتقدير مدى وجود حالة الضرورة التي تستدعي إصدار القوانين بمراسيم أميرية، باعتبار ذلك معقودا دستوريا لسمو أمير البلاد رئيس الدولة وحده دون معقب عليه في ذلك من كل المحاكم، ولكون ذلك التقدير محصورا في السلطة التشريعية دون غيرها.

وخلصت في دفاعها إلى أن الوقائع هي التي أوجبت استخدام سمو الأمير رئيس الدولة سلطاته الدستورية بإصدار حزمة أعمال سياسية متكاملة ومترابطة للحفاظ على كيان الدولة ومقتضيات أمنها الخارجي والداخلي لتحقيق المصالح العامة العليا والأساسية، بما استتبع إصدار مرسومي الضرورة رقمي 20 و21 لسنة 2012، ومرسوم رقم 258 لسنة 2012 بعد حل مجلس أمة 2009 للمرة الثانية بالمرسوم رقم 241 لسنة 2012، لمواجهة الأخطار الخارجية والداخلية المحيطة بالدولة التي كشف سموه عن بعضها وأحجم عن ذكر بعضها الآخر لأمور قدّرها مراعاة منه للمصلحة العامة، في خطابه الموجه للشعب بتاريخ 19/10/2012، ما يعني عدم اختصاص سائر المحاكم ولائياً بنظر الطعن في هذه الأعمال السياسية المرتبطة بعلاقات السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية، والمتصلة بأعمال السيادة، المحظور على المحاكم الفصل فيها وفقا لحكم المادة الثانية من المرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990 بتنظيم القضاء.

ولفتت إلى أن تقدير حالة الضرورة ومقتضياتها منوط بسمو الأمير رئيس الدولة دون معقب عليه في ذلك من سائر المحاكم، باعتبار ذلك شرطا سياسيا وليس قانونيا تتولاه السلطة التشريعية دون غيرها إقرارا أو رفضا.

وقف أعمال المجلس الحالي

في الطعون الأخرى التي نظرتها المحكمة الدستورية برز الطعن المقدم من أحد ناخبي الدائرة الأولى والذي طالب محاميه محمد عبدالله العنزي أمام المحكمة بالحكم بصفة مستعجلة بوقف أعمال المجلس الحالي وذلك لان نتائج انتخابات مجلس الأمة تم إعلانها بتاريخ 5 ديسمبر الماضي في حين أن مرسوم الدعوة لعقد مجلس الأمة تم بتاريخ 3 ديسمبر الماضي.

وكان يتعين أن يصدر مرسوم الدعوة بعد نشر النتائج إلا أن الدعوة تمت قبل النتائج وتم عقد جلسة 16 الجاري ولم يتم عرض المراسيم على الجلسة أو إقرارها وبالتالي فالمجلس الحالي يعد باطلا وكافة المراسيم بقوانين التي يفترض ان تعرض أمامه وهو ما يتعين معه على المحكمة الدستورية أن تحكم بصفة مستعجلة بوقف أعمال مجلس الأمة الحالي لبطلانه لان استمراره يمثل ضررا كبيرا في البلاد.

طعن النائب السابق الملا

في الطعن الثاني الذي نظرته المحكمة الدستورية أمس المقدم من النائب السابق صالح الملا بصفته أحد الناخبين طالب المحامي عنه عبدالله الأحمد المحكمة الدستورية بالقضاء له بطلباته الواردة بصحيفة الطعن إلا أن دفاع المجلس والنواب المطعون في عضويتهم طالبوا المحكمة بالسماح لهم بالاطلاع على صحف الطعن، وهنا طلب الأحمد من المحكمة الدستورية إذا قررت تأجيل نظر الطعن أن يكون ذلك لجلسة قريبة وذلك لأن البلاد تضررت كثيرا من مرسوم الصوت الواحد والذي لاسبيل لإلغائه سوى قضاء هذه المحكمة.